الباحث القرآني

* (فَصْلٌ) وَفِي ضَرْبِ المَثَلِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْيَمَ أيْضًا اعْتِبارٌ آخَرُ وهو أنَّها لَمْ يَضُرَّها عِنْدَ اللَّهِ شَيْئًا قَذْفُ أعْداءِ اللَّهِ اليَهُودَ لَها، ونِسْبَتُهم إيّاها وابْنَها إلى ما بَرَّأهُما اللَّهُ عَنْهُ، مَعَ كَوْنِها الصِّدِّيقَةُ الكُبْرى المُصْطَفاةُ عَلى نِساءِ العالَمِينَ؛ فَلا يَضُرُّ الرَّجُلُ الصّالِحُ قَدْحُ الفُجّارِ والفُسّاقِ فِيهِ. وَفِي هَذا تَسْلِيَةٌ لِعائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ إنْ كانَتْ السُّورَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ قِصَّةِ الإفْكِ، وتَوْطِينِ نَفْسِها عَلى ما قالَ فِيها الكاذِبُونَ إنْ كانَتْ قَبْلَها، كَما في ذِكْرِ التَّمْثِيلِ بِامْرَأةِ نُوحٍ ولُوطٍ تَحْذِيرٌ لَها ولِحَفْصَةَ مِمّا اعْتَمَدَتاهُ في حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ. فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الأمْثالُ التَّحْذِيرَ لَهُنَّ والتَّخْوِيفَ، والتَّحْرِيضَ لَهُنَّ عَلى الطّاعَةِ والتَّوْحِيدِ، والتَّسْلِيَةِ وتَوْطِينِ النَّفْسِ لِمَن أُوذِيَ مِنهُنَّ وكُذِبَ عَلَيْهِ. وَأسْرارُ التَّنْزِيلِ فَوْقَ هَذا وأجَلُّ مِنهُ، ولا سِيَّما أسْرارُ الأمْثالِ الَّتِي لا يَعْقِلُها إلّا العالِمُونَ. ((الجزء العشرون))
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب