الباحث القرآني

قالَ تَعالى: ﴿إنّا إلى اللَّهِ راغِبُونَ﴾ [التوبة: ٥٩]. ولَمْ يَقُلْ: وإلى رَسُولِهِ، بَلْ جَعَلَ الرَّغْبَةَ إلَيْهِ وحْدَهُ. كَما قالَ تَعالى: ﴿فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ - وإلى رَبِّكَ فارْغَبْ﴾ فالرَّغْبَةُ والتَّوَكُّلُ والإنابَةُ والحَسْبُ لِلَّهِ وحْدَهُ، كَما أنَّ العِبادَةَ والتَّقْوى والسُّجُودَ لِلَّهِ وحْدَهُ. * (فصل) وأما الرغبة في الله وإرادة وجهه، والشوق إلى لقائه فهي رأس مال العبد وملاك أمره، وقوام حياته الطيبة، وأصل سعادته وفلاحه ونعيمه وقرة عينه. ولذلك خلق وبه أمر وبذلك أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولا صلاح للقلب ولا نعيم إلا بأن تكون رغبته إلى الله عز وجل وحده فيكون هو وحده مرغوبه ومطلوبه ومراده كما قال الله تعالى ﴿فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ وإلى رَبِّكَ فارْغَبْ﴾ وقال تعالى ﴿وَلَوْ أنَّهم رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ سَيُؤْتِينا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ورَسُولُهُ إنّا إلى اللَّهِ راغِبُونَ﴾ والراغبون ثلاثة أقسام: راغب في الله، وراغب فيما عند الله، وراغب عن الله. فالمحب راغب فيه، والعامل راغب فيما عنده، والراضي بالدنيا من الآخرة راغب عنه. ومن كانت رغبته في الله كفاه الله كل مهم، وتولاه في جميع أموره ودفع عنه ما لا يستطيع دفعه عن نفسه، ووقاه وقاية الوليد وصانه من جميع الآفات. ومن آثر الله على غيره آثره الله على غيره. ومن كان لله كان الله له حيث لا يكون لنفسه، ومن عرف الله لم يكن شيء أحب إليه منه، ولم تبق له رغبة فيما سواه إلا فيما يقربه إليه، ويعينه على سفره إليه. ومن علامات المعرفة الهيبة فكلما ازدادت معرفة العبد بربه ازدادت هيبته له وخشيته إياه كما قال الله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب