الباحث القرآني
* (فصل)
اعلم أن كمال ملكه بأن يكون مقارنا بحمده فله الملك وله الحمد، والناس في هذا المقام ثلاث فرق فالرسل وأتباعهم أثبتوا له الملك والحمد.
وهذا مذهب من أثبت له القدرة والحكمة، وحقائق الأسماء والصفات، ونزهه عن النقائص ومشابهة المخلوقات.
ويوحشك في هذا المقام جميع الطوائف غير أهل السنة الذين لم يتحيزوا إلى نحلة ولا مقالة ولا متبوع من أهل الكلام.
الفرقة الثانية: الذين أثبتوا له الملك، وعطلوا حقيقة الحمد وهم الجبرية نفاة الحكمة والتعليل القائلين بأنه يجوز عليه كل ممكن ولا ينزه عن فعل قبيح، بل كل ممكن فإنه لا يقبح منه، وإنما القبيح المستحيل لذاته كالجمع بين النقيضين.
فيجوز عليه تعذيب ملائكته وأنبيائه ورسله وأهل طاعته، وإكرام إبليس وجنوده، وجعلهم فوق أوليائه في النعيم المقيم أبدا.
ولا سبيل لنا إلى العلم باستحالة ذلك إلا من نفي الخُلْف في خبره فقط.
فيجوز أن يأمر بمشيئته ومشيئة أنبيائه، والسجود للأصنام وبالكذب والفجور وسفك ونهب الأموال، وينهى عن البر والصدق والإحسان والعفاف، ولا فرق في نفس الأمر بين ما أمر به ونهى عنه إلا التحكم بمحض المشيئة، وأنه أمر بهذا ونهى عن هذا من غير أن يكون فيما أمر به صفة حسن تقتضي محبته والأمر به ولا فيما نهى عنه صفة قبح تقتضي كراهته والنهي عنه.
فهؤلاء عطلوا حمده في الحقيقة، وأثبتوا له ملكا بلا حمد مع أنهم في الحقيقة لم يثبتوا له ملكا فإنهم جعلوه معطلا في الأزل والأبد لا يقوم به فعل ألبتة.
وكثير منهم عطله عن صفات الكمال التي لا يتحقق كونه ملكا وربا وإلها إلا بها فلا ملكا أثبتوا ولا حمدا.
الفرقة الثالثة: أثبتوا له نوعا من الحمد وعطلوا كمال ملكه، وهم القدرية الذين أثبتوا نوعا من الحكمة ونفوا لأجلها كمال قدرته فحافظوا على نوع من الحمد عطلوا له كمال الملك.
وفي الحقيقة لم يثبتوا لا هذا ولا هذا، فإن الحكمة التي أثبتوها جعلوها راجعة إلى المخلوق لا يعود إليه سبحانه حكمها والملك الذي أثبتوه فإنهم في الحقيقة إنما قرروا نفيه لنفي قيام الصفات التي لا يكون ملكا حقا إلا بها
ونفي قيام الأفعال الاختيارية فلم يقم به عندهم وصف ولا فعل ولا له إرادة ولا كلام ولا سمع ولا بصر ولا فعل ولا له حب ولا بغض معطل عن حقيقة الملك والحمد.
والمقصود أن عموم ملكه يستلزم إثبات القدرة، وأن لا يكون في ملكه شيء بغير مشيئته فالله أكبر من ذلك وأجل وعموم حمده يستلزم أن لا يكون في خلقه وأمره ما لا حكمة فيه ولا غاية محمودة يفعل لأجلها ويأمر لأجلها فالله أكبر وأجل من ذلك يوضحه الوجه الخامس عشر أن مجرد الفعل من غير قصد ولا حكمة ولا مصلحة يقصده الفاعل لأجلها لا يكون متعلقا للحمد، فلا يحمد عليه حتى لو حصلت به مصلحة من غير قصد الفاعل لحصولها لم يستحق الحمد عليها كما تقدم تقريره، بل الذي يقصد الفعل لمصلحة وحكمة وغاية محمودة وهو عاجز عن تنفيذ مراده أحق بالحمد من قادر لا يفعل لحكمة ولا لمصلحة ولا لقصد الإحسان.
هذا المستقر في فطر الخلق والرب سبحانه حمده قد ملأ السماوات والأرض وما بينهما وما بعد ذلك، فملأ العالم العلوي والسفلي والدنيا والآخرة، ووسع حمده ما وسع علمه، فله الحمد التام على جميع خلقه ولا حكم يحكم إلا بحمده ولا قامت السماوات والأرض إلا بحمده ولا يتحول شيء في العالم العلوي والسفلي من حال إلى حال إلا بحمده، ولا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار إلا بحمده، كما قال الحسن رحمة الله عليه:
"لقد دخل أهل النار النار وإن حمده لفي قلوبهم ما وجدوا عليه سبيلا" وهو سبحانه إنما أنزل الكتاب بحمده، وأرسل الرسل بحمده وأمات خلقه بحمده ويحييهم بحمده ولهذا حمد نفسه على ربوبيته الشاملة لذلك كله فالحمد لله رب العالمين وحمد نفسه على إنزال كتبه فالحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب وحمد نفسه على خلق السماوات والأرض: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ﴾
وحمد نفسه على كمال ملكه: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ ولَهُ الحَمْدُ في الآخِرَةِ وهو الحَكِيمُ الخَبِيرُ﴾
فحمد ملأ الزمان والمكان والأعيان وعم الأقوال كلها: ﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ ولَهُ الحَمْدُ في السَّماواتِ والأرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾
وكيف لا يحمد على خلقه كله وهو الذي أحسن كل شيء خلقه وعلى صنعه وقد أتقنه: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾
وعلى أمره وكله حكمة ورحمة وعدل ومصلحة وعلى نهيه وكل ما نهى عنه شر وفساد وعلى ثوابه وكله رحمة وإحسان وعلى عقابه وكله عدل وحق فلله الحمد كله وله الملك كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله والمقصود أنه كلما كان الفاعل أعظم حكمة كان أعظم حمدا وإذا عدم الحكمة ولم يقصدها بفعله وأمره عدم الحمد.
{"ayah":"یُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











