الباحث القرآني
* (فائدة)
ذكر هاهنا أحكام الأرواح عند الموت، وذكر في أول السورة أحكامها يوم المعاد الأكبر، وقدم ذلك على هذا تقديم الغاية للعناية، إذ هي أهم وأولى بالذكر، وجعلهم عند الموت ثلاثة أقسام، كما جعلهم في الآخرة ثلاثة أقسام.
* (فصل)
ثم ختم السورة بأحوالهم عند القيامة الصغرى كما ذكر في أولها أحوالهم في القيامة الكبرى وقسمهم إلى ثلاثة أقسام كما قسمهم هناك إلى ثلاثة وذكر بين يدي هذا التقسيم الاستدلال على صحته وثبوته بأنهم مربوبون مدبرون مملوكون فوقهم رب قاهر مالك يتصرف فيهم بحسب مشيئته وإرادته وقررهم على ذلك بما لا سبيل لهم إلى دفعه ولا إنكاره فقال ﴿فلولا إذا بلغت الحلقوم﴾ أي وصلت الروح إلى هذا الموضع بحيث فارقت ولم تفارق فهي برزخ بين الموت والحياة كما أنها إذا فارقت صارت في برزخ بين الدنيا والآخرة ملائكة الرب تعالى أقرب إلى المحتضر من حاضريه من الإنس ولكنهم لا يبصرون بهم فلولا تردونها إلى مكانها من البدن أيها الحاضرون إن كان الأمر كما تزعمون أنكم غير مجزيين ولا مدينين ولا مستوعبين ليوم الحساب
فإن قيل أي ارتباط بين هذين الأمرين حتى يلازم بينهما؟
قيل هذا من أحسن الاستدلال وأبلغه فإنهم إما أن يقروا بأنهم مربوبون مملوكون عبيد لمالك قادر متصرف فيهم قاهر آمر ناه أو لا يقرون بذلك فإن أقروا به لزمهم القيام بحقه عليهم وشكره وتعظيمه وإجلاله وأن لا يجعلوا له ندًا ولا شريكًا وهذا هو الذي جاءهم به رسوله ونزل عليه به كتابه وإن أنكروا ذلك وقالوا إنهم ليسوا بعبيد ولا مملوكين ولا مربوبين وأن الأمر إليهم يردون الأرواح إلى مقارها إذا بلغت الحلقوم فإن المتصرف في نفسه الحاكم على روحه لا يمتنع منه ذلك بخلاف المحكوم عليه المتصرف فيه غير المدبر له سواء الذي هو عبد مملوك من جميع الجهات وهذا الاستدلال لا محيد عنه ولا مدفع له ومن أعطاه حقه من التقرير والبيان انتفع به غاية النفع وانقاد لأجله للعبودية وأذعن ولم يسعه غير التسليم للربوبية والإلهية والإقرار بالعبودية ولله ما أحسن جزالة هذه الألفاظ وفصاحتها وبلوغها أقصى مراتب
البلاغة والفصاحة والاختصار التام وندائها إلى معناها من أقرب مكان واشتمالها على التوبيخ والتقرير والإلزام ودلائل الربوبية والتوحيد والبعث وفصل النزاع في معرفة الروح وأنها تصعد وتنزل وتنتقل من مكان إلى مكان وما أحسن إعادة لولا ثانيًا قبل ذكر الفعل الذي يقتضيه الأول وجعل الحرفين يقتضيانه اقتضاء واحدًا وذكر الشرطين مع الفصل بينهما بكلمة واحدة هي الرابط بين لولا الأولى والثانية والشرط الأول والثاني وهذا تركيب يستحد العقل والسمع لمعناه ولفظه
فتضمنت الآيتان تقريرًا وتوبيخًا واستدلالًا على أصول الإيمان من وجود الخالق سبحانه وكمال قدرته ونفوذ مشيئته وربوبيته وتصرفه في أرواح عباده حيث لا يقدرون على التصرف فيها بشيء وأن أرواحهم بيده يذهب بها إذا شاء ويردها إليهم إذا شاء ويخلي أبدانهم منها تارة ويجمع بينها وبينهما تارة وإثبات المعاد وصدق رسوله فيما اخبر به عنه وإثبات ملائكته وتقرير عبودية الخلق وأتى بهذا في صورة تحضيضين وتوبيخين وتقريرين وجوابين وشرطين وجزاءين منتظمة أحسن الانتظام ومتداخلة أحسن التداخل متعلقًا بعضها ببعض.
وهذا كلام لا يقدر البشر على مثل نظمه ومعناه.
قال الفراء وأجيبت ﴿فَلَوْلا إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ﴾ و ﴿فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾ بجواب واحد وهو ﴿تَرْجِعُونَها إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾
قال ومثله قوله تعالى ﴿فَإمّا يَأْتِيَنَّكم مِنِّي هُدىً فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾
أجيبا بجواب واحد وهما شرطان قال الجرجاني قوله ترجعونها جواب قوله فلولا المتقدمة والمتأخرة على تأويل فلولا إذا بلغت النفس الحلقوم تردونها إلى موضعها إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين كما تزعمون يقول تعالى إن كان الأمر كما تزعمون أنه لا بعث ولا حساب ولا جزاء ولا إله ولا رب يقوم بذلك فهلا تردون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم فإذا لم يمكنكم في ذلك حيلة بوجه من الوجوه فهل دلكم ذلك على أن الأمر إلى مليك قادر قاهر متصرف فيكم وهو الله الذي لا إله إلا هو وقال أبو اسحق معناه فهلا ترجعون الروح إن كنتم غير مملوكين مدبرين فهلا إن كان الأمر كما تزعمون في كما يقول قائلكم ﴿لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا﴾ و ﴿لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وما قُتِلُوا﴾ أي إن كنتم تقدرون أن تؤخروا أجلًا فهلا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم وهلا تردون عن أنفسكم الموت؟
قلت: وكأن هذا يلتفت إلى قوله تعالى ﴿قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم﴾
أي إن كنتم كما تزعمون لا تبعثون بعد الموت خلقًا جديدا فكونوا خلقا لا يفنى ولا يبلى إما من حجارة أو من حديد أو أكبر من ذلك ووجه الملازمة ما تقدم ذكره وهو إما أن تقروا بأن لكم ربًا متصرفًا فيكم ومالكًا لكم تنفذ فيكم مشيئته وقدرته يميتكم إذا شاء ويحييكم إذا شاء فكيف تنكرون قدرته على إعادتكم خلقًا جديدًا بعدما أماتكم وإما أن تنكروا أن يكون لكم رب قادر قاهر مالك نافذ المشيئة فيكم والقدرة فيكم فكونوا خلقًا لا يقبل الفناء والموت فإذا لم تستطيعوا إن تكونوا كذلك فما تنكرون من قدرة من جعلكم خلقًا يموت ويحيا أن يحييكم بعد ما أماتكم فهذا استدلال يعجزهم عن كونهم خلقًا لا يموت والذي في الواقعة استدلال يعجزهم عن رد الروح إلى مكانها إذا قاربت الموت وليس بعد هذا الاستدلال إلا الإذعان والانقياد أو الكفر والعناد.
{"ayahs_start":83,"ayahs":["فَلَوۡلَاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ","وَأَنتُمۡ حِینَىِٕذࣲ تَنظُرُونَ","وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنكُمۡ وَلَـٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ"],"ayah":"فَلَوۡلَاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











