الباحث القرآني

وأما تقدم (هماز) على (مشاء بنميم) فبالرتبة لأن المشي مرتب على القعود في المكان. والهماز هو العياب، وذلك لا يفتقر إلى حركة وانتقال من موضعه، بخلاف النميمة. وأما تقدم (مناع للخير) على (معتد) فبالرتبة أيضا لأن المناع يمنع من نفسه، والمعتدي يعتدي على غيره ونفسه قبل غيره. معنى ثان في قوله ﴿كل معتد أثيم﴾ وهو أن العدوان مجاوزة الحد الذي حد للعبد فهو ظلم في القدر والوصف وأما الإثم فهو محرم الجنس، ومن تعاطى تعدي الحدود تخطى إلى الجنس الآخر وهو الإثم. معنى ثالث وهو أن المعتدي الظالم لعباد الله تعالى عدوانا عليهم، والأثيم الظالم لنفسه بالفجور فكان تقديمه هنا على الأثيم أولى لأنه في سياق ذمه والنهي عن طاعته، فمن كان معتديا على العباد ظالما لهم فهو أحرى بأن لا تطيعه وتوافقه. وفيه معنى رابع وهو أنه قدمه على الأثيم ليقترن بما قبله وهو وصف المنع للخير فوصفه بأنه لا خير فيه للناس وأنه مع ذلك معتد عليهم فهو متأخر عن المناع لأنه يمنع خيره أولا ثم يعتدي عليهم ثانيا ولهذا يحمد الناس من يوجد لهم الراحة ويكف عنهم الأذى وهذا هو حقيقة التصوف وهذا لا راحة يوجدها ولا أذى يكفه. تقديم ﴿هماز على مشاء بنميم﴾ وأما تقديم ﴿هماز على مشاء بنميم﴾ ففيه آخر غير ما ذكره [السهيلي] وهو أن همزه عيب للمهموز وإزراء به وإظهار لفساد حاله في نفسه. فإن قال يختص بالمهموز لا يتعداه إلى غيره، والمشي بالنميمة يتعداه إلى من ينم عنده فهو ضرر متعد، والهمز ضرره لازم للمهموز إذا شعر به ما ينقل من الأذى اللازم إلى الأذى المتعدي المنتشر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب