الباحث القرآني

وَقالَ في أهل الجنَّة ﴿وَلَقّاهم نَضْرَةً وسُرُورًا (١١) وجَزاهم بِما صَبَرُوا جَنَّةً وحَرِيرًا﴾ فجمل وُجُوههم بالنظرة وبواطنهم بالسرور وأبدانهم بالحرير، وهو سُبْحانَهُ كَما يحب الجمال في الأقْوال والأفْعال واللباس والهيأة يبغض القَبِيح من الأقْوال والأفْعال والثياب والهيأة فيبغض القَبِيح وأهله ويُحب الجمال وأهله ولَكِن ضل في هَذا المَوْضُوع فريقان فريق قالُوا كل ما خلقه جميل فَهو يحب كل ما خلقه ونحن نحب جَمِيع ما خلقه فَلا نبغض مِنهُ شَيْئا قالُوا ومن رأى الكائنات مِنهُ رَآها كلها جميلَة وأنْشد منشدهم ؎وَإذا رَأيْت الكائنات بعينهم ∗∗∗ فَجَمِيع ما يحوي الوُجُود مليح واحْتَجُّوا بقوله تَعالى ﴿الَّذِي أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ وقَوله ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ وقَوله ﴿ما تَرى في خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفاوُتٍ﴾ والعارف عِنْدهم هو الَّذِي يُصَرح بِإطْلاق الجمال ولا يرى في الوُجُود قبيحا، وهَؤُلاء قد عدمت الغيرَة لله من قُلُوبهم والبغض في الله والمعاداة فِيهِ وإنكار المُنكر والجهاد في سَبيله وإقامَة حُدُوده، ويرى جمال الصُّور من الذُّكُور والإناث من الجمال الَّذِي يُحِبهُ الله فيتعبدون بفسقهم، ورُبما غلا بَعضهم حَتّى يزْعم أن معبوده يظْهر في تِلْكَ الصُّورَة ويحل فِيها، وإن كانَ اتحاديا قالَ هي مظهر من مظاهر الحق ويسميها المظاهر الجمالية. * (فصل) النضرة هي البَهْجَة والحسن الَّذِي يكساه الوَجْه من آثار الإيمان وابتهاج الباطِن بِهِ وفَرح القلب وسروره والتذاذه بِهِ فتظهر هَذِه البَهْجَة والسُّرُور والفرحة نضارة على الوَجْه ولِهَذا يجمع لَهُ سُبْحانَهُ بَين البَهْجَة والسُّرُور والنضرة كَما في قوله تَعالى: ﴿فوقاهم الله شَرّ ذَلِك اليَوْم ولقاهم نَضرة وسرورا﴾ فالنضرة في وُجُوههم والسُّرُور في قُلُوبهم فالنعيم وطيب القلب يظْهر نضارة في الوَجْه كَما قالَ تَعالى ﴿تعرف في وُجُوههم نَضرة النَّعيم﴾ * (فائدة) قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقّاهم نَضْرَةً وسُرُورًا﴾ فالنَّضْرَةُ جَمالُ الوُجُوهِ، والسُّرُورُ جَمالُ القُلُوبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب