الباحث القرآني

فأنكر سبحانه على من سوى بين المسلمين والمجرمين، وبين المطيعين والمفسدين مع أن الكل تحت المراد الكوني والمشيئة العامة. وقال أيضا في (طريق الهجرتين) فأنكر عليهم الحكم بهذا وأخرجه مخرج الإنكار لا مخرج الإخبار لينبه العقول على هذا مما تحيله الفطر وتأْباه العقول السليمة، وقال تعالى: ﴿لاَ يَسْتَوِيَ أصْحابُ النّارِ وأصْحابُ الجَنّةِ أصْحابُ الجَنّةِ هُمُ الفَآئِزُونَ﴾ [الحشر: ٢٠]، وقال تعالى: ﴿أمْ نَجْعَلُ الّذِينَ آمَنُواْ وعَمِلُواْ الصّالِحاتِ كالمُفْسِدِينَ في الأرْضِ أمْ نَجْعَلُ المُتّقِينَ كالفُجّارِ﴾ [ص:٢٨]، وقال تعالى: ﴿قَلْ هَلْ يَسْتَوى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الألْبابِ﴾ [الزمر: ٩] بل الواحد من الخلق لا تستوى أعاليه وأسافله، فلا يستوي عقبه وعينه، ولا رأسه ورجلاه، ولا يصلح أحدهما لما يصلح له الآخر فالله عز وجل قد خلق الخبيث والطيب والسهل والحزن والضار والنافع، وهذه أجزاء الأرض: منها ما يصلح جلاءً للعين ومنها ما يصلح للأتون والنار. وبهذا ونحوه يعرف كمال القدرة وكمال الحكمة: فكمال القدرة بخلق الأضداد. وكمال الحكمة تنزيلها منازلها ووضع كل منها في موضعه والعالم من لا يلقى الحرب بين قدرة الله وحكمته - فإن آمن بالقدرة قدح في الحكمة وعطلها وإن آمن بالحكمة قدح في القدرة ونقصها - بل يربط القدرة بالحكمة، ويعلم شمولها لجميع ما خلقه الله ويخلقه، فكما أنه لا يكون إلا بقدرته ومشيئته فكذلك لا يكون إلا بحكمته. وإذا كان لا سبيل للعقول البشرية إلى الإحاطة بهذا تفصيلًا، فيكفيها الإيمان بما تعلم وتشاهد منه، ثم تستدل على الغائب بالشاهد وتعتبر ما علمت بما لم تعلم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب