الباحث القرآني

ثم أنكر سبحانه عليه مكابرتهم وجحدهم له على ما رآه كما ينكر على الجاهل مكابرته للعالم ومماراته له على ما عمله وفيها قراءتان ﴿أفتمارونه﴾ و ﴿أفتمرونه﴾ وهذه المماراة أصلها من الجحد والدفع يقول مريت الرجل حقه إذا جحدته كما قال الشاعر: ؎لئن هجرت أخا صدق ومكرمة ∗∗∗ لقد مريت أخا ما كان يمريكا ومنه المماراة وهي المجادلة والمكابرة، ولهذا عدى هذا الفعل بـ (على) وهي على بابها وليست بمعنى عن كما قاله المبرد بل الفعل متضمن معنى المكابرة. وهذا في قراءة الألف أظهر ورجح أبو عبيدة قراءة من قرأ ﴿أفتمرونه﴾ قال وذلك أن المشركين إنما شأنهم. الجحود لما كان يأتيهم من الوحي وهذا كان أكثر من المماراة منهم يعني أن من قرأ ﴿أفتمارونه﴾ فمعناه أفتجادلونه ومن قرأ ﴿أفتمرونه﴾ معناه أفتجحدونه وجحودهم لما جاء به كان هو شأنهم وكان أكثر من مجادلتهم له وخالفه أبو علي وغيره واختاروا قراءة ﴿أفتمارونه﴾ قال أبو علي من قرأ ﴿أفتمارونه﴾ فمعناه أفتجادلونه جدالًا ترومون به دفعه عما علمه وشاهده ويقوي هذا الوجه قوله تعالى ﴿يجادلونك في الحق بعد ما تبين﴾ ومن قرأ ﴿أفتمرونه﴾ كان المعنى أفتجحدونه قال والمجادلة كأنها أشبه في هذا لأن الجحود كان منهم في هذا وغيره وقد جادله المشركون في الإسراء قلت: القوم جمعوا بين الجدال والدفع والإنكار فكان جدالهم جدال جحود ودفع لا جدال استرشاد وتبين للحق وإثبات الألف يدل على المجادلة والإتيان بعلى يدل على المكابرة فكانت قراءة الألف منتظمة للمعنيين جميعا فهي أولى وبالله التوفيق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب