الباحث القرآني
فإن قيل فالاسم عندكم هو المسمى أو غيره؟
قيل طالما غلط الناس في ذلك وجهلوا الصواب فيه فالاسم يراد به المسمى تارة ويراد به اللفظ الدال عليه أخرى فإذا قلت قال الله كذا واستوى الله على عرشه وسمع الله ورأى وخلق فهذا المراد به المسمى نفسه، وإذا قلت الله اسم عربي والرحمن اسم عربي، والرحمن من أسماء الله، والرحمن وزنه فعلان، والرحمن مشتق من الرحمة ونحو ذلك، فالاسم هاهنا للمسمى.
ولا يقال غيره لما في لفظ الغير من الإجمال، فإن أريد بالمغايرة أن اللفظ غير المعنى فحق، وإن أريد أن الله سبحانه كان ولا اسم له حتى خلق لنفسه اسما أو حتى سماه خلقه بأسماء من صنعهم، فهذا من أعظم الضلال والإلحاد.
فقوله في الحديث: "سميت به نفسك"
ولم يقل خلقته لنفسك، ولا قال سماك به خلقك دليل على أنه سبحانه تكلم بذلك الاسم وسمى به نفسه كما سمى نفسه في كتبه التي تكلم بها حقيقة بأسمائه وقوله أو استأثرت به في علم الغيب عندك دليل على أن أسماءه أكثر من تسعة وتسعين وأن له أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره وعلى هذا فقوله "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة"
لا ينفي أن يكون له غيرها والكلام جملة واحدة أي له أسماء موصوفة بهذه الصفة كما يقال لفلان مائة عبدا أعدهم للتجارة وله مائة فرس أعدها للجهاد.
وهذا قول الجمهور وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسماءه تنحصر في هذا العدد، وقد دل الحديث على أن التوسل إليه سبحانه بأسمائه وصفاته أحب إليه وأنفع للعبد من التوسل إليه بمخلوقاته وكذلك سائر الأحاديث كما في حديث الاسم الأعظم: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم" وفي الحديث الآخر: "أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد"
وفي الحديث الآخر: "اللهم إني أسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق"
وكلها أحاديث صحاح رواها ابن حبان والإمام أحمد والحاكم.
وهذا تحقيق لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأسْماءُ الحُسْنى فادْعُوهُ بِها﴾.
* [فَصْلٌ المَشْهَدُ الثّامِنُ مَشْهَدُ الأسْماءِ والصِّفاتِ]
وَهُوَ مِن أجَلِّ المَشاهِدِ، وهو أعْلى مِمّا قَبْلَهُ وأوْسَعُ.
والمَطْلَعُ عَلى هَذا المَشْهَدِ: مَعْرِفَةُ تَعَلُّقِ الوُجُودِ خَلْقًا وأمْرًا بِالأسْماءِ الحُسْنى، والصِّفاتِ العُلا، وارْتِباطِهِ بِها، وإنْ كانَ العالَمُ بِما فِيهِ مِن بَعْضِ آثارِها ومُقْتَضَياتِها.
وَهَذا مِن أجَلِّ المَعارِفِ وأشْرَفِها، وكُلُّ اسْمٍ مِن أسْمائِهِ سُبْحانَهُ لَهُ صِفَةٌ خاصَّةٌ، فَإنَّ أسْماءَهُ أوْصافُ مَدْحٍ وكَمالٍ، وكُلُّ صِفَةٍ لَها مُقْتَضًى وفِعْلٌ إمّا لازِمٌ، وإمّا مُتَعَدٍّ، ولِذَلِكَ الفِعْلِ تَعَلُّقٌ بِمَفْعُولٍ هو مِن لَوازِمِهِ، وهَذا في خَلْقِهِ وأمْرِهِ، وثَوابِهِ وعِقابِهِ، كُلُّ ذَلِكَ آثارُ الأسْماءِ الحُسْنى ومُوجِباتُها.
وَمِنَ المُحالِ تَعْطِيلُ أسْمائِهِ عَنْ أوْصافِها ومَعانِيها، وتَعْطِيلُ الأوْصافِ عَمّا تَقْتَضِيهِ وتَسْتَدْعِيهِ مِنَ الأفْعالِ، وتَعْطِيلُ الأفْعالِ عَنِ المَفْعُولاتِ، كَما أنَّهُ يَسْتَحِيلُ تَعْطِيلُ مَفْعُولِهِ عَنْ أفْعالِهِ وأفْعالِهِ عَنْ صِفاتِهِ، وصِفاتِهِ عَنْ أسْمائِهِ، وتَعْطِيلُ أسْمائِهِ وأوْصافِهِ عَنْ ذاتِهِ.
وَإذا كانَتْ أوْصافُهُ صِفاتِ كَمالٍ، وأفْعالُهُ حِكَمًا ومَصالِحَ، وأسْماؤُهُ حُسْنًى فَفَرْضُ تَعْطِيلِها عَنْ مُوجَباتِها مُسْتَحِيلٌ في حَقِّهِ، ولِهَذا يُنْكِرُ سُبْحانَهُ عَلى مَن عَطَّلَهُ عَنْ أمْرِهِ ونَهْيِهِ، وثَوابِهِ وعِقابِهِ، وأنَّهُ بِذَلِكَ نَسَبَهُ إلى ما لا يَلِيقُ بِهِ وإلى ما يَتَنَزَّهُ عَنْهُ، وأنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ سَيِّئٌ مِمَّنْ حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ، وأنَّ مَن نَسَبَهُ إلى ذَلِكَ فَما قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، ولا عَظَّمَهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، كَما قالَ تَعالى في حَقِّ مُنْكِرِي النُّبُوَّةِ وإرْسالِ الرُّسُلِ، وإنْزالِ الكُتُبِ ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذْ قالُوا ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] وقالَ تَعالى في حَقِّ مُنْكِرِي المَعادِ والثَّوابِ والعِقابِ ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] وقالَ في حَقِّ مَن جَوَّزَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ المُخْتَلِفَيْنِ، كالأبْرارِ والفُجّارِ، والمُؤْمِنِينَ والكُفّارِ ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أنْ نَجْعَلَهم كالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْياهم ومَماتُهم ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: ٢١] فَأخْبَرَ أنَّ هَذا حُكْمٌ سَيِّئٌ لا يَلِيقُ بِهِ، تَأْباهُ أسْماؤُهُ وصِفاتُهُ، وقالَ سُبْحانَهُ ﴿أفَحَسِبْتُمْ أنَّما خَلَقْناكم عَبَثًا وأنَّكم إلَيْنا لا تُرْجَعُونَ فَتَعالى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إلَهَ إلّا هو رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: ١١٥] عَنْ هَذا الظَّنِّ والحُسْبانِ، الَّذِي تَأْباهُ أسْماؤُهُ وصِفاتُهُ.
وَنَظائِرُ هَذا في القُرْآنِ كَثِيرَةٌ، يَنْفِي فِيها عَنْ نَفْسِهِ خِلافَ مُوجَبِ أسْمائِهِ وصِفاتِهِ إذْ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ تَعْطِيلَها عَنْ كَمالِها ومُقْتَضَياتِها.
فاسْمُهُ الحَمِيدُ، المَجِيدُ يَمْنَعُ تَرْكَ الإنْسانِ سُدًى مُهْمَلًا مُعَطَّلًا، لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهى، ولا يُثابُ ولا يُعاقَبُ، وكَذَلِكَ اسْمُهُ الحَكِيمُ يَأْبى ذَلِكَ، وكَذَلِكَ اسْمُهُ المَلِكُ واسْمُهُ الحَيُّ يَمْنَعُ أنْ يَكُونَ مُعَطَّلًا مِنَ الفِعْلِ، بَلْ حَقِيقَةُ الحَياةِ الفِعْلُ، فَكُلُّ حَيٍّ فَعّالٌ، وكَوْنُهُ سُبْحانَهُ خالِقًا قَيُّومًا مِن مُوجَباتِ حَياتِهِ ومُقْتَضَياتِها، واسْمُهُ السَّمِيعُ البَصِيرُ يُوجِبُ مَسْمُوعًا ومَرْئِيًا، واسْمُهُ الخالِقُ يَقْتَضِي مَخْلُوقًا، وكَذَلِكَ الرّازِقُ، واسْمُهُ المَلِكُ يَقْتَضِي مَمْلَكَةً وتَصَرُّفًا وتَدْبِيرًا، وإعْطاءً ومَنعًا، وإحْسانًا وعَدْلًا، وثَوابًا وعِقابًا، واسْمُ البَرِّ والمُحْسِنِ، المُعْطِي المَنّانِ ونَحْوِها تَقْتَضِي آثارَها ومُوجَباتِها.
إذا عُرِفَ هَذا، فَمِن أسْمائِهِ سُبْحانَهُ الغَفّارُ، التَّوّابُ، العَفُوُّ فَلا بُدَّ لِهَذِهِ الأسْماءِ مِن مُتَعَلَّقاتٍ، ولا بُدَّ مِن جِنايَةٍ تُغْفَرُ، وتَوْبَةٍ تُقْبَلُ، وجَرائِمَ يُعْفى عَنْها، ولا بُدَّ لِاسْمِهِ الحَكِيمِ مِن مُتَعَلَّقٍ يَظْهَرُ فِيهِ حُكْمُهُ، إذِ اقْتِضاءُ هَذِهِ الأسْماءِ لِآثارِها كاقْتِضاءِ اسْمِ الخالِقِ، الرّازِقِ، المُعْطِي، المانِعِ لِلْمَخْلُوقِ والمَرْزُوقِ والمُعْطى والمَمْنُوعِ، وهَذِهِ الأسْماءُ كُلُّها حُسْنًى.
والرَّبُّ تَعالى يُحِبُّ ذاتَهُ وأوْصافَهُ وأسْماءَهُ، فَهو عَفْوٌ يُحِبُّ العَفْوَ، ويُحِبُّ المَغْفِرَةَ، ويُحِبُّ التَّوْبَةَ، ويَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إلَيْهِ أعْظَمَ فَرَحٍ يَخْطُرُ بِالبالِ
وَكانَ تَقْدِيرُ ما يَغْفِرُهُ ويَعْفُو عَنْ فاعِلِهِ، ويَحْلُمُ عَنْهُ، ويَتُوبُ عَلَيْهِ ويُسامِحُهُ مِن مُوجَبِ أسْمائِهِ وصِفاتِهِ، وحُصُولُ ما يُحِبُّهُ ويَرْضاهُ مِن ذَلِكَ، وما يَحْمَدُ بِهِ نَفْسَهُ ويَحْمَدُهُ بِهِ أهْلُ سَماواتِهِ وأهْلُ أرْضِهِ ما هو مِن مُوجَباتِ كَمالِهِ ومُقْتَضى حَمْدِهِ.
وَهُوَ سُبْحانَهُ الحَمِيدُ المَجِيدُ، وحَمْدُهُ ومَجْدُهُ يَقْتَضِيانِ آثارَهُما.
وَمِن آثارِهِما مَغْفِرَةُ الزَّلّاتِ، وإقالَةُ العَثَراتِ، والعَفْوُ عَنِ السَّيِّئاتِ، والمُسامَحَةُ عَلى الجِناياتِ، مَعَ كَمالِ القُدْرَةِ عَلى اسْتِيفاءِ الحَقِّ. والعِلْمُ مِنهُ سُبْحانَهُ بِالجِنايَةِ ومِقْدارِ عُقُوبَتِها، فَحِلْمُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ، وعَفْوُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، ومَغْفِرَتُهُ عَنْ كَمالِ عِزَّتِهِ وحَكَمْتِهِ، كَما قالَ المَسِيحُ ﷺ ﴿إنْ تُعَذِّبْهم فَإنَّهم عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لَهم فَإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨] أيْ فَمَغْفِرَتُكَ عَنْ كَمالِ قُدْرَتِكَ وحِكْمَتِكَ، لَسْتَ كَمَن يَغْفِرُ عَجْزًا، ويُسامِحُ جَهْلًا بِقَدْرِ الحَقِّ، بَلْ أنْتَ عَلِيمٌ بِحَقِّكَ، قادِرٌ عَلى اسْتِيفائِهِ، حَكِيمٌ في الأخْذِ بِهِ.
فَمَن تَأمَّلَ سَرَيانَ آثارِ الأسْماءِ والصِّفاتِ في العالَمِ، وفي الأمْرِ، تَبَيَّنَ لَهُ أنَّ مَصْدَرَ قَضاءِ هَذِهِ الجِناياتِ مِنَ العَبِيدِ، وتَقْدِيرُها: هو مِن كَمالِ الأسْماءِ والصِّفاتِ والأفْعالِ. وغاياتُها أيْضًا: مُقْتَضى حَمْدِهِ ومَجْدِهِ، كَما هو مُقْتَضى رُبُوبِيَّتِهِ وإلَهِيَّتِهِ.
فَلَهُ في كُلِّ ما قَضاهُ وقَدَّرَهُ الحِكْمَةُ البالِغَةُ، والآياتُ الباهِرَةُ، والتَّعَرُّفاتُ إلى عِبادِهِ بِأسْمائِهِ وصِفاتِهِ، واسْتِدْعاءُ مَحَبَّتِهِمْ لَهُ، وذِكْرِهِمْ لَهُ، وشُكْرِهِمْ لَهُ، وتَعَبُّدِهِمْ لَهُ بِأسْمائِهِ الحُسْنى، إذْ كَلُّ اسْمٍ فَلَهُ تَعَبُّدٌ مُخْتَصٌّ بِهِ، عِلْمًا ومَعْرِفَةً وحالًا، وأكْمَلُ النّاسِ عُبُودِيَّةً المُتَعَبِّدُ بِجَمِيعِ الأسْماءِ والصِّفاتِ الَّتِي يَطَّلِعُ عَلَيْها البَشَرُ، فَلا تَحْجُبُهُ عُبُودِيَّةُ اسْمٍ عَنْ عُبُودِيَّةِ اسْمٍ آخَرَ، كَمَن يَحْجُبُهُ التَّعَبُّدُ بِاسْمِهِ القَدِيرِ عَنِ التَّعَبُّدِ بِاسْمِهِ الحَلِيمِ الرَّحِيمِ، أوْ يَحْجُبُهُ عُبُودِيَّةُ اسْمِهِ المُعْطِي عَنْ عُبُودِيَّةِ اسْمِهِ المانِعِ، أوْ عُبُودِيَّةُ اسْمِهِ الرَّحِيمِ والعَفُوِّ والغَفُورِ عَنِ اسْمِهِ المُنْتَقِمِ، أوِ التَّعَبُّدُ بِأسْماءِ التَّوَدُّدِ، والبِرِّ، واللُّطْفِ، والإحْسانِ عَنْ أسْماءِ العَدْلِ، والجَبَرُوتِ، والعَظَمَةِ، والكِبْرِياءِ ونَحْوِ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الكُمَّلِ مِنَ السّائِرِينَ إلى اللَّهِ، وهي طَرِيقَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِن قَلْبِ القُرْآنِ، قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿وَلِلَّهِ الأسْماءُ الحُسْنى فادْعُوهُ بِها﴾ [الأعراف: ١٨٠] والدُّعاءُ بِها يَتَناوَلُ دُعاءَ المَسْألَةِ، ودُعاءَ الثَّناءِ، ودُعاءَ التَّعَبُّدِ، وهو سُبْحانُهُ يَدْعُو عِبادَهُ إلى أنْ يَعْرِفُوهُ بِأسْمائِهِ وصِفاتِهِ، ويُثْنُوا عَلَيْهِ بِها، ويَأْخُذُوا بِحَظِّهِمْ مِن عُبُودِيَّتِها.
وَهُوَ سُبْحانُهُ يُحِبُّ مُوجَبَ أسْمائِهِ وصِفاتِهِ.
فَهُوَ عَلِيمٌ يُحِبُّ كُلَّ عَلِيمٍ، جَوّادٌ يُحِبُّ كُلَّ جَوّادٍ، وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، عَفُوٌّ يُحِبُّ العَفْوَ وأهْلَهُ، حَيِّيٌّ يُحِبُّ الحَياءَ وأهْلَهُ، بَرٌّ يُحِبُّ الأبْرارَ، شَكُورٌ يُحِبُّ الشّاكِرِينَ، صَبُورٌ يُحِبُّ الصّابِرِينَ، حَلِيمٌ يُحِبُّ أهْلَ الحِلْمِ، فَلِمَحَبَّتِهِ سُبْحانَهُ لِلتَّوْبَةِ والمَغْفِرَةِ، والعَفْوِ والصَّفْحِ خَلَقَ مَن يَغْفِرُ لَهُ، ويَتُوبُ عَلَيْهِ ويَعْفُو عَنْهُ، وقَدَّرَ عَلَيْهِ ما يَقْتَضِي وُقُوعَ المَكْرُوهِ والمَبْغُوضِ لَهُ، لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ المَحْبُوبُ لَهُ المُرْضِي لَهُ، فَتَوَسُّطُهُ كَتَوَسُّطِ الأسْبابِ المَكْرُوهَةِ المُفْضِيَةِ إلى المَحْبُوبِ.
؎فَرُبَّما كانَ مَكْرُوهُ العِبادِ إلى ∗∗∗ مَحْبُوبِها سَبَبَ ما مِثْلُهُ سَبَبٌ
والأسْبابُ مَعَ مُسَبَّباتِها أرْبَعَةُ أنْواعٍ: مَحْبُوبٌ يُفْضِي إلى مَحْبُوبٍ، ومَكْرُوهٌ يُفْضِي إلى مَحْبُوبٍ، وهَذانَ النَّوْعانِ عَلَيْهِما مَدارُ أقْضِيَتِهِ وأقْدارِهِ سُبْحانَهُ بِالنِّسْبَةِ إلى ما يُحِبُّهُ وما يَكْرَهُهُ.
والثّالِثُ: مَكْرُوهٌ يُفْضِي إلى مَكْرُوهٍ، والرّابِعُ: مَحْبُوبٌ يُفْضِي إلى مَكْرُوهٍ، وهَذانَ النَّوْعانِ مُمْتَنِعانِ في حَقِّهِ سُبْحانَهُ، إذِ الغاياتُ المَطْلُوبَةُ مِن قَضائِهِ وقَدَرِهِ الَّذِي ما خَلَقَ ما خَلَقَ، ولا قَضى ما قَضى إلّا لِأجْلِ حُصُولِها لا تَكُونُ إلّا مَحْبُوبَةً لِلرَّبِّ مَرْضِيَّةً لَهُ. والأسْبابُ المُوصِلَةُ إلَيْها مُنْقَسِمَةٌ إلى مَحْبُوبٍ لَهُ ومَكْرُوهٍ لَهُ.
فالطّاعاتُ والتَّوْحِيدُ أسْبابٌ مَحْبُوبَةٌ لَهُ، مُوَصِّلَةٌ إلى الإحْسانِ، والثَّوابِ المَحْبُوبِ لَهُ أيْضًا. والشِّرْكُ والمَعاصِي أسْبابٌ مَسْخُوطَةٌ لَهُ، مُوَصِّلَةٌ إلى العَدْلِ المَحْبُوبِ لَهُ، وإنْ كانَ الفَضْلُ أحَبَّ إلَيْهِ مِنَ العَدْلِ، فاجْتِماعُ العَدْلِ والفَضْلِ أحَبُّ إلَيْهِ مِنَ انْفِرادِ أحَدِهِما عَنِ الآخَرِ، لِما فِيهِما مِن كَمالِ المُلْكِ والحَمْدِ، وتَنَوُّعِ الثَّناءِ، وكَمالِ القُدْرَةِ.
فَإنْ قِيلَ: كانَ يُمْكِنُ حُصُولُ هَذا المَحْبُوبِ مِن غَيْرِ تَوَسُّطِ المَكْرُوهِ.
قِيلَ: هَذا سُؤالٌ باطِلٌ، لِأنَّ وُجُودَ المَلْزُومِ بِدُونِ لازِمِهِ مُمْتَنِعٌ، والَّذِي يُقَدَّرُ في الذِّهْنِ وُجُودُهُ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ هَذا المَطْلُوبِ المَحْبُوبِ لِلرَّبِّ، وحُكْمُ الذِّهْنِ عَلَيْهِ بِأنَّهُ مَحْبُوبٌ لِلرَّبِّ حُكْمٌ بِلا عِلْمٍ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَبْغُوضًا لِلرَّبِّ تَعالى لِمُنافاتِهِ حِكْمَتَهُ، فَإذا حَكَمَ الذِّهْنُ عَلَيْهِ بِأنَّهُ مَحْبُوبٌ لَهُ، كانَ نِسْبَةً لَهُ إلى ما لا يَلِيقُ بِهِ، ويَتَعالى عَنْهُ.
فَلْيُعْطِ اللَّبِيبُ هَذا المَوْضِعَ حَقَّهُ مِنَ التَّأمُّلِ، فَإنَّهُ مَزِلَّةُ أقْدامٍ، ومَضَلَّةُ أفْهامٍ، ولَوْ أمْسَكَ عَنِ الكَلامِ مَن لا يَعْلَمُ لَقَلَّ الخِلافُ.
وَهَذا المَشْهَدُ أجَلُّ مَن أنْ يُحِيطَ بِهِ كِتابٌ، أوْ يَسْتَوْعِبَهُ خِطابٌ، وإنَّما أشَرْنا إلَيْهِ أدْنى إشارَةٍ تَطَّلِعُ عَلى ما وراءَها، واللَّهُ المُوَفِّقُ المُعِينُ.
(فائدة جليلة)
ما يجري صفة أو خبرا على الرب تبارك وتعالى أقسام أحدها ما يرجع إلى نفس الذات كقولك ذات وموجود وشيء
الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم والقدير والسميع
الثالث: ما يرجع إلى أفعاله نحو: الخالق والرزاق
الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتا إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس والسلام
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة معينة بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد نحو المجيد العظيم الصمد فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة فمنه استمجد المرخ والغفار وأمجد الناقة علفا ومنه ﴿ذُو العَرْشِ المَجِيدُ﴾ صفة للعرش لسعته وعظمه وشرفه وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترنا بطلب الصلاة من الله على رسوله ﷺ كما علمناه لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول: " اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ولا يحسن إنك أنت السميع البصير" فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه ومنه الحديث الذي في المسند والترمذي: "ألظوا بياذا الجلال والإكرام " ومنه " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام " فهذا سؤال له وتوسل إليه وبحمده وأنه الذي لا إله إلا هو المنان فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته وما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعا عند المسئول وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد أشرنا إليه إشارة وقد فتح لمن بصره الله تعالى تفسر الاسم الإلهي العظيم والصمد ولنرجع إلى المقصود وهو وصفه تعالى بالاسم المتضمن لصفات عديدة فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال وكذلك الصمد قال ابن عباس هو السيد الذي كمل في سؤدده وقال ابن وائل هو السيد الذي انتهى سؤدده وقال عكرمة: الذي ليس فوقه أحد وكذلك قال الزجاج: الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء وقال ابن الأنباري: "لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم" واشتقاقه يدل على هذا فإنه من الجمع والقصد الذي اجتمع القصد نحوه واجتمعت فيه صفات السؤدد وهذا أصله في اللغة كما قال:
؎ألا بكر الناعي بخير بني أسد ∗∗∗ بعمرو بن يربوع وبالسيد الصمد
والعرب تسمي أشرافها بالصمد لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه.
السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد العفو القدير الحميد المجيد وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن فإن الغنى صفة كمال والحمد كذلك واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما وكذلك العفو القدير والحميد المجيد والعزيز الحكيم فتأمله.
فإنه من أشرف المعارف تسليط صفات السلب على أسماء الله تعالى وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتا كقوله تعالى: ﴿لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ﴾ فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته وكذلك قوله تعالى: ﴿وَما مَسَّنا مِن لُغُوبٍ﴾ متضمن لكمال قدرته وكذلك قوله: ﴿وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِن مِثْقالِ ذَرَّةٍ﴾ متضمن لكمال علمه وكذلك قوله: ﴿لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ﴾ متضمن لكمال صمديته وغناه وكذلك قوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ﴾ متضمن لتفرده بكماله وأنه لا نظير له وكذلك قوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ﴾ متضمن لعظمته وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به وهذا مطرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب ويجب أن تُعلم هنا أمور.
أحدها: أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثاني: أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا.
الثالث: أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة والله أعلم.
الرابع: أن أسماءه عز وجل الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى.
الخامس: أن الاسم من أسمائه له دلالات دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ودلالة على أحدهما بالتضمن ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم.
السادس: أن أسماءه الحسنى لها اعتباران اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالاعتبار الأول مترادفة وبالاعتبار الثاني متباينة.
السابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع.
الثامن: أن الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ ﴿فَقَدَرْنا فَنِعْمَ القادِرُونَ﴾ هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي.
التاسع: أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل فالرب لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كمل ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به
العاشر: إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض.
الحادي عشر: أن أسماءه كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلا وقد تقدم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق والرازق والمحيي والمميت وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى وهذا باطل فالشر ليس إليه فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته وفرق بين الفعل والمفعول فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله فتأمل هذا فإنه خفي على كثير من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم الثاني عشر: في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة ومدار النجاة والفلاح
المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها
المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها
المرتبة الثالثة: دعاؤه بها كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأسماء الحُسْنى فادْعُوهُ بِها﴾ وهو مرتبتان
إحداهما: دعاء ثناء وعبادة والثاني: دعاء طلب ومسألة فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل إلا بها فلا يقال يا موجود أو يا شيء أو يا ذات اغفر لي وارحمني بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الاسم ومن تأمل أدعية الرسل ولا سيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا وهذه العبارة أولى من عبارة من قال يتخلق بأسماء الله فإنها ليست بعبارة سديدة وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال فمراتبها أربعة أشدها إنكارا عبارة الفلاسفة وهي التشبه وأحسن منها عبارة من قال التخلق وأحسن منها عبارة من قال التعبد وأحسن من الجميع الدعاء وهي لفظ القرآن.
الثالث عشر: اختلف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد كالحي والسميع والبصير والعليم والقدير والملك ونحوها: فقالت: طائفة من المتكلمين هي حقيقة في العبد مجاز في الرب وهذا قول غلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فسادا الثاني: مقابله وهو أنها حقيقة في الرب مجاز في العبد وهذا قول أبي العباس الناشئ
الثالث: أنها حقيقة فيهما وهذا قول أهل السنة وهو الصواب واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما وللرب تعالى منها ما يليق بجلاله وللعبد منها ما يليق به وليس هذا موضع التعرض لمأخذ هذه الأقوال وإبطال باطلها وتصحيح صحيحها فإن الغرض الإشارة إلى أمور ينبغي معرفتها في هذا الباب ولو كان المقصود بسطها لاستدعت سفرين أو أكثر.
الرابع عشر: أن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات: اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد اعتباره مضافا إلى الرب مختصا به اعتباره مضافا إلى العبد مقيدا به فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتا للرب والعبد وللرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات والعليم والقدير وسائر الأسماء فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه بل ثبتت له على وجه لا يماثله فيه خلقه ولا يشابههم فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد بريء من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى ما هو عال عليه وكونه محمولا به مفتقرا إليه محاطا به كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق فإذا أحطت بهذه القاعدة خبرا وعقلتها كما ينبغي خلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين آفة التعطيل وآفة التشبيه فإنك إذا وفيت هذا المقام حقه من التصور أثبت لله الأسماء الحسنى والصفات العلى حقيقة فخلصت من التعطيل ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه فتدبر هذا الموضع واجعله جنتك التي ترجع إليها في هذا الباب والله الموفق للصواب الخامس العشر: أن الصفة متى قامت بموصوف لزمها أمور أربعة أمران لفظيان وأمران معنويان فاللفظيان ثبوتي وسلبي فالثبوتي أن يشتق للموصوف منها الموصوف ويخبر بها عنه والسلبي أن لا يعود حكمها إلى غيره ولا يكون خبرا عنه وهي قاعدة عظيمة في معرفة الأسماء والصفات فلنذكر من ذلك مثالا واحدا وهو صفة الكلام فإنه إذا قامت بمحل كانت هو التكلم دون من لم تقم به وأخبر عنه بها وعاد حكمها إليه دون غيره فيقال قال وأمر ونهى ونادى وناجى وأخبر وخاطب وتكلم وكلم ونحو ذلك وامتنعت هذه الأحكام لغيره فيستدل بهذه الأحكام والأسماء على قيام الصفة به وسلبها عن غيره على عدم قيامها به وهذا هو أصل السنة الذي ردوا به على المعتزلة والجهمية وهو من أصح الأصول طردا وعكسا.
السادس عشر: أن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك" صحيح على الراجح فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ولهذا قال استأثرت به أي انفردت بعلمه وليس المراد انفراده بالتسمي به لأن هذا الإنفراد ثابت في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه ومن هذا قول النبي ﷺ في حديث الشفاعة: "فيفتح علي من محامده بما لا أحسنه الآن "
رواه البخاري ومسلم
وتلك المحامد تفي بأسمائه وصفاته.
ومنه قوله: "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"
رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.
وأما قوله ﷺ: "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة"
رواه البخاري ومسلم
فالكلام جملة واحدة وقوله: "ومن أحصاها دخل الجنة " صفة لا خبر مستقبل والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها وهذا كما تقول لفلان مائة مملوك وقد أعدهم للجهاد فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد وهذا لا خلاف بين العلماء فيه.
السابع عشر: أن أسماءه تعالى منها ما يطلق عليه مفردا ومقترنا بغيره وهو غالب الأسماء فالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم وهذا يسوغ أن يدعى به مفردا ومقترنا بغيره فتقول: يا عزيز يا حليم يا غفور يا رحيم وأن يفرد كل اسم وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو فهو المعطي المانع الضار النافع المنتقم العفو المعز المذل لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاء ومنعا ونفعا وضرا وعفوا وانتقاما وأما أن يثنى عليه بمجرد المنع والانتقام والإضرار فلا يسوغ فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد ولذلك لم تجيء مفردة ولم تطلق عليه إلا مقترنة فاعلمه فلو قلت: يا مذل يا ضار يا مانع وأخبرت بذلك لم تكن مثنيا عليه ولا حامدا له حتى تذكر مقابلها.
الثامن عشر: أن الصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال وصفات نقص وصفات لا تقتضي كمالا ولا نقصا وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسما رابعا: وهو ما يكون كمالا ونقصا باعتبارين والرب تعالى منزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول وصفاته كلها صفات كمال محض فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر ومن صفات الإحسان البر الرحيم الودود دون الرفيق والشفوق ونحوهما وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف وكذلك الكريم دون السخي والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل والغفور العفو دون الصفوح الساتر وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه فتأكل ذلك فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون.
التاسع عشر: أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ويكون ذلك الاسم متناولا لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها كما تقدم بيانه كاسمه العظيم والمجيد والصمد كما قال ابن عباس: فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره: "الصمد: السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف: الذي قد كمل في شرفه والعظيم: الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه إسناده ضعيف" هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفوا أحد وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار هذا لفظه وهذا مما خفي على كثير ممن تعاطى الكلام في تفسير الأسماء الحسنى ففسر الاسم بدون معناه ونقصه من حيث لا يعلم فمن لم يحط بهذا علما بخس الاسم الأعظم حقه وهضمه معناه فتدبره.
العشرون: وهي الجامعة لما تقدم من الوجوه وهي معرفة الإلحاد في أسمائه حتى لا يقع فيه قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأسماء الحُسْنى فادْعُوهُ بِها وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾
والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها وهو مأخوذ من الميل كما يدل عليه مادته ل ح د فمنه اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط ومنه الملحد في الدين المائل عن الحق إلى الباطل قال ابن السكيت: "الملحد المائل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه" ومنه الملتحد وهو مفتعل من ذلك وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ أي من تعدل إليه وتهرب إليه وتلتجئ إليه وتبتهل فتميل إليه عن غيره تقول العرب التحد فلان إلى فلان إذا عدل إليه إذا عرف هذا فالإلحاد في أسمائه تعالى أنواع أحدها: أن يسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية والعزى من العزيز وتسميتهم الصنم إلها وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود إنه فقير وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه وقولهم: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته.
ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها فكلاهما ملحد في أسمائه ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب وكل من جحد شيئا عما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم طرقه وبرأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ولم يجحدوا صفاته ولم يشبهوها بصفات خلقه ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظا ولا معنى بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريئا من التشبيه وتنزيههم خليا من التعطيل لا كمن شبه حتى كأنه يعبد صنما أو عطل حتى كأنه لا يعبد إلا عدما وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل توقد مصابيح معارفهم من: ﴿شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاءُ﴾ فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته ومتابعة رسوله إنه قريب مجيب.
فهذه عشرون فائدة مضافة إلى القاعدة التي بدأنا بها في أقسام ما يوصف به الرب تبارك وتعالى فعليك بمعرفتها ومراعاتها ثم اشرح الأسماء الحسنى إن وجدت قلبا عاقلا ولسانا قائلا ومحلا قابلا وإلا فالسكوت أولى بك فجناب الربوبية أجل وأعز مما يخطر بالبال أو يعبر عنه المقال: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ حتى ينتهي العلم إلى من أحاط بكل شيء علما.
وعسى الله أن يعين بفضله على تعليق شرح الأسماء الحسنى مراعيا فيه أحكام هذه القواعد بريئا من الإلحاد في أسمائه وتعطيل صفاته فهو المان بفضله والله ذو الفضل العظيم.
{"ayah":"وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُوا۟ ٱلَّذِینَ یُلۡحِدُونَ فِیۤ أَسۡمَـٰۤىِٕهِۦۚ سَیُجۡزَوۡنَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق