الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللهُ لَكم مِن رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنهُ حَرامًا وحَلالا قُلْ آللَّهُ أذِنَ لَكم أمْ عَلى اللهُ تَفْتَرُونَ﴾ ﴿وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللهِ الكَذِبَ يَوْمَ القِيامَةِ إنَّ اللهِ لَذُو فَضْلٍ عَلى الناسِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَشْكُرُونَ﴾ هَذِهِ المُخاطَبَةُ لِكُفّارِ العَرَبِ الَّذِينَ جَعَلُوا البَحائِرَ والسَوائِبَ والنَصِيبَ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بِهِ، وإنَّما اخْتَلَقُوهُ بِأمْرِهِمْ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْزَلَ﴾ لَفْظَةٌ فِيها تَجَوُّزٌ، وإنْزالُ الرِزْقِ إمّا أنْ يَكُونَ في ضِمْنِ إنْزالِ المَطَرِ بِالمَآلِ أو نُزُولِ الأمْرِ بِهِ الَّذِي هو ظُهُورُ الأثَرِ في المَخْلُوقِ مِنهُ المُخْتَرَعِ، ثُمَّ أمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ بِتَوْقِيفِهِمْ عَلى أحَدِ القِسْمَيْنِ، وهم لا يُمْكِنُهُمُ ادِّعاءُ إذْنِ اللهِ في ذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا أنَّهُمُ افْتَرَوْهُ، وهَذِهِ الآيَةُ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أخْرَجَ لِعِبادِهِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، ذَكَرَ ذَلِكَ الطَبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللهِ﴾ آيَةُ وعِيدٍ، لَمّا تَحَقَّقَ عَلَيْهِمْ بِتَقْسِيمِ الآيَةِ الَّتِي قَبْلَها أنَّهم مُفْتَرُونَ عَلى اللهِ، عَظَّمَ في هَذِهِ الآيَةِ جُرْمَ الِافْتِراءِ، أيْ: ظَنُّهم في غايَةِ الرَداءَةِ بِحَسَبِ سُوءِ أفْعالِهِمْ، ثُمَّ ثَنّى بِإيجابِ الفَضْلِ عَلى الناسِ في الإمْهالِ لَهم مَعَ الِافْتِراءِ والعِصْيانِ: والإمْهالُ داعِيَةٌ إلى التَوْبَةِ والإنابَةِ، ثُمَّ اسْتَدْرَكَ ذِكْرَ مَن لا يَرى حَقَّ الإمْهالِ ولا يَشْكُرُهُ ولا يُبادِرُ فِيهِ عَلى جِهَةِ الذَمِّ لَهُمْ، والآيَةُ بَعْدَ هَذا تَعُمُّ جَمِيعَ فَضْلِ اللهِ وجَمِيعَ تَقْصِيرِ الخَلْقِ في شُكْرِهِ لا رَبَّ غَيْرُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب