الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿قالَ هي راوَدَتْنِي عن نَفْسِي وشَهِدَ شاهِدٌ مِن أهْلِها إنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وهو مِن الكاذِبِينَ﴾ ﴿وَإنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وهو مِن الصادِقِينَ﴾ ﴿فَلَمّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قالَ إنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إنَّ كَيْدِكُنَّ عَظِيمٌ﴾ ﴿يُوسُفُ أعْرِضْ عن هَذا واسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إنَّكِ كُنْتِ مِنَ الخاطِئِينَ﴾
قالَ نُوفٌ الشامِيُّ: كانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَلامُ لَمْ يُبِنْ عَلى كَشْفِ القِصَّةِ، فَلَمّا بَغَتْ عَلَيْهِ غَضِبَ فَقالَ الحَقَّ، فَأخْبَرَهُ أنَّها هي راوَدَتْهُ عن نَفْسِهِ، فَرُوِيَ أنَّ الشاهِدَ كانَ الرَجُلَ ابْنَ عَمِّها، قالَ: انْظُرْ إلى القَمِيصِ، فَإنْ كانَ قَدُّهُ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ، أو مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ، قالَهُ السُدِّيُّ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَ رَجُلًا مِن خاصَّةِ المَلِكَ، قالَهُ مُجاهِدٌ وغَيْرُهُ. وقِيلَ: إنَّ الشاهِدَ كانَ طِفْلًا في المَهْدِ فَتَكَلَّمَ بِهَذا، قالَهُ أيْضًا ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو هُرَيْرَةَ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وهِلالُ بْنُ يَسافٍ والضَحّاكُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
ومِمّا يُضْعِفُ هَذا أنَّ في صَحِيحِ البُخارِيِّ، ومُسْلِمٍ: « "لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إلّا ثَلاثَةٌ: عِيسى بْنُ مَرْيَمَ، وصاحِبُ جُرَيْجَ، وابْنُ السَوْداءِ الَّذِي تَمَنَّتْ لَهُ أنْ يَكُونَ كالفاجِرِ الجَبّارِ"،» فَقالَ: "لَمْ يَتَكَلَّمْ"، وأسْقَطَ صاحِبَ يُوسُفَ مِنها، ومِنها أنَّ الصَبِيَّ لَوْ تَكَلَّمَ لَكانَ الدَلِيلُ نَفْسَ كَلامِهِ دُونَ أنْ يَحْتاجَ إلى الِاسْتِدْلالِ بِالقَمِيصِ، وأسْنَدَ الطَبَرِيُّ إلى ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: « "تَكَلَّمَ في المَهْدِ أرْبَعَةٌ"» فَذَكَرَ الثَلاثَةَ وزادَ صاحِبَ يُوسُفَ، وذَكَرَ الطَبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ ابْنَ ماشِطَةِ فِرْعَوْنَ تَكَلَّمَ في المَهْدِ فَهم -عَلى هَذا- خَمْسَةٌ، وقالَ مُجاهِدٌ أيْضًا: الشاهِدُ القَمِيصُ.
(p-٧٣)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا ضَعِيفٌ لِأنَّهُ لا يُوصَفُ بِأنَّهُ مِنَ الأهْلِ.
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "مِن قُبُلٍ" و”مِن دُبُرٍ" بِضَمِّ الباءَيْنِ وبِالتَنْوِينِ، وقَرَأ ابْنُ يَعْمُرَ، والجارُودُ بْنُ أبِي سَبْرَةَ، ونُوحٌ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ: "مِن قُبُلُ" و”مِن دُبُرُ" بِثَلاثِ ضَمّاتٍ مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ، قالَ أبُو الفَتْحِ: هُما غايَتانِ بُنِيَتا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ﴾ [الروم: ٤] قالَ أبُو حاتِمٍ: وهَذا رَدِيءٌ في العَرَبِيَّةِ جِدًّا، وإنَّما يَقَعُ هَذا البِناءُ في الظُرُوفِ، وقَرَأ الحَسَنُ "مِن قَبْلٍ" و”مِن دُبْرٍ" بِإسْكانِ الباءَيْنِ والتَنْوِينِ، ورُوِيَتْ عن أبِي عَمْرٍو، ورُوِيَ عن نُوحٍ القارِّيِّ أنَّهُ أسْكَنَ الباءَيْنِ وضَمَّ الأواخِرَ ولَمْ يُنَوِّنْ، ورَواها عَنِ ابْنِ أبِي إسْحاقَ عن يَحْيى بْنِ يَعْمُرَ.
وسُمِّيَ المُتَكَلِّمُ بِهَذا الكَلامِ شاهِدًا مِن حَيْثُ دَلَّ عَلى الشاهِدِ، ونَفْسُ الشاهِدِ هو تَخْرِيقُ القَمِيصِ.
وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "فَلَمّا رَأى قَمِيصَهُ عُطَّ مِن دُبُرٍ". والضَمِيرُ في "رَأى" هو لِلْعَزِيزِ، وهو القائِلُ: ﴿إنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ﴾، قالَهُ الطَبَرِيُّ، وقِيلَ: بَلِ الشاهِدُ قالَ ذَلِكَ، والضَمِيرُ في "إنَّهُ" يُرِيدُ مَقالَها المُتَقَدِّمَ في الشَكْوى بِيُوسُفَ.
ونَزَعَ لِهَذِهِ الآيَةِ مَن يَرى الحُكْمَ بِالأمارَةِ مِنَ العُلَماءِ؛ فَإنَّها مُعْتَمَدُهُمْ، (p-٧٤)و" يُوسُفُ " في قَوْلِهِ: ﴿يُوسُفُ أعْرِضْ عن هَذا﴾ مُنادًى -قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ - ناداهُ الشاهِدُ، وهو الرَجُلُ الَّذِي كانَ مَعَ العَزِيزِ و﴿أعْرِضْ عن هَذا﴾ مَعْناهُ: عَنِ الكَلامِ بِهِ، أيِ اكْتُمْهُ ولا تَتَحَدَّثْ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْها فَقالَ: ﴿واسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ﴾ أيِ: اسْتَغْفِرِي زَوْجَكِ وسَيِّدَكِ، وقالَ: ﴿مِنَ الخاطِئِينَ﴾ ولَمْ يَقُلْ: "مِنَ الخاطِئاتِ" لِأنَّ الخاطِئِينَ أعَمُّ، وهو مِن: خَطِئَ يَخْطَأُ خَطْأً وخَطَأً، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ لَعَمْرُكَ إنَّما خَطَئِي وصَوْبِي ∗∗∗ عَلَيَّ، وإنَّما أتْلَفْتُ مالِيَ
ويُنْشِدُ بَيْتَ أُمِّيَّةَ بْنِ أبِي الصَلْتِ:
؎ عِبادُكَ يُخْطِئُونَ وأنْتَ رَبٌّ ∗∗∗ ∗∗∗ بِكَفَّيْكَ المَنايا والحُتُومُ
{"ayahs_start":26,"ayahs":["قَالَ هِیَ رَ ٰوَدَتۡنِی عَن نَّفۡسِیۚ وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۡ أَهۡلِهَاۤ إِن كَانَ قَمِیصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلࣲ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ","وَإِن كَانَ قَمِیصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرࣲ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ","فَلَمَّا رَءَا قَمِیصَهُۥ قُدَّ مِن دُبُرࣲ قَالَ إِنَّهُۥ مِن كَیۡدِكُنَّۖ إِنَّ كَیۡدَكُنَّ عَظِیمࣱ","یُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَـٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِی لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔینَ"],"ayah":"قَالَ هِیَ رَ ٰوَدَتۡنِی عَن نَّفۡسِیۚ وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۡ أَهۡلِهَاۤ إِن كَانَ قَمِیصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلࣲ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق