الباحث القرآني
* (فصل)
«وَسَألَهُ ﷺ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ البَياضِيُّ فَقالَ: ظاهَرْت مِن امْرَأتِي حَتّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضانَ؛ فَبَيْنَما هي تَخْدُمُنِي ذاتَ لَيْلَةٍ إذْ انْكَشَفَ لِي مِنها شَيْءٌ، فَلَمْ ألْبَثْ أنْ نَزَوْتُ
عَلَيْها، فَقالَ أنْتَ بِذاكَ يا سَلَمَةُ فَقُلْت: أنا بِذاكَ فَأنا صابِرٌ لِأمْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، فاحْكم في بِما أراك اللَّهُ، قالَ حَرِّرْ رَقَبَةً قُلْتُ: واَلَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما أمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَها، وضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي، قالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ فَقُلْتُ: وهَلْ أصَبْتُ الَّذِي أصَبْتُ إلّا مِن الصِّيامِ؟ قالَ فَأطْعِمْ وسْقًا مِن تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قُلْتُ: واَلَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيًّا لَقَدْ بِتْنا وحْشِيَّيْنِ ما لَنا مِن طَعامٍ، قالَ فانْطَلِقْ إلى صاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْها إلَيْكَ، فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وسْقًا مِن تَمْرٍ، وكُلْ أنْتَ وعِيالَكَ بَقِيَّتَها فَرَجَعْتُ إلى قَوْمِي، فَقُلْتُ: وجَدَتْ عِنْدَكم الضِّيقَ وسُوءَ الرَّأْي، ووَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ السَّعَةَ وحُسْنَ الرَّأْيِ، وأمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ» ذَكَرَهُ أحْمَدُ.
«وَسَألَتْهُ ﷺ خَوْلَةُ بِنْتُ مالِكٍ، فَقالَتْ: إنّ زَوْجَها أوْسَ بْنَ الصّامِتِ ظاهَرَ مِنها، وشَكَتْهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُجادِلُها فِيهِ بِقَوْلِهِ اتَّقِي اللَّهَ فَإنَّهُ ابْنُ عَمِّكَ فَما بَرِحَتْ حَتّى نَزَلَ القُرْآنُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ﴾ الآياتُ.
فَقالَ يَعْتِقُ رَقَبَةً قالَتْ: لا يَجِدُ، قالَ، فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ قالَتْ: إنّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ ما بِهِ مِن صِيامٍ، قالَ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قالَتْ: ما عِنْدَهُ مِن شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَأتى ساعَتَهُ بِعَرَقٍ مِن تَمْرٍ، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قالَ أحْسَنْتِ، اذْهَبِي فَأطْعِمِي بِها عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وارْجِعِي إلى ابْنِ عَمِّكِ» ذَكَرَهُ أحْمَدُ وأبُو داوُد، ولَفْظُ أحْمَدَ: «قالَتْ في واللَّهِ وفي أوْسِ بْنِ الصّامِتِ أنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ المُجادَلَةِ، قالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ، وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ ساءَ خُلُقُهُ وضَجِرَ، قالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا، فَراجَعْتُهُ بِشَيْءٍ، فَغَضِبَ فَقالَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ في نادِي قَوْمِهِ ساعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَإذا هو يُرِيدُنِي عَنْ نَفْسِي، قالَتْ: قُلْتُ: كَلا واَلَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لا تَخْلُصُ إلَيَّ وقَدْ قُلْتَ ما قُلْتَ حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ فِينا بِحُكْمٍ، قالَتْ: فَواثَبَنِي، فامْتَنَعْتُ مِنهُ، فَغَلَبْتُهُ بِما تَغْلِبُ المَرْأةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ، فَألْقَيْتُهُ عَنِّي، ثُمَّ خَرَجْتُ إلى بَعْضِ جاراتِي، فاسْتَعَرْتُ مِنها ثِيابَها، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ما لَقِيتُ مِنهُ، فَجَعَلْتُ أشْكُو إلَيْهِ ما ألْقى مِن سُوءِ خُلُقِهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ؛ يا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ، قالَتْ: فَواللَّهِ ما بَرِحْتُ حَتّى نَزَلَ القُرْآنُ، فَتَغَشّى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ما كانَ يَتَغَشّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقالَ: يا خُوَيْلَةُ قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وفي صاحِبِكِ، ثُمَّ قَرَأ عَلَيَّ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ﴾ [المجادلة: ١] إلى قَوْلِهِ: ﴿وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ ألِيمٌ﴾ [المجادلة: ٤]
قالَتْ: فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً» وذَكَرَ نَحْوَ ما تَقَدَّمَ.
وَعِنْدَ ابْنِ ماجَهْ «أنَّها قالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ أكَلَ شَبابِي ونَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتّى إذا كَبِرَ سِنِي وانْقَطَعَ ولَدِي ظاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إنِّي أشْكُو إلَيْكَ، فَما بَرِحْتُ حَتّى نَزَلَ جَبْرائِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِهَؤُلاءِ الآياتِ».
* (فصل)
وأما سمع الله لمن حمده فقال السهيلي: مفعول سمع محذوف لأن السمع متعلق بالأقوال والأصوات دون غيرها فاللام على بابها إلا أنها تؤذن بمعنى زائد وهو الاستجابة المقارنة للسمع فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد وهي الاستجابة لمن حمده.
وهذا مثل قوله ﴿عسى أن يكون ردف لكم﴾
ليست اللام لام المفعول كما زعموا ولا هي زائدة ولكن (ردف) فعل متعد ومعموله غير هذا الاسم كما كان مفعول سمع غير المجرور ومعنى ردف تبع وجاء على الأثر فلو حملته على الاسم المجرور لكان المعنى غير صحيح إذا تأملته ولكن المعنى ردف لكم استعجالكم وقولكم لأنهم قالوا: متى هذا الوعد ثم حذف المفعول الذي هو القول والاستعجال اتكالا على فهم السامع ودلت اللام على الحذف لمنعها الاسم الذي دخلت عليه أن يكون مفعولا وآذنت أيضا بفائدة أخرى وهي معنى عجل لكم فهي متعلقة بهذا المعنى فصار معنى الكلام قل عسى أن يكون عجل لكم بعض الذي تستعجلون فردف قولكم واستعجل لكم فدلت ردف على أنهم قالوا واستعجلوا ودلت اللام على المعنى الآخر فانتظم الكلام أحسن انتظام واجتمع مع الإيجاز معنى التمام.
قلت: فعل السمع يراد به أربعة معان:
أحدهما: سمع إدراك ومتعلقه الأصوات
الثاني: سمع فهم وعقل ومتعلقه المعاني
الثالث: سمع إجابة وإعطاء ما سئل
الرابع: سمع قبول وانقياد فمن الأول: ﴿سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها﴾ و ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا﴾
ومن الثاني قوله: ﴿لا تَقُولُوا راعِنا وقُولُوا انْظُرْنا واسْمَعُوا﴾ ليس المراد سمع مجرد الكلام بل سمع الفهم والعقل، ومنه ﴿سمعنا وأطعنا﴾.
ومن الثالث سمع الله لمن حمده وفي الدعاء المأثور "اللهم اسمع"
أي أجب وأعط ما سألتك.
ومن الرابع قوله تعالى: ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ أي قابلون له ومنقادون غير منكرين له ومنه على أصح القولين: ﴿وَفِيكم سَمّاعُونَ لَهُمْ﴾ أي قابلون ومنقادون.
وقيل: عيون وجواسيس.
وليس بشيء فإن العيون والجواسيس إنما تكون بين الفئتين غير المختلطتين فيحتاج إلى الجواسيس والعيون وهذه الآية إنما هي في حق المنافقين وهم كانوا مختلطين بالصحابة بينهم فلم يكونوا محتاجين إلى عيون وجواسيس.
وإذا عرف هذا فسمْعُ الإدراك يتعدى بنفسه، وسمع القبول يتعدى باللام تارة وبـ (مِن) أخرى.
وهذا بحسب المعنى، فإذا كان السياق يقتضي القبول عدي بـ (مِن) وإذا كان يقتضي الانقياد عدي باللام.
وأما سمْع الإجابة فيتعدى باللام نحو سمع الله لمن حمده لتضمنه معنى استجاب له ولا حذف هناك، وإنما هو مضمن، وأما سمع الفهم فيتعدى بنفسه لأن مضمونه يتعدى بنفسه.
{"ayah":"قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ یَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَاۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











