الباحث القرآني

وَبِالجُمْلَةِ فَلَمْ يَجِئْ هَذا القِياسُ في القُرْآنِ إلّا مَرْدُودًا مَذْمُومًا، ومِن ذَلِكَ قَوْله تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أمْثالُكم فادْعُوهم فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكم إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) ألَهم أرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أمْ لَهم أيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أمْ لَهم أعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أمْ لَهم آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكم ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥)﴾ فَبَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ هَذِهِ الأصْنامَ أشْباحٌ وصُوَرٌ خالِيَةٌ عَنْ صِفاتِ الإلَهِيَّةِ، وأنَّ المَعْنى المُعْتَبَرَ مَعْدُومٌ فِيها، وأنَّها لَوْ دُعِيَتْ لَمْ تُجِبْ؛ فَهي صُوَرٌ خالِيَةٌ عَنْ أوْصافٍ ومَعانٍ تَقْتَضِي عِبادَتَها، وزادَ هَذا تَقْرِيرًا بِقَوْلِهِ: ﴿ألَهم أرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أمْ لَهم أيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أمْ لَهم أعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أمْ لَهم آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها﴾ أيْ أنَّ جَمِيعَ ما لِهَذِهِ الأصْنامِ مِن الأعْضاءِ الَّتِي نَحَتَتْها أيْدِيكم إنّما هي صُوَرٌ عاطِلَةٌ عَنْ حَقائِقِها وصِفاتِها؛ لِأنَّ المَعْنى المُرادَ المُخْتَصَّ بِالرِّجْلِ هو مَشْيُها، وهو مَعْدُومٌ في هَذِهِ الرِّجْلِ؛ والمَعْنى المُخْتَصُّ بِاليَدِ هو بَطْشُها وهو مَعْدُومٌ في هَذِهِ اليَدِ؛ والمُرادُ بِالعَيْنِ إبْصارُها وهو مَعْدُومٌ في هَذِهِ العَيْنِ؛ ومِن الأُذُنِ سَمْعُها وهو مَعْدُومٌ فِيها، والصُّوَرُ في ذَلِكَ كُلِّهِ ثابِتَةٌ مَوْجُودَةٌ، وكُلُّها فارِغَةٌ خالِيَةٌ عَنْ الأوْصافِ والمَعانِي، فاسْتَوى وُجُودُها وعَدَمُها، وهَذا كُلُّهُ مُدْحِضٌ لِقِياسِ الشَّبَهِ الخالِي عَنْ العِلَّةِ المُؤَثِّرَةِ والوَصْفِ المُقْتَضِي لِلْحُكْمِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب