الباحث القرآني

* (فائدة) تقديم العتاب على الفعل من الله تعالى لا يدل على تحريمه. وقد عاتب الله تعالى نبيه في خمسة مواضع من كتابه في الأنفال وبراءة والأحزاب، وسورة التحريم، وسورة عبس، خلافا لأبي محمد بن عبد السلام حيث جعل العتب من أدلة النهي. = وقال البقاعي: ﴿عفا الله﴾ أي ذو الجلال والإكرام ﴿عنك﴾ وهذا كما كانت عادة العرب في مخاطبتهم لأكابرهم بأن يقولوا: أصلح الله الأمير، والملك - ونحو ذلك. ولما كان من المعلوم أنه لا يأذن إلا لما يرى أنه يرضي الله من تألفهم ونحوه، بين أنه سبحانه يرضى منه ترك الإذن فقال كناية عن ذلك: ﴿لم أذنت لهم﴾ أي في التخلف عنك تمسكًا بما تقدم من الأمر باللين لهم والصفح عنهم موافقًا لما جبلت عليه من محبة الرفق، وهذا إنما كان في أول الأمر لخوف التنازع والفتنة، وأما الآن فقد علا الدين وتمكن أمر المؤمنين فالمأمور به الإغلاط على المنافقين فهلا تركت الإذن لهم ﴿حتى يتبين لك﴾ أي غاية البيان ﴿الذين صدقوا﴾ أي في التزام الأوامر بما أقروا به من كلمة التوحيد ﴿وتعلم الكاذبين﴾ أي فيما أظهروا من الإيمان باللسان، فإنك إن لم تأذن لهم لقعدوا بلا إذن غير مراعين ميثاقهم الذي واثقوك عليه بالطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره. قال أبو حيان: و ﴿حتى﴾ غاية الاستفهام - انتهى. وذلك لأنه وإن كان داخلًا على فعل مثبت فمعناه النفي، أي ما لك لم تحملهم على الغزو معك ليتحقق بذلك الحمل من يطيع ومن يعصي، فالحاصل أن الذي فعله ﷺ حسن موافق لما أمره الله به فإنه لا ينطق عن الهوى بل عن أمر الله إما بإيحاء واصل جديد، أو استناد إلى وحي سابق حاصل عتيد، والذي أشار إليه سبحانه أحسن مثل ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك﴾ [الفتح: ٢] من باب «حسنات الأبرار سيئات المقربين» ومن باب الترقية من مقام عال إلى مقام أعلى تسييرًا فيهم بالعدل لما انكشف أنهم ليسوا بأهل الفضل. =
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب