الباحث القرآني

وَقالَ: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ﴾ [الواقعة: ٢١]. وَفِي " سُنَنِ ابْنِ ماجَهْ " مِن حَدِيثِ أبِي الدَّرْداءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «سَيِّدُ طَعامِ أهْلِ الدُّنْيا وأهْلِ الجَنَّةِ اللَّحْمُ». وَمِن حَدِيثِ بريدة يَرْفَعُهُ: «خَيْرُ الإدامِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ اللَّحْمُ». وَفِي " الصَّحِيحِ عَنْهُ ﷺ: «فَضْلُ عائشة عَلى النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلى سائِرِ الطَّعامِ». والثَّرِيدُ الخُبْزُ واللَّحْمُ، قالَ الشّاعِرُ: ؎إذا ما الخُبْزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ ∗∗∗ فَذاكَ أمانَةَ اللَّهِ الثَّرِيدُ وَقالَ الزُّهْرِيُّ: أكْلُ اللَّحْمِ يَزِيدُ سَبْعِينَ قُوَّةً. وَقالَ مُحَمَّدُ بْنُ واسِعٍ: اللَّحْمُ يَزِيدُ في البَصَرِ، ويُرْوى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (" كُلُوا اللَّحْمَ " فَإنَّهُ يُصَفِّي اللَّوْنَ، ويُخْمِصُ البَطْنَ، ويُحَسِّنُ الخُلُقَ) وَقالَ نافع: كانَ ابْنُ عُمَرَ إذا كانَ رَمَضانُ لَمْ يَفُتْهُ اللَّحْمُ، وإذا سافَرَ لَمْ يَفُتْهُ اللَّحْمُ، ويُذْكَرُ عَنْ علي: (مَن تَرَكَهُ أرْبَعِينَ لَيْلَةً ساءَ خُلُقُهُ). وَأمّا حَدِيثُ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها الَّذِي رَواهُ أبو داود مَرْفُوعًا: «لا تَقْطَعُوا اللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ، فَإنَّهُ مِن صَنِيعِ الأعاجِمِ، وانْهَسُوهُ، فَإنَّهُ أهْنَأُ وأمْرَأُ». فَرَدَّهُ الإمامُ أحْمَدُ بِما صَحَّ عَنْهُ ﷺ مِن قَطْعِهِ بِالسِّكِّينِ في حَدِيثَيْنِ، وقَدْ تَقَدَّما. واللَّحْمُ أجْناسٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ أُصُولِهِ وطَبائِعِهِ، فَنَذْكُرُ حُكْمَ كُلِّ جِنْسٍ وطَبْعَهُ ومَنفَعَتَهُ ومَضَرَّتَهُ. لَحْمُ الضَّأْنِ: حارٌّ في الثّانِيَةِ، رَطْبٌ في الأُولى، جَيِّدُهُ الحَوْلِيُّ، يُوَلِّدُ الدَّمَ المَحْمُودَ القَوِيَّ لِمَن جادَ هَضْمُهُ، يَصْلُحُ لِأصْحابِ الأمْزِجَةِ البارِدَةِ والمُعْتَدِلَةِ، ولِأهْلِ الرِّياضاتِ التّامَّةِ في المَواضِعِ والفُصُولِ البارِدَةِ، نافِعٌ لِأصْحابِ المِرَّةِ السَّوْداءِ يُقَوِّي الذِّهْنَ والحِفْظَ. ولَحْمُ الهَرِمِ والعَجِيفِ رَدِيءٌ، وكَذَلِكَ لَحْمُ النِّعاجِ، وأجْوَدُهُ: لَحْمُ الذَّكَرِ الأسْوَدِ مِنهُ فَإنَّهُ أخَفُّ وألَذُّ وأنْفَعُ، والخَصِيُّ أنْفَعُ وأجْوَدُ، والأحْمَرُ مِنَ الحَيَوانِ السَّمِينُ أخَفُّ وأجْوَدُ غِذاءً، والجَذَعُ مِنَ المَعْزِ أقَلُّ تَغْذِيَةً، ويَطْفُو في المَعِدَةِ. وَأفْضَلُ اللَّحْمِ عائِذُهُ بِالعَظْمِ، والأيْمَنُ أخَفُّ وأجْوَدُ مِنَ الأيْسَرِ، والمُقَدَّمُ أفْضَلُ مِنَ المُؤَخَّرِ، وكانَ أحَبَّ الشّاةِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُقَدَّمُها، وكُلُّ ما عَلا مِنهُ سِوى الرَّأْسِ كانَ أخَفَّ وأجْوَدَ مِمّا سَفَلَ، وأعْطى الفَرَزْدَقُ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ لَحْمًا. وَقالَ لَهُ: خُذِ المُقَدَّمَ، وإيّاكَ والرَّأْسَ والبَطْنَ، فَإنَّ الدّاءَ فِيهِما. وَلَحْمُ العُنُقِ جَيِّدٌ لَذِيذٌ سَرِيعُ الهَضْمِ خَفِيفٌ، ولَحْمُ الذِّراعِ أخَفُّ اللَّحْمِ وألَذُّهُ وألْطَفُهُ وأبْعَدُهُ مِنَ الأذى، وأسْرَعُهُ انْهِضامًا. وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": «أنَّهُ كانَ يُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ»، ولَحْمُ الظَّهْرِ كَثِيرُ الغِذاءِ، يُوَلِّدُ دَمًا مَحْمُودًا. وَفِي " سُنَنِ ابْنِ ماجَهْ " مَرْفُوعًا: «أطْيَبُ اللَّحْمِ لَحْمُ الظَّهْرِ». * [فَصْلٌ: ضَرَرُ المُداوَمَةِ عَلى اللَّحْمِ] وَيَنْبَغِي أنْ لا يُداوَمَ عَلى أكْلِ اللَّحْمِ، فَإنَّهُ يُورِثُ الأمْراضَ الدَّمَوِيَّةَ والِامتِلائِيَّةَ، والحُمَّياتِ الحادَّةَ. وَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (إيّاكم واللَّحْمَ فَإنَّ لَهُ ضَراوَةً كَضَراوَةِ الخَمْرِ) ذَكَرَهُ مالك في " المُوَطَّأِ " عَنْهُ. وَقالَ أبقراط: لا تَجْعَلُوا أجْوافَكم مَقْبَرَةً لِلْحَيَوانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب