الباحث القرآني
(p-٧٠٣)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةِ النَصْرِ
وهِيَ مَدَنِيَّةٌ اجْتِماعًا.
قوله عزّ وجلّ:
﴿إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ﴾ ﴿وَرَأيْتَ الناسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ أفْواجًا﴾ ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾
قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ"، وسَألَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ جَمْعًا مِنَ الصَحابَةِ الأشْياخِ وبِالحَضْرَةِ ابْنُ عَبّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عنهُمْ، عن مَعْنى هَذِهِ السُورَةِ وسَبَبُها، فَقالُوا كُلُّهُمْ: مُقْتَضى ظاهِرُ ألْفاظِها أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أمَرَ عِنْدَ الفُتُوحِ الَّتِي فُتِحَتْ عَلَيْهِ -مَكَّةُ وغَيْرُها- بِأنْ يُسَبِّحَ رَبَّهُ ويَحْمَدَهُ ويَسْتَغْفِرَهُ، فَقالَ لِابْنِ عَبّاسٍ: فَما تَقُولُ أنْتَ يا بْنَ عَبّاسٍ فَقالَ: هو أجْلُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أعْلَمَهُ اللهُ تَعالى بِقُرْبِهِ إذا رَأى هَذِهِ الأشْياءَ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ ما أعْلَمُ مِنها إلّا ما ذَكَرْتَ. وهَذا المَنزَعُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ذَكَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وأصْحابُهُ، ومُجاهِدٌ وأصْحابُهُ، وقَتادَةُ والضَحّاكُ، ورَوَتْ مَعْناهُ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عنها عَنِ النَبِيِّ عَلَيْهِ (p-٧٠٤)الصَلاةُ والسَلامُ، «وَأنَّهُ ﷺ لَمّا فُتِحَتْ مَكَّةُ وأسْلَمَ العَرَبُ جَعَلَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ: "سُبْحانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ، اللهُمَّ إنِّي أسْتَغْفِرُكَ"، يَتَأوَّلُ القُرْآنَ في هَذِهِ السُورَةِ وقالَ لَها مَرَّةً: ما أراهُ إلّا حُضُورُ أجْلِي»، وتَأوَّلَهُ عُمَرُ والعَبّاسُ رَضِيَ اللهُ عنهُما بِحَضْرَةِ النَبِيِّ ﷺ فَصَدَقَهُما.
و"النَصْرُ" الَّذِي رَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَلَبَتُهُ لِقُرَيْشٍ وهَوازِنَ وغَيْرِ ذَلِكَ، و"الفَتْحُ" هو فَتْحُ مَكَّةَ والطائِفِ ومُدُنِ الحِجازِ وكَثِيرٍ مِنَ اليَمَنِ، و"دُخُولُ الناسِ في دِينِ اللهِ أفْواجًا"؛ كانَ مِن فَتْحِ مَكَّةَ إلى مَوْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ. قالَ أبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ رَحِمَهُ اللهُ في كِتابِهِ "الِاسْتِيعابُ في الصَحابَةِ" في بابِ أبِي خِراشٍ الهُذَلِيِّ -: لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِ ﷺ وفي العَرَبِ رَجُلٌ كافِرٌ، بَلْ دَخَلَ الكُلُّ في الإسْلامِ بَعْدَ حُنَيْنٍ والطائِفِ، مِنهم مَن قَدِمَ، ومِنهم مَن قَدِمَ وافِدُهُ، ثُمَّ كانَ بَعْدَهُ ﷺ مِنَ الرِدَّةِ ما كانَ ورَجَعُوا كُلُّهم إلى الدِينِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
والمُرادُ -واللهُ أعْلَمُ- العَرَبُ الأوثانُ، وأمّا نَصارى بَنِي تَغْلِبَ فَما أراهم أسْلَمُوا قَطُّ في حَياةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، لَكِنْ أعْطَوُا الجِزْيَةَ.
و"الأفْواجُ" الجَماعَةُ إثْرَ الجَماعَةِ، وكَما قالَ تَعالى: ﴿أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ﴾ [الملك: ٨]. وقالَ مُقاتِلٌ: المُرادُ بِـ "الناسِ" أهْلُ اليَمَنِ، وفَدَ مِنهم سَبْعُمِائَةُ رَجُلٍ، وقالَهُ عِكْرِمَةُ، وقالَ الجُمْهُورُ: المُرادُ جَمِيعُ وُفُودِ العَرَبِ؛ لِأنَّهم قالُوا: إذا فُتِحَ الحَرَمُ لِمُحَمَّدٍ وقَدْ حَماهُ اللهُ مِنَ الحَبَشَةِ وغَيْرِهِمْ، فَلَيْسَ لَكم بِهِ يُدانُ. «وَذَكَرَ جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِرْقَةَ الصَحابَةِ فَبَكى، وقالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: "دَخَلَ الناسُ في الدِينِ أفْواجًا وسَيَخْرُجُونَ مِنهُ أفْواجًا".»
(p-٧٠٥)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾ بِعَقِبِ "واسْتَغْفِرْهُ" تَرْجِيَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، جَعَلَنا اللهُ مِنهُمْ، وحَكى النَقّاشُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ النَصْرَ هو صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ، وأنَّ الفَتْحَ فَتَحُ مَكَّةَ، وقالَ ابْنُ عُمَرَ: نَزَلَتْ هَذِهِ السُورَةُ عَلى النَبِيِّ ﷺ بِمِنى في وسَطِ أيّامِ التَشْرِيقِ، في حِجَّةِ الوَداعِ، وعاشَ بَعْدَها ثَمانِينَ يَوْمًا أو نَحْوَها، ﷺ،.
كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ [النَصْرِ] والحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ","وَرَأَیۡتَ ٱلنَّاسَ یَدۡخُلُونَ فِی دِینِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجࣰا","فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا"],"ayah":"فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق