الباحث القرآني

قالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِياضٍ: هو أخْلَصُهُ وأصْوَبُهُ. قالُوا: يا أبا عَلِيٍّ، ما أخْلَصُهُ وأصْوَبُهُ؟ فَقالَ: إنَّ العَمَلَ إذا كانَ خالِصًا، ولَمْ يَكُنْ صَوابًا. لَمْ يُقْبَلْ. وإذا كانَ صَوابًا ولَمْ يَكُنْ خالِصًا: لَمْ يُقْبَلْ. حَتّى يَكُونَ خالِصًا صَوابًا، والخالِصُ: أنْ يَكُونَ لِلَّهِ، والصَّوابُ أنْ يَكُونَ عَلى السُّنَّةِ. ثُمَّ قَرَأ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَمَن كانَ يَرْجُو لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠]. وَقالَ تَعالى: ﴿وَمَن أحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ وهو مُحْسِنٌ﴾ [النساء: ١٢٥]. أخبر سبحانه أنه خلق السماوات والأرض العالم العلوي والسفلي ليبلونا أينا أحسن عملا. وأخبر أنه زين الأرض بما عليها من حيوان ونبات ومعادن وغيرها لهذا الابتلاء، وأنه خلق الموت والحياة لهذا الابتلاء. فكان هذا الابتلاء غاية الخلق والأمر، فلم يكن من بد من دار يقع فيها هذا الابتلاء، وهي دار التكليف. ولما سبق في حكمته أن الجنة دار نعيم لا دار ابتلاء وامتحان جعل قبلها دار الابتلاء جسرا يعبر عليه إليها، ومزرعة يبذر فيها وميناء يزود منها. وهذا هو الحق الذي خلق الخلق به ولأجله، وهو أن يعبد وحده بما أمر به على ألسنة رسله، فأمر ونهى على السنة ووعدنا بالثواب والعقاب، ولم يخلق خلقه سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم، ولا يتركهم هملا لا يثيبهم ولا يعاقبهم، بل خلقوا للأمر والنهي والثواب والعقاب، ولا يليق بحكمته وحمده غير ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب