الباحث القرآني

* (فصل) ثم أخبر تعالى عن تصديق فؤاده لما رأته عيناه، وأن القلب صدق العين وليس كمن رأى شيئًا على خلاف ما هو به فكذب فؤاده بصره بل ما رآه ببصره صدقه الفؤاد وعلم أنه كذلك وفيها قراءتان إحداهما بتخفيف كذب والثانية بتشديدها يقال كذبته عينه وكذبه قلبه وكذبه جسده إذا أخلف ما ظنه وحدسه قال الشاعر: ؎كذبتك عينك أم رأيت بواسط ∗∗∗ غلس الظلام من الرباب خيالا أي أرتك ما لا حقيقة له فنفى هذا عن رسوله، وأخبره أن فؤاده لم يكذب ما رآه و (ما) إما أن تكون مصدرية فيكون المعنى ما كذب فؤاده رؤيته. وإما أن تكون موصولة فيكون المعنى ما كذب الفؤاد الذي رآه بعينه. وعلى التقديرين فهو إخبار عن تطابق رؤية القلب لرؤية البصر وتوافقهما وتصديق كل منهما لصاحبه. وهذا ظاهر جدًا في قراءة التشديد، وقد استشكلها طائفة منهم المبرد، وقال في هذه القراءة بعد قال لأنه إذا رأى بقلبه فقد علمه أيضًا بقلبه، وإذا وقع العلم فلا كذب معه فإنه إذا كان الشيء في القلب معلومًا فكيف يكون معه تكذيب؟ قلت: وجواب هذا من وجهين: أحدهما أن الرجل قد يتخيل الشيء على خلاف ما هو فيكذبه قلبه إذ يريه صورة المعلوم على خلاف ما هي عليه كما تكذبه عينه فيقال كذبه قلبه وكذبه ظنه وكذبته عينه فنفى سبحانه ذلك عن رسوله وأخبر أن ما رآه الفؤاد فهو كما رآه كمن رأى الشيء على حقيقة ما هو به فإنه يصح أن يقال لم تكذبه عينه الثاني أن يكون الضمير في (رأى) عائدة إلى الرأي لا إلى الفؤاد ويكون المعنى ما كذب الفؤاد ما رآه البصر. وهذا بحمد الله لا إشكال فيه والمعنى ما كذب الفؤاد ما رآه البصر بل صدقه وعلى القراءتين. فالمعنى ما أوهمه الفؤاد أنه رأى ولم ير ولا اتهم بصره.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب