الباحث القرآني

المقصورات: المحبوسات. قال أبو عبيدة: خدرن في الخيام. وكذلك قال مقاتل في الخيام. وفيه معنى آخر. هو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يرين غيرهم، وهم في الخيام. وهذا معنى قول من قال: قصرن على أزواجهن، فلا يرين غيرهم، ولا يطمحن إلى من سواهم، وذكره الفراء. قلت: وهذا معنى «قاصرات الطرف» لكن أولئك قاصرات بأنفسهن، وهؤلاء مقصورات. وقوله: «في الخيام» على هذا القول: صفة لحور. أي هن في الخيام. وليس معمول لمقصورات، وكأن أرباب هذا القول فسروه بأن يكن محبوسات في الخيام لا يفارقنها إلى الغرف والبساتين. وأصحاب القول الأول: يجيبون عن هذا: بأن الله سبحانه وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات. وذلك أجمل في الوصف. ولا يلزم من ذلك أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين، كما أن نساء الملوك ومن دونهن من النساء المخدرات المصونات يمنعن أن يخرجن في سفر وغيره إلى متنزه وبستان ونحوه فوصفهن اللازم لهن: هو القصر في البيت، وإن كان يعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها. وأما مجاهد فقال: مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ. وقد تقدم وصف النسوة الأول. بكونهن قاصرات الطرف، وهؤلاء بكونهن مقصورات. والوصفان لكلا النوعين، فإنهما صفتا كمال. فتلك الصفة قصر الطرف عن طموحه إلى غير الأزواج، وهذه الصفة قصرهن عن التبرج والبروز والظهور للرجال. * (فصل: في ذكر خيامهم وسررهم وأرائكهم وبشخاناتهم) قال تعالى ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي ﷺ قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا" وفي لفظ لهما: "في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن" وفي لفظ آخر لهما أيضا: "الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون" وللبخاري وحده في لفظ: "طولها ثلاثون ميلا" وهذه الخيم غير الغرف والقصور بل هي خيام في البساتين وعلى شواطئ الأنهار وقال ابن أبي الدنيا حدثنا الحسين بن عبد الرحمن عن أحمد بن أبي الحوري قال سمعت أبا سليمان قال: ينشأ خلق الحور العين إنشأ فإذا تكامل خلقهن ضربت عليهم الملائكة الخيام وقال بعضهم: لما كن أبكارا وعادة البكر أن تكون مقصورة في خدرها حتى يأخذها بعلها أنشأ الله تعالى الحور وقصرهن في خدور الخيام حتى يجمع بينهن وبين أوليائه في الجنة. وقال ابن أبي الدنيا حدثنا إسحاق حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن جابر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله قال: لكل مسلم خيرة ولكل خيرة خيمة ولكل خيمة أربعة أبواب يدخل عليها كل يوم من كل باب تحفة وهدية وكرامة لم تكن قبل ذلك لا مزجات ولا زفرات ولا بخرات ولا طماحات حور عين عين كأنهن بيض مكنون. حدثنا علي بن الجعد حدثنا شعبة عن عبد الله بن ميسرة قال سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ قال: در مجوف. وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا سليمان التيمي عن قتادة عن خليد القصري عن أبي الدرداء قال الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا كلها من درة. قال ابن المبارك وأخبرنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة الآف مصراع من ذهب. وقال ابن أبي الدنيا حدثنا فضيل بن عبد الوهاب حدثنا شريك عن منصور عن مجاهد ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ قال: في خيام اللؤلؤ والخيمة لؤلؤة واحدة حدثني محمد بن جعفر حدثنا منصور حدثنا يوسف بن الصباح عن أبي صالح عن ابن عباس حور مقصورات في الخيام قال الخيمة درة من لؤلؤة مجوفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ ولها ألف باب من ذهب حولها سرادق دوره خمسون فرسخا يدخل عليه من كل باب منها ملك بهديه من عند الله عز وجل وذلك قوله ﴿والمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ﴾ والله أعلم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب