الباحث القرآني

وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَلَّما يَخْرُجُ في غَزْوَةٍ إلّا كَنّى عَنْها ووَرّى بِغَيْرِها، إلّا ما كانَ مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ لِبُعْدِ الشُّقَّةِ وشِدَّةِ الزَّمانِ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ وهو في جِهازِهِ للجد بن قيس - أحَدِ بَنِي سَلَمَةَ -: «يا جد هَلْ لَكَ العامَ في جِلادِ بَنِي الأصْفَرِ؟ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أوَتَأْذَنُ لِي ولا تَفْتِنِّي؟ فَواللَّهِ لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي أنَّهُ ما مِن رَجُلٍ بِأشَدَّ عَجَبًا بِالنِّساءِ مِنِّي، وإنِّي أخْشى إنْ رَأيْتُ نِساءَ بَنِي الأصْفَرِ أنْ لا أصْبِرَ. فَأعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وقالَ: قَدْ أذِنْتُ لَكَ، فَفِيهِ نَزَلَتِ الآيَةُ ﴿وَمِنهم مَن يَقُولُ ائْذَنْ لِي ولا تَفْتِنِّي﴾. * (فائدة) وَقَدْ تَأْتِي الفِتْنَةُ مُرادًا بِها المَعْصِيَةُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنهم مَن يَقُولُ ائْذَنْ لِي ولا تَفْتِنِّي﴾ [التوبة: ٤٩]، يَقُولُهُ الجد بن قيس، لَمّا نَدَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى تَبُوكَ، يَقُولُ: ائْذَنْ لِي في القُعُودِ ولا تَفْتِنِّي بِتَعَرُّضِي لِبَناتِ بَنِي الأصْفَرِ، فَإنِّي لا أصْبِرُ عَنْهُنَّ، قالَ تَعالى: ﴿ألا في الفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ أيْ: وقَعُوا في فِتْنَةِ النِّفاقِ، وفَرُّوا إلَيْها مِن فِتْنَةِ بَناتِ الأصْفَرِ. قال ابن زيد: يريد لا تفتني بصباحة وجوههن. وقال أبو العالية: لا تعرضني للفتنة. وقوله تعالى: ﴿ألا في الفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾. قال قتادة: "ما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله سلم والرغبة بنفسه عنه أعظم". فالفتنة التي فر منها - بزعمه - هي فتنة محبة النساء، وعدم صبره عنهن، والفتنة التي وقع فيها هي فتنة الشرك والكفر في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب