الباحث القرآني

* (فصل) وأما التزيين فقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم﴾ وقال: ﴿أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ وقال: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فأضاف التزيين إليه منه سبحانه خلقا ومشيئة وحذف فاعله تارة ونسبة إلى سببه ومن أجراه على يده تارة وهذا التزيين سبحانه حسن إذ هو ابتلاء واختبار بعيد ليتميز المطيع منهم من العاصي والمؤمن من الكافر كما قال تعالى: ﴿إنّا جَعَلْنا ما عَلى الأرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهم أيُّهم أحْسَنُ عَمَلًا﴾ وهو من الشيطان قبيح وأيضا فتزيينه سبحانه للعبد عمله السيئ عقوبة منه له على إعراضه عن توحيده وعبوديته وإيثار سيء العمل على حسنه فإنه لا بد أن يعرفه سبحانه السيئ من الحسن فإذا آثر القبيح واختاره وأحبه ورضيه لنفسه زينه سبحانه له وأعماه عن رؤية قبحه بعد أن رآه قبيحا وكل ظالم وفاجر وفاسق لا بد أن يريه الله تعالى ظلمه وفجوره وفسقه قبيحا فإذا تمادى عليه ارتفعت رؤية قبحه من قلبه فربما رآه حسنا عقوبة له فإنه إنما يكشف له عن قبحه بالنور الذي في قلبه وهو حجة الله عليه فإذا تمادى في غيه وظلمه ذهب ذلك النور فلم ير قبحه في ظلمات الجهل والفسوق والظلم ومع هذا فحجة الله قائمة عليه بالرسالة وبالتعريف الأول فتزيين الرب تعالى عدل وعقوبته حكمة وتزيين الشيطان إغواء وظلم وهو السبب الخارج عن العبد والسبب الداخل فيه حبه وبغضه وإعراضه والرب سبحانه خالق الجميع والجميع واقع بمشيئته وقدرته ولو شاء لهدى خلقه أجمعين والمعصوم من عصمه الله والمخذول من خذله الله ﴿ألا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العالَمِينَ﴾. * [فَصْلٌ الأدِلَّةُ عَلى المَنعِ مِن فِعْلِ ما يُؤَدِّي إلى الحَرامِ] الدَّلالَةُ عَلى المَنعِ مِن وُجُوهٍ: الوَجْهُ الأوَّلُ: قَوْله تَعالى: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعالى سَبَّ آلِهَةِ المُشْرِكِينَ - مَعَ كَوْنِ السَّبِّ غَيْظًا وحَمِيَّةً لِلَّهِ وإهانَةً لِآلِهَتِهِمْ - لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إلى سَبِّهِمْ اللَّهَ تَعالى، وكانَتْ مَصْلَحَةُ تَرْكِ مَسَبَّتِهِ تَعالى أرْجَحَ مِن مَصْلَحَةِ سَبِّنا لِآلِهَتِهِمْ، وهَذا كالتَّنْبِيهِ بَلْ كالتَّصْرِيحِ عَلى المَنعِ مِن الجائِزِ لِئَلّا يَكُونَ سَبَبًا في فِعْلِ ما لا يَجُوزُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب