الباحث القرآني

* [فَصْلٌ: المَعاصِي تُفْسِدُ العَقْلَ] وَمِنها: أنَّ المَعاصِيَ تُفْسِدُ العَقْلَ، فَإنَّ لِلْعَقْلِ نُورًا، والمَعْصِيَةُ تُطْفِئُ نُورَ العَقْلِ ولا بُدَّ، وإذا طُفِئَ نُورُهُ ضَعُفَ ونَقَصَ. وَقالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ما عَصى اللَّهَ أحَدٌ حَتّى يَغِيبَ عَقْلُهُ، وهَذا ظاهِرٌ، فَإنَّهُ لَوْ حَضَرَ عَقْلُهُ لَحَجَزَهُ عَنِ المَعْصِيَةِ وهو في قَبْضَةِ الرَّبِّ تَعالى، أوْ تَحْتَ قَهْرِهِ، وهو مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ، وفي دارِهِ عَلى بِساطِهِ ومَلائِكَتُهُ شُهُودٌ عَلَيْهِ ناظِرُونَ إلَيْهِ، وواعِظُ القُرْآنِ يَنْهاهُ، وواعِظُ المَوْتِ يَنْهاهُ، وواعِظُ النّارِ يَنْهاهُ، والَّذِي يَفُوتُهُ بِالمَعْصِيَةِ مِن خَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ أضْعافُ ما يَحْصُلُ لَهُ مِنَ السُّرُورِ واللَّذَّةِ بِها، فَهَلْ يُقْدِمُ عَلى الِاسْتِهانَةِ بِذَلِكَ كُلِّهِ، والِاسْتِخْفافِ بِهِ ذُو عَقْلٍ سَلِيمٍ؟ * (فائدة) قوله تعالى: ﴿فاعْتَرفُوا بذنبهم فسحقا لأصْحاب السعير﴾ والله تَعالى يَنْفِي تارَة عَن هَؤُلاءِ العقل والسمع والبَصَر، فإنها مدارك العلم وأسباب حُصُوله، وتارَة ينفي عَنْهُم السّمع والعقل. وَتارَة ينفي عَنْهُم السّمع والبَصَر، وتارَة ينفي عَنْهُم العقل والبَصَر، وتارَة ينفى عَنْهُم وحده. فنفي الثَّلاثَة نفي لمدارك العلم بطرِيق المُطابقَة، ونفي بَعْضها نفي لَهُ بالمطابقة، والآخر باللزوم. فإن القلب إذا فسد فسد السّمع والبَصَر، بل أصل فسادهما من فَساده. وَإذا فسد السّمع والبَصَر فسد القلب فَإذا أعْرض عَن سمع الحق وأبغض قائِله بِحَيْثُ لا يحب رُؤْيَته امْتنع وُصُول الهدى إلى القلب ففسد. وَإذا فسد السّمع والعقل تبعهما فَساد البَصَر، فَكل مدرك من هَذِه يَصح بِصِحَّة الآخر ويفْسد بفساده، فَلهَذا يَجِيء في القُرْآن نفي ذَلِك صَرِيحًا ولزوما
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب