الباحث القرآني

ولما ذكر الله تعالى أصناف بني آدم سعيدهم وشقيهم قسم سعداءهم إلى قسمين: سابقين وأصحاب يمين، فقال: ﴿والسّابِقُونَ السّابِقُونَ﴾ واختلف في تقريرها على ثلاثة أقوال: أحدها أنه من باب التوكيد اللفظي ويكون الخبر قوله: ﴿أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾ والثاني أن يكون السابقون الأول مبتدأ والثاني خبر له على حد قولك: زيد زيد أي زيد الذي سمعت به هو زيد كما قال: وكقول الآخر: ؎أنا أبو النجم وشعري شعري ∗∗∗ إذ الناس ناس والزمان زمان قال ابن عطية وهذا قول سيبويه والثالث أن يكون الأول غير الثاني ويكون المعنى السابقون في الدنيا إلى الخيرات هم السابقون يوم القيامة إلى الجنات والسابقون إلى الإيمان هم السابقون إلى الجنان وهذا أظهر والله أعلم. فإن قيل: فما تقول في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه من حديث بريدة بن الحصيب قال: أصبح رسول الله ﷺ فدعا بلال فقال: "يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ فما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي، ودخلت البارحة فسمعت خشخشتك أمامي، فأتيت على قصر مريع مشرف من ذهب فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل عربي. قلت: أنا عربي لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من قريش، قلت: أنا قرشي ولمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من أمة محمد. قلت أنا محمد لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب، فقال بلال: يا رسول الله ﷺ ما أذَّنت قط إلا وصليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها، ورأيت أن لله عليَّ ركعتين فقال رسول الله ﷺ: " بهما". قيل: نتلقاه بالقبول والتصديق، ولا يدل على أن أحدا يسبق رسول الله إلى الجنة. وأما تقدم بلال بين يدي رسول الله ﷺ في الجنة فلأن بلالا كان يدعو إلى الله أولا في الأذان، فيتقدم أذانه بين يدي رسول الله ﷺ فتقدم دخوله بين يديه كالحاجب والخادم. وقد روى في حديث " أن النبي ﷺ يبعث يوم القيامة وبلال بين يديه ينادي بالأذان" فتقدمه بين يديه كرامة لرسوله وإظهارا لشرفه وفضله، لا سبقا من بلال، بل هذا السبق من جنس سبقه إلى الوضوء ودخول المسجد ونحوه والله أعلم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب