الباحث القرآني

ثم أخبر سبحانه أنه أعد لهم عذاب جهنم وعذاب الحريق حيث لم يتوبوا وأنهم لو تابوا بعد أن فتنوا أولياءه وعذبوهم بالنار لغفر لهم ولم يعذبهم. وهذا غاية الكرم والجود. قال الحسن: انظروا إلى هذا الكرم والجود يقتلون أولياءه ويفتنونهم وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة. انظروا إلى كرم الرب تعالى يدعوهم إلى التوبة، وقد فتنوا أولياءه فحرقوهم بالنار فلا ييأس العبد من مغفرته وعفوه ولو كان منه ما كان فلا عداوة أعظم من هذه العداوة ولا اكفر ممن حرق بالنار من آمن بالله وحده وعبده وحده ومع هذا فلو تابوا لم يعذبهم وألحقهم بأوليائه. * وقال في (طريق الهجرتين) وقال بعض السلف: انظروا إلى كرمه كيف عذبوا أولياءه وحرقوهم بالنار، ثم هو يدعوهم إلى التوبة؟! فهذا الباب يدخل منه كل أحد إلى محبته سبحانه وتعالى، فإن نعمته على عباده مشهودة لهم، يتقلبون فيها على عدد الأنفاس واللحظات. * (فائدة) قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ فُسِّرَتِ الفِتْنَةُ هاهُنا بِتَعْذِيبِهِمُ المُؤْمِنِينَ، وإحْراقِهِمْ إيّاهم بِالنّارِ، واللَّفْظُ أعَمُّ مِن ذَلِكَ. وَحَقِيقَتُهُ: عَذِّبُوا المُؤْمِنِينَ لِيَفْتَتِنُوا عَنْ دِينِهِمْ، فَهَذِهِ الفِتْنَةُ المُضافَةُ إلى المُشْرِكِينَ. وَأمّا الفِتْنَةُ الَّتِي يُضِيفُها اللَّهُ سُبْحانَهُ إلى نَفْسِهِ، أوْ يُضِيفُها رَسُولُهُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنّا بَعْضَهم بِبَعْضٍ﴾ [الأنعام: ٥٣]، وقَوْلِ مُوسى: ﴿إنْ هي إلّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَن تَشاءُ وتَهْدِي مَن تَشاءُ﴾ [الأعراف: ١٥٥] فَتِلْكَ بِمَعْنًى آخَرَ، وهي بِمَعْنى الِامْتِحانِ، والِاخْتِبارِ، والِابْتِلاءِ مِنَ اللَّهِ لِعِبادِهِ بِالخَيْرِ والشَّرِّ، بِالنِّعَمِ والمَصائِبِ، فَهَذِهِ لَوْنٌ، وفِتْنَةُ المُشْرِكِينَ لَوْنٌ، وفِتْنَةُ المُؤْمِنِ في مالِهِ ووَلَدِهِ وجارِهِ لَوْنٌ آخَرُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب