الباحث القرآني

(تحقيق معنى الولاية) قال: ذكر بعضهم أنه يجوز أن يقول: أنا مؤمن ولا يقول: أنا ولي وفرق بينهما فإن الله تعالى أمر من ظهر منه الإيمان أن يسمى مؤمنا قال تعالى: ﴿فَإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ﴾ الآية. ولم يأمر من ظهر منه ذلك أن يسمى وليا ولا فرق بينهما فإن الله قد وصف الولي بصفة المؤمن فقال: ﴿وَما كانُوا أوْلِياءَهُ إنْ أوْلِياؤُهُ إلاّ المُتَّقُونَ﴾ وهذه صفة المؤمن ثم لا يجوز أن يصف نفسه بأنه ولي وكذلك المؤمن ولأنه إنما يكون وليا بتوليه لطاعات الله وقيامه بها كالمؤمن. قلت: هذه حجة من منع قول القائل: أنا مؤمن بدون استثناء كما لا يقول: أنا ولي ومن فرق بينهما أجاب بأنه لا يمكنه العلم بأنه ولي لأن الولاية هي القرب من الله عز وجل فوليُّ الله هو القريب منه المختص به. والولاء هو في اللغة القرب، ولهذا علامات وأدلة وله أسباب وشروط وموجبات، وله موانع وآفات وقواطع فلا يعلم العبد هل هو ولي الله أم لا وأما الإيمان فهو أن يؤمن بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله ولقائه ويلتزم أداء فرائضه وترك محارمه وهذا يمكن أن يعلمه من نفسه بل ويعلمه غيره منه. والذي يظهر لي من ذلك أن ولاية الله تعالى نوعان عامة وخاصة: فالعامة: ولاية كل مؤمن فمن كان مؤمنا لله تقيا كان له وليا، وفيه من الولاية بقدر إيمانه وتقواه، ولا يمتنع في هذه الولاية أن يقول: أنا ولي إن شاء الله كما يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. والولاية الخاصة: إن علم من نفسه أنه قائم لله بجميع حقوقه مؤثِر له على كل ما سواه في جميع حالاته قد صارت مراضي الله ومحابة هي همه ومتعلق خواطره يصبح ويمسي وهمه مرضاة ربه، وإن سخط الخلق فهذا إذا قال: أنا ولي الله كان صادقا. وقد ذهب المحققون في مسألة (أنا مؤمن) إلى هذا التفصيل بعينه فقالوا: له أن يقول آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، ولا يقول: (أنا مؤمن) لأن قوله: (أنا مؤمن) يفيد الإيمان المطلق الكامل الآتي صاحبه بالواجبات، التارك للمحرمات بخلاف قوله: (آمنت بالله) فتأمله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب