الباحث القرآني
* (فصل)
من أرادَ علو بُنْيانه فَعَلَيهِ بتوثيق أساسه وإحكامه وشدَّة الاعتناء بِهِ، فَإن علو البُنيان على قدر تَوْثِيق الأساس وإحكامه فالأعمال والدرجات بُنيان وأساسها الإيمان ومَتى كانَ الأساس وثيقا حمل البُنيان واعتلى عَلَيْهِ وإذا تهدم شَيْء من
البُنيان سهل تَدارُكه وإذا كانَ الأساس غير وثيق لم يرْتَفع البُنيان ولم يثبت وإذا تهدم شَيْء من الأساس سقط البُنيان أو كاد فالعارف همّته تَصْحِيح الأساس وإحكامه والجاهِل يرفع في البناء عَن غير أساس فَلا يلبث بُنْيانه أن يسْقط قالَ تَعالى ﴿أفَمَن أسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٍ خَيْرٌ أمن أسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فانْهارَ بِهِ في نارِ جَهَنَّمَ﴾
فالأساس لبِناء الأعْمال كالقوة لبدن الإنْسان فَإذا كانَت القُوَّة قَوِيَّة حملت البدن ودفعت عَنهُ كثيرا من الآفات وإذا كانَت القُوَّة ضَعِيفَة ضعف حملها للبدن وكانَت الآفات إلَيْهِ أسْرع شَيْء.
فاحمل بنيانك على قُوَّة أساس الإيمان فَإذا تشعث شَيْء من أعالي البناء وسطحه كانَ تَدارُكه أسهل عَلَيْك من خراب الأساس وهَذا الأساس أمْرانِ صِحَة المعرفَة بِالله وأمره وأسمائه وصِفاته والثّانِي تَجْرِيد الانقياد لَهُ ولِرَسُولِهِ دون ما سواهُ فَهَذا أوثق أساس أسس العَبْد عَلَيْهِ بُنْيانه وبحسبه يعتلي البناء ما شاءَ فاحكم الأساس واحفظ القُوَّة ودم على الحمية واستفرغ إذا زاد بك الخَلْط والقَصْد القَصْد وقد بلغت المُراد وإلّا فَما دامَت القُوَّة ضَعِيفَة والمادة الفاسِدَة مَوْجُودَة والاستفراغ مَعْدُوما
؎فاقر السَّلام على الحَياة فَإنَّها ∗∗∗ قد آذنتك بِسُرْعَة التوديع
فَإذا كمل البناء فبيضه بِحسن الخلق والإحْسان إلى النّاس ثمَّ حطه بسور من الحذر لا يقتحمه عَدو ولا تبدو مِنهُ العَوْرَة ثمَّ ارخ الستور على أبوابه ثمَّ أقفل الباب الأعْظَم بِالسُّكُوتِ عَمّا تخشى عاقبته ثمَّ ركب لَهُ مفتاحا من ذكر الله بِهِ تفتحه وتغلقه فَإن فتحت فتحت بالمفتاح وإن أغلقت الباب أغلقته بِهِ فَتكون حِينَئِذٍ قد بنيت حصنا تحصنت فِيهِ من أعدائك إذا طاف بِهِ العَدو لم يجد مِنهُ مدخلًا فييأس مِنك ثمَّ تعاهد بِناء الحصن كل وقت فَإن العَدو إذا لم يطْمع في الدُّخُول من الباب نقّب عَلَيْك النقوب من بعيد بمعاول الذُّنُوب فَإن أهملت أمره وصل إلَيْك النقب فَإذا العَدو مَعَك في داخل الحصن فيصعب عَلَيْك إخْراجه وتَكون مَعَه على
ثَلاث خلال إمّا أن يَغْلِبك على الحصن ويستولي عَلَيْهِ وإمّا أن يساكنك فِيهِ وإمّا أن يشغلك بمقابلته عَن تَمام مصلحتك وتعود إلى سد النقب ولم شعث الحصن وإذا دخل نقبه إلَيْك نالك مِنهُ ثَلاث آفات إفْساد الحصن والإغارة على حواصله وذخائره ودلالَة السراق من بني جنسه على عَوْرَته فَلا يزال يبْلى مِنهُ بغارة حَتّى يضعفوا قواه ويوهنوا عزمه فيتخلى عَن الحصن ويخلي بَينهم وبَينه.
وَهَذِه حال أكثر النُّفُوس مَعَ هَذا العَدو ولِهَذا تراهم يسخطون رَبهم بِرِضا أنفسهم بل بِرِضا مَخْلُوق مثلهم لا يملك لَهُم ضرا ولا نفعا ويضيعون كسب الدّين بكسب الأمْوال ويهْلِكُونَ أنفسهم بِما لا يبْقى لَهُم ويحرصون على الدُّنْيا وقد أدْبَرت عَنْهُم ويزهدون في الآخِرَة وقد هجمت عَلَيْهِم ويخالفون رَبهم باتّباع أهوائهم ويتكلون على الحَياة ولا يذكرُونَ المَوْت ويذكرون شهواتهم وحظوظهم وينسون ما عهد الله إلَيْهِم ويهتمون بِما ضمنه الله ولا يهتمون بِما أمرهم بِهِ ويفرحون بالدنيا ويحزنون على فَوات حظهم مِنها ولا يَحْزَنُونَ على فَوات الجنَّة وما فِيها ولا يفرحون بِالإيمان فَرَحهمْ بالدرهم والدِّينار ويفسدون حَقهم وهداهم بضلالهم ومعروفهم بمنكرهم ويلبسوا إيمانهم بظنونهم ويخلطون حلالهم بحرامهم ويترددون في حيرة آرائهم وأفكارهم ويتركون هدى الله الَّذِي أهداه إلَيْهِم ومن العجب أن هَذا العَدو يسْتَعْمل صاحب الحصن في هدم حصنه بيدَيْهِ.
{"ayah":"أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنٍ خَیۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارࣲ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِی نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق