الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَما كانَ الناسُ إلا أُمَّةً واحِدَةً فاخْتَلَفُوا ولَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهم فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ فَقُلْ إنَّما الغَيْبُ لِلَّهِ فانْتَظِرُوا إنِّي مَعَكم مِن المُنْتَظِرِينَ﴾ ﴿وَإذا أذَقْنا الناسَ رَحْمَةً مِن بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهم إذا لَهم مَكْرٌ في آياتِنا قُلِ اللهُ أسْرَعُ مَكْرًا إنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ﴾
قالَتْ فِرْقَةٌ: المُرادُ آدَمُ، كانَ أُمَّةً واحِدَةً، ثُمَّ اخْتَلَفَ الناسُ بَعْدُ، وفي أمْرِ بَنِيهِ. وقالَتْ فِرْقَةٌ: المُرادُ نَسَمُ بَنِيهِ إذِ اسْتَخْرَجَهُمُ اللهُ مِن ظَهْرِهِ وأشْهَدَهم عَلى أنْفُسِهِمْ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: المُرادُ آدَمُ وبَنُوهُ مِن لَدُنْ نُزُولِهِ إلى قَتْلِ أحَدِ ابْنَيْهِ الآخَرَ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: المُرادُ: وما كانَ الناسُ إلّا أُمَّةً واحِدَةً في الضَلالَةِ والجَهْلِ بِاللهِ، فاخْتَلَفُوا فِرَقًا في ذَلِكَ بِحَسَبِ الجَهالَةِ. ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: كانَ الناسُ صِنْفًا واحِدًا مُعَدًّا لِلِاهْتِداءِ، واسْتِيفاءُ القَوْلِ في هَذا مُتَقَدِّمٌ في سُورَةِ البَقَرَةِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿كانَ الناسُ أُمَّةً واحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣]. وقَرَأ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ، وأبُو جَعْفَرٍ، ونافِعٌ، وشَيْبَةُ، وأبُو عَمْرٍو: (p-٤٦٤)"لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ" بِضَمِّ القافِ وكَسْرِ الضادِ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ: "لَقَضى" بِفَتْحِهِما عَلى الفِعْلِ الماضِي.
وقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَبِّكَ﴾ يُرِيدُ قَضاءَهُ وتَقْدِيرَهُ لِبَنِي آدَمَ بِالآجالِ المُوَقَّتَةِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ الكَلِمَةَ في أمْرِ القِيامَةِ وأنَّ العِقابَ والثَوابَ إنَّما كانَ حِينَئِذٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ الآيَةُ، يُرِيدُونَ بِقَوْلِهِمْ: ﴿آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ آيَةً تَضْطَرُّ الناسَ إلى الإيمانِ، وهَذا النَوْعُ مِنَ الآياتِ لَمْ يَأْتِ بِها نَبِيٌّ قَطُّ، ولا هي مُعْجِزاتٌ اضْطِرارِيَّةٌ، وإنَّما هي مُعَرَّضَةٌ لِلنَّظَرِ لِيَهْتَدِيَ قَوْمٌ ويَضِلَّ آخَرُونَ، وقَوْلُهُ: ﴿فَقُلْ إنَّما الغَيْبُ لِلَّهِ﴾ إنْ شاءَ فَعَلَ وإنْ شاءَ لَمْ يَفْعَلْ، لا يَطَّلِعُ عَلى غَيْبِهِ أحَدٌ، وقَوْلُهُ: ﴿فانْتَظِرُوا﴾ وعِيدٌ وقَدْ صَدَّقَهُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى بِنُصْرَتِهِ مُحَمَّدًا ﷺ، قالَ الطَبَرِيُّ: في بَدْرٍ وغَيْرِهِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا أذَقْنا الناسَ﴾ الآيَةُ، المُرادُ بِالناسِ في هَذِهِ الآيَةِ الكُفّارُ، وهي بَعْدُ تَتَناوَلُ مِنَ العاصِينَ مَن لا يُؤَدِّي شُكْرَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى عِنْدَ زَوالِ المَكْرُوهِ عنهُ، ولا يَرْتَدِعُ بِذَلِكَ عن مَعاصِيهِ، وذَلِكَ في الناسِ كَثِيرٌ. والرَحْمَةُ هُنا بَعْدَ الضَرّاءِ كالمَطَرِ بَعْدَ القَحْطِ والأمْنِ بَعْدَ الخَوْفِ والصِحَّةِ بَعْدَ المَرَضِ ونَحْوِ هَذا مِمّا لا يَنْحَصِرُ، والمَكْرُ: الِاسْتِهْزاءُ والطَعْنُ عَلَيْها مِنَ الكُفّارِ واطِّراحُ الشُكْرِ والخَوْفِ مِنَ العُصاةِ، ووَصْفُ مَكْرِ اللهِ بِالسُرْعَةِ وإنْ كانَ الِاسْتِدْراجُ بِمَهْلِهِمْ لِأنَّهُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ واقِعٌ لا مَحالَةَ، وكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ، قالَ أبُو حاتِمٍ: قَرَأ الناسُ: "إنَّ رُسُلَنا" بِضَمِّ السِينِ، وخَفَّفَ السِينَ الحَسَنُ، وابْنُ أبِي الحَسَنِ، وأبُو عَمْرٍو.
ويُقالُ: "أسْرَعُ" مِن سَرُعَ، ولا يَكُونُ مِن أسْرَعَ يُسْرِعُ، حَكى ذَلِكَ أبُو عَلِيٍّ، قالَ: ولَوْ كانَ مِن أسْرَعَ لَكانَ شاذًّا.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وقَدْ «قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ في نارِ جَهَنَّمَ: "لَهِيَ أسْوَدُ مِنَ القارِ"» وما حُفِظَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَلَيْسَ بِشاذٍّ. (p-٤٦٥)وَقَرَأ الحَسَنُ، والأعْرَجُ، ونافِعٌ، وقَتادَةُ، ومُجاهِدٌ: "تَمْكُرُونَ" بِتاءٍ عَلى المُخاطَبَةِ، وهي قِراءَةُ أهْلِ مَكَّةَ، وشِبْلٍ، وأبِي عَمْرٍو، وعِيسى، وطَلْحَةَ، وعاصِمٍ، والأعْمَشِ، والجَحْدَرِيِّ، وأيُّوبَ بْنِ المُتَوَكِّلِ، [وَقَرَأ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، ومُجاهِدٌ ] ورُوِيَتْ أيْضًا عن نافِعٍ، والأعْرَجِ: "يَمْكُرُونَ" عَلى الغَيْبَةِ. قالَ أبُو حاتِمٍ: قالَ أيُّوبُ بْنُ المُتَوَكِّلِ: في مُصْحَفِ أُبَيٍّ: "يا أيُّها الناسُ إنَّ اللهَ أسْرَعُ مَكْرًا وإنَّ رُسُلَهُ لَدَيْكم يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ".
{"ayahs_start":19,"ayahs":["وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّاۤ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ فَٱخۡتَلَفُوا۟ۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡ فِیمَا فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ","وَیَقُولُونَ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَیۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوۤا۟ إِنِّی مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِینَ","وَإِذَاۤ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةࣰ مِّنۢ بَعۡدِ ضَرَّاۤءَ مَسَّتۡهُمۡ إِذَا لَهُم مَّكۡرࣱ فِیۤ ءَایَاتِنَاۚ قُلِ ٱللَّهُ أَسۡرَعُ مَكۡرًاۚ إِنَّ رُسُلَنَا یَكۡتُبُونَ مَا تَمۡكُرُونَ"],"ayah":"وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّاۤ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ فَٱخۡتَلَفُوا۟ۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡ فِیمَا فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق