الباحث القرآني
وقوله ﴿فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ دليل على أمور
أحدها أنه سبحانه يفعل بإرادته ومشيئته
الثاني أنه لم يزل كذلك لأنه لم يزل
كذلك لأنه ساق ذلك في معرض المدح والثناء على نفسه وأن ذلك من كماله سبحانه فلا يجوز أن يكون عادمًا لهذا الكمال في وقت من الأوقات وقد قال تعالى: ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾
وما كان من أوصاف كماله ونعوت جلاله لم يكن حادثا بعد أن لم يكن.
الثالث أنه إذا أراد شيئًا فعله فإن ما موصولة عامة أي يفعل كل ما يريد أن يفعله وهذا في إرادته المتعلقة بفعله وأما إرادته المتعلقة بفعل العبد فتلك لها شأن آخر فإن أراد فعل العبد ولم يرد من نفسه أن يعينه ويجعله فاعلًا لم يوجد الفعل وإن أراده حتى يريده من نفسه أن يجعله فاعلًا وهذه هي النكتة التي خفيت على القدرية والجبرية وخبطوا في مسألة القدر لغفلتهم عنها فإن هنا إرادتين إرادة أن يفعل العبد وإرادة أن يجعله الرب فاعلًا وليستا متلازمتين وإن لزم من الثانية الأولى من غير عكس فمتى أراد من نفسه أن يعين عبده وأن يخلق له أسباب الفعل فقد أراد فعله وقد يريه فعله ولا يريد من نفسه أن يخلق له أسباب الفعل فلا يوجد الفعل.
فإن اعتاص عليك فهم هذا الموضع وأشكل عليك فانظر إلى قول النبي حاكيًا عن ربه قوله للعبد يوم القيامة قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب أبيك أن لا تشرك بي شيئًا ولم يقع هذا المراد لأنه لم يرد من نفسه إعانته عليه وتوفيقه له الرابع أن فعله سبحانه وإرادته متلازمان فما أراد أن يفعله فعله وما فعله فقد أراده بخلاف المخلوق فإنه يريد ما لا يفعل وقد يفعل ما لا يريد فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده
الخامس إثبات إرادة متعددة بحسب الأفعال وأن كل فعل له إرادة تخصه وهذا هو المعقول في الفطر وهو الذي يعقله الناس من الإرادة فشأنه تعالى أنه يريد على الدوام ويفعل ما يريد
السادس أن كل ما صلح أن تتعلق به إرادته جاز فعله فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء وأن يرى نفسه لعباده وأن يتجلى لهم كيف شاء وأن يخاطبهم ويضحك إليهم وغير ذلك مما يريد سبحانه لم يمتنع عليه فعله فإنه فعال لما يريد وإنما تتوقف صحة ذلك على إخبار الصادق به فإذا أخبر به وجب التصديق به وكان رده ردًا لكماله الذي اخبر به عن نفسه وهذا عين الباطل وكذلك إذا أمكن إرادته سبحانه محو ما شاء وإثبات ما شاء أمكن فعله وكانت الإرادة والفعل من مقتضيات كماله المقدس.
وقد اشتملت هذه السورة على اختصارها من التوحيد على وصفه سبحانه بالعزة المتضمنة للقدرة والقوة وعدم النظير والحمد المتضمن لصفات الكمال والتنزيه عن أضدادها مع محبته وإلهيته وملكه السماوات والأرض المتضمن لكمال غناه وسعة ملكه وشهادته على كل شيء المتضمن لعموم اطلاعه على ظواهر الأمور وبواطنها وإحاطة بصره بمرئياتها وسمعه بمسموعاتها وعلمه بمعلوماتها ووصفه بشدة البطش المتضمن لكمال القوة والعزة والقدرة وتفرده بالإبداء والإعادة المتضمن لتوحيد ربوبيته وتصرفه في المخلوقات بالإبداء والإعادة وانقيادها لقدرته فلا يستعصى عليه منها شيء ووصفه بالمغفرة المتضمن لكمال جوده وإحسانه وغناه ورحمته ووصفه بالودود المتضمن لكونه حبيبًا إلى عباده محبًا لهم ووصفه بأنه ذو العرش الذي لا يقدر قدره سواه وأن عرشه المختص به لا يليق بغيره أن يستوى عليه ووصفه بالمجد المتضمن لسعة العلم والقدرة والملك والغنى والجود والإحسان والكرم وكونه فعالًا لما يريد المتضمن لحياته وعلمه وقدرته ومشيئته وحكمته وغير ذلك من أوصاف كماله
فهذه السورة كتاب مستقل في أصول الدين تكفي من فهمها
فالحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده.
* (فائدة)
ذَكَرَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ المُجابِينَ، وفي الدُّعاءِ عَنِ الحَسَنِ، قالَ: كانَ رَجُلٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الأنْصارِ يُكَنّى أبا مُعَلَّقٍ وكانَ تاجِرًا يَتَّجِرُ بِمالٍ لَهُ ولِغَيْرِهِ، يَضْرِبُ بِهِ في الآفاقِ، وكانَ ناسِكًا ورِعًا، فَخَرَجَ مَرَّةً فَلَقِيَهُ لِصٌّ مُقَنَّعٌ في السِّلاحِ، فَقالَ لَهُ: ضَعْ ما مَعَكَ فَإنِّي قاتِلُكَ، قالَ: فَما تُرِيدُهُ مِن دَمِي؟ شَأْنُكَ بِالمالِ، قالَ: أمّا المالُ فَلِي، ولَسْتُ أُرِيدُ إلّا دَمَكَ، قالَ: أما إذا أبَيْتَ فَذَرْنِي أُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعاتٍ، قالَ صَلِّ ما بَدا لَكَ، فَتَوَضَّأ ثُمَّ صَلّى أرْبَعَ رَكَعاتٍ، فَكانَ مِن دُعائِهِ في آخِرِ سُجُودِهِ أنْ قالَ: يا ودُودُ يا ودُودُ، يا ذا العَرْشِ المَجِيدِ، يا فَعّالًا لِما تُرِيدُ، أسْألُكَ بِعِزِّكَ الَّذِي لا يُرامُ، وبِمُلْكِكَ الَّذِي لا يُضامُ، وبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأ أرْكانَ عَرْشِكَ أنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ هَذا اللِّصِّ، يا مُغِيثُ أغِثْنِي، ثَلاثَ مَرّاتٍ، فَإذا هو بِفارِسٍ قَدْ أقْبَلَ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ قَدْ وضَعَها بَيْنَ أُذُنَيْ فَرَسِهِ، فَلَمّا بَصُرَ بِهِ اللِّصُّ أقْبَلَ نَحْوَهُ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ إلَيْهِ، فَقالَ: قُمْ، فَقالَ: مَن أنْتَ بِأبِي أنْتَ وأُمِّي؟ فَقَدْ أغاثَنِي اللَّهُ بِكَ اليَوْمَ، فَقالَ: أنا مَلَكٌ مِن أهْلِ السَّماءِ الرّابِعَةِ، دَعَوْتَ بِدُعائِكَ الأوَّلِ فَسَمِعْتُ لِأبْوابِ السَّماءِ قَعْقَعَةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعائِكَ الثّانِي، فَسَمِعْتُ لِأهْلِ السَّماءِ ضَجَّةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعائِكَ الثّالِثِ، فَقِيلَ لِي: دُعاءُ مَكْرُوبٍ فَسَألْتُ اللَّهَ أنْ يُوَلِّيَنِي قَتْلَهُ، قالَ الحَسَنُ: فَمَن تَوَضَّأ وصَلّى أرْبَعَ رَكَعاتٍ، ودَعا بِهَذا الدُّعاءِ، اسْتُجِيبَ لَهُ، مَكْرُوبًا كانَ أوْ غَيْرَ مَكْرُوبٍ.
{"ayah":"فَعَّالࣱ لِّمَا یُرِیدُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق