الباحث القرآني

* (فصل) ذكر ابن أبي داود في تفسيره عن وهب بن منبه قال إن الملائكة حين دخلوا على لوط ظن أنهم أضياف ضافوه فاحتفل لهم وحرص على كرامتهم وخالفته امرأته إلى فساق قومه فأخبرتهم أنه ضاف لوطا أحسن الناس وجها وأنضرهم جمالا وأطيبهم ريحا فكانت هذه خيانتها التي ذكر الله عز وجل في كتابه وفيه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿فخانتاهما﴾ قال: والله ما زنتا ولا بغت امرأة نبي قط فقيل له فما كانت خيانة امرأة نوح وامرأة لوط فقال أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون وأما امرأة لوط فإنها كانت تدل على الضيف. * (فصل) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الآياتُ عَلى ثَلاثَةِ أمْثالٍ: مَثَلٌ لِلْكُفّارِ، ومِثْلَيْنِ لِلْمُؤْمِنِينَ. فَتَضَمَّنَ مَثَلُ الكُفّارِ أنَّ الكافِرَ يُعاقَبُ عَلى كُفْرِهِ وعَداوَتِهِ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وأوْلِيائِهِ، ولا يَنْفَعُهُ مَعَ كُفْرِهِ ما كانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ المُؤْمِنِينَ مِن لُحْمَةِ نَسَبٍ أوْ صِلَةِ صِهْرٍ أوْ سَبَبٍ مِن أسْبابِ الِاتِّصالِ. فَإنَّ الأسْبابَ كُلَّها تَنْقَطِعُ يَوْمَ القِيامَةِ إلّا ما كانَ مِنها مُتَّصِلًا بِاللَّهِ وحْدَهُ عَلى أيْدِي رُسُلِهِ، فَلَوْ نَفَعَتْ وصْلَةُ القَرابَةِ والمُصاهَرَةِ أوْ النِّكاحِ مَعَ عَدَمِ الإيمانِ لَنَفَعَتْ الوَصْلَةُ الَّتِي كانَتْ بَيْنَ لُوطٍ ونُوحٍ وامْرَأتَيْهِما، فَلَمّا لَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِن اللَّهِ شَيْئًا ﴿وَقِيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ﴾ [التحريم: ١٠] قَطَعَتْ الآيَةُ حِينَئِذٍ طَمَعَ مَن رَكِبَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ وخالَفَ أمْرَهُ، ورَجا أنْ يَنْفَعَهُ صَلاحُ غَيْرِهِ مِن قَرِيبٍ أوْ أجْنَبِيٍّ، ولَوْ كانَ بَيْنَهُما في الدُّنْيا أشَدَّ الِاتِّصالِ، فَلا اتِّصالَ فَوْقَ اتِّصالِ البُنُوَّةِ والأُبُوَّةِ والزَّوْجِيَّةِ، ولَمْ يُغْنِ نُوحٌ عَنْ ابْنِهِ، ولا إبْراهِيمُ عَنْ أبِيهِ، ولا نُوحٌ ولا لُوطٌ عَنْ امْرَأتَيْهِما مِن اللَّهِ شَيْئًا، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿لَنْ تَنْفَعَكم أرْحامُكم ولا أوْلادُكم يَوْمَ القِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣] وَقالَ تَعالى: ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ [الانفطار: ١٩]. وَقالَ تَعالى: ﴿واتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨] وَقالَ: ﴿واخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ ولَدِهِ ولا مَوْلُودٌ هو جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئًا إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ [لقمان: ٣٣] وَهَذا كُلُّهُ تَكْذِيبٌ لِأطْماعِ المُشْرِكِينَ الباطِلَةِ أنَّ مَن تَعَلَّقُوا بِهِ مِن دُونِ اللَّهِ مِن قَرابَةٍ أوْ صِهْرٍ أوْ نِكاحٍ أوْ صُحْبَةٍ يَنْفَعُهم يَوْمَ القِيامَةِ، أوْ يُجِيرُهم مِن عَذابِ اللَّهِ، أوْ هو يَشْفَعُ لَهم عِنْدَ اللَّهِ، وهَذا أصْلُ ضَلالِ بَنِي آدَمَ وشِرْكِهِمْ، وهو الشِّرْكُ الَّذِي لا يَغْفِرُهُ اللَّهُ، وهو الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ جَمِيعَ رُسُلِهِ وأنْزَلَ جَمِيعَ كُتُبِهِ بِإبْطالِهِ، ومُحارَبَةِ أهْلِهِ ومُعاداتِهِمْ. * (لطيفة) قوله ﴿وَقِيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ﴾ كأن الكون كله نطق بذلك وقاله لهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب