الباحث القرآني

وَإنَّما لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ في أكْلِ المَيْتَةِ حَدًّا اكْتِفاءً بِالزّاجِرِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ في الطِّباعِ مِن كَراهَتِها، والنَّفْرَةِ عَنْها، وإبْعادِها عَنْها، بِخِلافِ الخَمْرِ. والخِنْزِيرُ أشَدُّ تَحْرِيمًا مِنَ المَيْتَةِ، ولِهَذا أفْرَدَهُ اللَّهُ تَعالى بِالحُكْمِ عَلَيْهِ أنَّهُ رِجْسٌ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلّا أنْ يَكُونَ مَيْتَةً أوْ دَمًا مَسْفُوحًا أوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإنَّهُ رِجْسٌ أوْ فِسْقًا﴾ [الأنعام: ١٤٥]، فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ (فَإنَّهُ) وإنْ كانَ عَوْدُهُ إلى الثَّلاثَةِ المَذْكُورَةِ بِاعْتِبارِ لَفْظِ المُحَرَّمِ، فَإنَّهُ يَتَرَجَّحُ اخْتِصاصُ لَحْمِ الخِنْزِيرِ بِهِ لِثَلاثَةِ أوْجُهٍ. أحَدُها: قُرْبُهُ مِنهُ، والثّانِي: تَذْكِيرُهُ دُونَ قَوْلِهِ، فَإنَّها رِجْسٌ، والثّالِثُ: أنَّهُ أتى (بِالفاءِ) و (إنَّ) تَنْبِيهًا عَلى عِلَّةِ التَّحْرِيمِ لِتُزْجَرَ النُّفُوسُ عَنْهُ، ويُقابِلُ هَذِهِ العِلَّةَ ما في طِباعِ بَعْضِ النّاسِ مِنِ اسْتِلْذاذِهِ واسْتِطابَتِهِ، فَنَفى عَنْهُ ذَلِكَ، وأخْبَرَ أنَّهُ رِجْسٌ، وهَذا لا يَحْتاجُ إلَيْهِ في المَيْتَةِ والدَّمِ، لِأنَّ كَوْنَهُما رِجْسًا أمْرٌ مُسْتَقِرٌّ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ، ولِهَذا في القُرْآنِ نَظائِرُ، فَتَأمَّلْها. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدُ تَحْرِيمَ بَيْعِ الأصْنامِ، وهو أعْظَمُ تَحْرِيمًا وإثْمًا، وأشَدُّ مُنافاةً لِلْإسْلامِ مِن بَيْعِ الخَمْرِ والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب