الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَأنْ أقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ولا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ ﴿وَلا تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ ولا يَضُرُّكَ فَإنْ فَعَلْتَ فَإنَّكَ إذًا مِن الظالِمِينَ﴾ ﴿وَإنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إلا هو وإنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشاءُ مَن عِبادِهِ وهو الغَفُورُ الرَحِيمُ﴾ المَعْنى: قِيلَ لِي: كُنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ وأقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ، ثُمَّ جاءَتِ العِبارَةُ بِهَذا التَرْتِيبِ، والوَجْهُ في هَذِهِ الآيَةِ بِمَعْنى المَنحى والمَقْصِدِ، أيِ:اجْعَلْ طَرِيقَكَ واعْتِمادَكَ لِلدِّينِ والشَرْعِ، و"حَنِيفًا" مَعْناهُ: مُسْتَقِيمًا عَلى قَوْلِ مَن قالَ: الحَنَفُ: الِاسْتِقامَةُ، وجَعَلَ تَسْمِيَةَ المُعْوَجِّ القَدَمِ أحْنَفَ عَلى وجْهِ التَفاؤُلِ. ومَن قالَ: "الحَنَفُ: المَيْلُ" جَعَلَ "حَنِيفًا" هاهُنا: مائِلًا عن حالِ الكَفَرَةِ وطَرِيقِهِمْ، و"حَنِيفًا" نَصْبٌ عَلى الحالِ، وقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَدْعُ﴾ مَعْناهُ: قِيلَ لِي: ولا تَدْعُ، فَهو عَطْفٌ عَلى "أقِمْ"، وهَذا الأمْرُ والمُخاطَبَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ إذا كانَتْ هَكَذا فَأحْرى أنْ يَتَحَرَّزَ مِن ذَلِكَ (p-٥٣٤)غَيْرُهُ، "وَما لا يَنْفَعُ ولا يَضُرُّ" هو الأصْنامُ والأوثانُ، والظالِمُ: الَّذِي يَضَعُ الشَيْءَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ﴾ الآيَةُ، مَقْصِدُ هَذِهِ الآيَةُ أنَّ الحَوْلَ والقُوَّةَ لِلَّهِ، ويُبَيِّنُ ذَلِكَ لِلنّاسِ بِما يُحِسُّونَهُ مِن أنْفُسِهِمْ، والضُرُّ لَفْظٌ جامِعٌ لِكُلِّ ما يَكْرَهُهُ الإنْسانُ كانَ ذَلِكَ في مالِهِ أو في بَدَنِهِ، وهَذِهِ الآيَةُ مُظْهِرَةٌ فَسادَ حالِ الأصْنامِ، لَكِنَّ كُلَّ مُمَيِّزٍ أدْنى مَيْزٍ يَعْرِفُ يَقِينًا أنَّها لا تَكْشِفُ ضُرًّا ولا تَجْلِبُ نَفْعًا. وقَوْلُهُ: ﴿وَإنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ﴾ لَفْظٌ تامُّ العُمُومِ، وخَصَّصَ النَبِيُّ ﷺ الفِقْهَ بِالذِكْرِ في قَوْلِهِ: « "مَن يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِينِ"»، وهو عَلى جِهَةِ التَشْرِيفِ لِلَفْقِهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهُوَ الغَفُورُ الرَحِيمُ﴾ تَرْجِيَةٌ وبَسْطٌ ووَعْدٌ ما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب