الباحث القرآني
* [فَصْلٌ القِسْمُ الثّانِي أهْلُ الجَهْلِ والظُّلْمِ]
[أهْلُ الجَهْلِ المُرَكَّبِ]
* فَصْلٌ:
القِسْمُ الثّانِي: أهْلُ الجَهْلِ والظُّلْمِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الجَهْلِ بِما جاءَ بِهِ، والظُّلْمِ بِاتِّباعِ أهْوائِهِمُ، الَّذِينَ قالَ اللَّهُ تَعالى فِيهِمْ: ﴿إنْ يَتَّبِعُونَ إلّا الظَّنَّ وما تَهْوى الأنْفُسُ ولَقَدْ جاءَهم مِن رَبِّهِمُ الهُدى﴾ [النجم: ٢٣].
وَهَؤُلاءِ قِسْمانِ:
أحَدُهُما: الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أنَّهم عَلى عِلْمٍ وهُدًى وهم أهْلُ جَهْلٍ وضَلالٍ، فَهَؤُلاءِ أهْلُ الجَهْلِ المُرَكَّبِ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ الحَقَّ ويُعادُونَهُ ويُعادُونَ أهْلَهُ، ويَنْصُرُونَ الباطِلَ ويُوالُونَهُ ويُوالُونَ أهْلَهُ وهم يَحْسَبُونَ أنَّهم عَلى شَيْءٍ ألا إنَّهم هُمُ الكاذِبُونَ، فَهم لِاعْتِقادِهِمُ الشَّيْءَ عَلى خِلافِ ما هو عَلَيْهِ بِمَنزِلَةِ رائِي السَّرابِ الَّذِي يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتّى إذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا، فَهَكَذا هَؤُلاءِ أعْمالُهم وعُلُومُهم بِمَنزِلَةِ السَّرابِ الَّذِي يَخُونُ صاحِبَهُ أحْوَجَ ما هو إلَيْهِ، ولَمْ يَقْتَصِرْ عَلى مُجَرَّدِ الخَيْبَةِ والحِرْمانِ كَما هو حالُ مَن أمَّ السَّرابَ فَلَمْ يَجِدْهُ ماءً بَلِ انْضافَ إلى ذَلِكَ أنَّهُ وجَدَ عِنْدَهُ أحْكَمَ الحاكِمِينَ وأعْدَلَ العادِلِينَ سُبْحانَهُ وتَعالى فَحَسَبَ لَهُ ما عِنْدَهُ
مِنَ العِلْمِ والعَمَلِ، ووَفّاهُ إيّاهُ بِمَثاقِيلِ الذَّرِّ، وقَدِمَ إلى ما عَمِلَ مِن عَمَلٍ يَرْجُو نَفْعَهُ فَجَعَلَهُ هَباءً مَنثُورًا: إذْ لَمْ يَكُنْ خالِصًا لِوَجْهِهِ، ولا عَلى سُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ وصارَتْ تِلْكَ الشُّبُهاتُ الباطِلَةُ الَّتِي كانَ يَظُنُّها عُلُومًا نافِعَةً كَذَلِكَ هَباءً مَنثُورًا، فَصارَتْ أعْمالُهُ وعُلُومُهُ حَسَراتٍ عَلَيْهِ.
والسَّرابُ ما يُرى في الفَلَواتِ المُنْبَسِطَةِ مِن ضَوْءِ الشَّمْسِ وقْتَ الظَّهِيرَةِ يُسَرِّبُ عَلى وجْهِ الأرْضِ كَأنَّهُ ماءٌ يَجْرِي. والقِيعَةُ والقاعُ هُوَ: المُنْبَسِطُ مِنَ الأرْضِ الَّذِي لا جَبَلَ فِيهِ ولا وادٍ فَشَبَّهَ عُلُومَ مَن لَمْ يَأْخُذْ عُلُومَهُ مِنَ الوَحْيِ وأعْمالَهُ، بِسَرابٍ يَراهُ المُسافِرُ في شِدَّةِ الحَرِّ فَيَؤُمُّهُ فَيَخِيبُ ظَنُّهُ ويَجِدُهُ نارًا تَلَظّى، فَهَكَذا عُلُومُ أهْلِ الباطِلِ وأعْمالُهم إذا حُشِرَ النّاسُ واشْتَدَّ بِهِمُ العَطَشُ بَدَتْ لَهم كالسَّرابِ فَيَحْسَبُونَهُ ماءً فَإذا أتَوْهُ وجَدُوا اللَّهَ عِنْدَهُ فَأخَذَتْهم زَبانِيَةُ العَذابِ فَعَتَلُوهم إلى نارِ الجَحِيمِ فَسُقُوا ماءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أمْعاءَهُمْ، وذَلِكَ الماءُ الَّذِي سُقُوهُ هو تِلْكَ العُلُومُ الَّتِي لا تَنْفَعُ. والأعْمالُ الَّتِي كانَتْ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعالى صَيَّرَها اللَّهُ تَعالى حَمِيمًا سَقاهم إيّاهُ كَما أنَّ طَعامَهم مِن ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ ولا يُغْنِي مِن جُوعٍ، وهو تِلْكَ العُلُومُ والأعْمالُ الباطِلَةُ الَّتِي كانَتْ في الدُّنْيا، كَذَلِكَ لا يُسْمِنُ ولا يُغْنِي مِن جُوعٍ، وهَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ قالَ اللَّهُ تَعالى فِيهِمْ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهم في الحَياةِ الدُّنْيا وهم يَحْسَبُونَ أنَّهم يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: ١٠٣] وهُمُ الَّذِينَ عَنى بِقَوْلِهِ: ﴿وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣] وهُمُ الَّذِينَ عَنى بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أعْمالَهم حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وما هم بِخارِجِينَ مِنَ النّارِ﴾ [البقرة: ١٦٧].
والقِسْمُ الثّانِي مِن هَذا الصِّنْفِ: أصْحابُ الظُّلُماتِ وهُمُ المُنْغَمِسُونَ في الجَهْلِ بِحَيْثُ قَدْ أحاطَ بِهِمْ مِن كُلِّ وجْهٍ فَهم بِمَنزِلَةِ الأنْعامِ بَلْ هم أضَلُّ سَبِيلًا، فَهَؤُلاءِ أعْمالُهُمُ - الَّتِي عَمِلُوها عَلى غَيْرِ بَصِيرَةٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ واتِّباعِ الآباءِ مِن غَيْرِ نُورٍ " مِنَ " اللَّهِ تَعالى - كَظُلُماتٍ - جَمْعُ ظُلْمَةٍ - وهي ظُلْمَةُ الجَهْلِ، وظُلْمَةُ الكُفْرِ، وظُلْمَةُ الظُّلْمِ واتِّباعِ الهَوى، وظُلْمَةُ الشَّكِّ والرَّيْبِ، وظُلْمَةُ الإعْراضِ عَنِ الحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ تَعالى بِهِ رُسُلَهُ صَلَواتُ اللَّهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِمْ، والنُّورُ الَّذِي أنْزَلَهُ مَعَهم لِيُخْرِجَ بِهِ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ، فَإنَّ المُعْرِضَ عَمّا بَعَثَ اللَّهُ تَعالى بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ مِنَ الهُدى ودِينِ الحَقِّ يَتَقَلَّبُ في خَمْسِ ظُلُماتٍ، قَوْلُهُ ظُلْمَةٌ، وعَمَلُهُ ظُلْمَةٌ، ومُدْخَلُهُ ظُلْمَةٌ، ومُخْرَجُهُ ظُلْمَةٌ، ومَصِيرُهُ إلى الظُّلْمَةِ، فَقَلْبُهُ مُظْلِمٌ، ووَجْهُهُ مُظْلِمٌ، وكَلامُهُ مُظْلِمٌ، وحالُهُ مُظْلِمَةٌ، وإذا قابَلَتْ بَصِيرَتُهُ الخُفّاشِيَّةُ ما بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ مِن النُّورِ جَدَّ في الهَرَبِ مِنهُ وكادَ نُورُهُ يَخْطِفُ بَصَرَهُ فَهَرَبَ إلى ظُلُماتِ الآراءِ الَّتِي هي بِهِ أنْسَبُ وأوْلى كَما قِيلَ.
خَفافِيشُ أعَشاها النَّهارُ بِضَوْئِهِ ووافَقَها قِطَعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ فَإذا جاءَ إلى زُبالَةِ الأفْكارِ ونُحاتَةِ الأذْهانِ، جالَ وصالَ، وأبْدى وأعادَ، وقَعْقَعَ وفَرْقَعَ. فَإذا طَلَعَ نُورُ الوَحْيِ وشَمْسُ الرِّسالَةِ، انْحَجَرَ في أحْجِرَةِ الحَشَراتِ.
{"ayah":"إِنۡ هِیَ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤءࣱ سَمَّیۡتُمُوهَاۤ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَـٰنٍۚ إِن یَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰۤ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق