الباحث القرآني
ثم أخبر سبحانه عن تكميل نعيمهم بإلحاق ذرياتهم بهم في الدرجة وإن لم يعملوا أعمالهم لتقر أعينهم بهم ويتم سرورهم وفرحهم وأخبر سبحانه أنه لم ينقص الآباء من عملهم من شيء بهذا الإلحاق فينزلهم من الدرجة العليا إلى الدرجة السفلى بل ألحق الأبناء بالآباء ووفر على الآباء أجورهم ودرجاتهم
ثم أخبر سبحانه أن هذا إنما هو فعله في أهل الفضل.
وأما أهل العدل فلا يفعل بهم ذلك بل ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ﴾ ففي هذا دفع لتوهم التسوية بين الفريقين بهذا الإلحاق كما في قوله ﴿وَما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ دفع لتوهم حط الآباء إلى درجة الأبناء وقسمة أجور الآباء بينهم وبين الأبناء فينقص أجر أعمالهم فرفع هذا التوهم بقوله ﴿وَما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ أي ما نقصناهم.
* (فائدة)
لَمّا أخْبَرَ سُبْحانَهُ بِإلْحاقِ الذُّرِّيَّةِ ولا عَمَلَ لَهم بِآبائِهِمْ في الدَّرَجَةِ فَرُبَّما تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أنْ يَحُطَّ الآباءَ إلى دَرَجَةِ الذُّرِّيَّةِ، فَرَفَعَ هَذا التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ [الطور: ٢١]
أيْ ما نَقَصْنا مِن الآباءِ شَيْئًا مِن أُجُورِ أعْمالِهِمْ، بَلْ رَفَعْنا ذُرِّيَّتَهم إلى دَرَجَتِهِمْ، ولَمْ نَحُطَّهم إلى دَرَجَتِهِمْ بِنَقْصِ أُجُورِهِمْ.
وَلَمّا كانَ الوَهْمُ قَدْ يَذْهَبُ إلى أنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِأهْلِ النّارِ كَما يَفْعَلُهُ بِأهْلِ الجَنَّةِ قَطَعَ هَذا الوَهْمَ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ﴾
* (فصل)
* وقال في (طريق الهجرتين)
وأما قوله
تعالى: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾
فهذه الآية تدل على أن الله سبحانه يلحق ذرية المؤمنين بهم في الجنة، وإنهم يكونون معهم في درجتهم.
ومع هذه فلا يتوهم نزول الأباء إلى درجة الذرية فإن الله لم يلتهم - أي لم ينقصهم من أعمالهم من شيئًا بل رفع ذرياتهم إلى درجاتهم مع توفير أجور الآباءِ عليهم.
ولما كان إلحاق الذرية بالآباءِ في الدرجة إنما هو بحكم التبعية لا بالأعمال، ربما توهم متوهم أن ذرية الكفار يلحقون بهم في العذاب تبعًا وإن لم يكن لهم أعمال الآباءِ، فقطع تعالى هذا التوهم بقوله تعالى: ﴿كُلُّ امْرِيءٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ﴾.
وتأمل قوله تعالى: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيْمانٍ﴾ كيف أتى بالواو العاطفة في اتباع الذرية، وجعل الخبر عن المؤمنين الذين هذا شأْنهم، فجعل الخبر مستحقًا بأمرين:
أحدهما إيمان الآباءِ.
والثاني إتباع الله ذريتهم إياهم، وذلك لا يقتضي أن كل مؤمن يتبعه كل ذرية له، ولو أُريد هذا المعنى لقيل: "والذين آمنوا تتبعهم ذرياتهم"
فعطف الاتباع بالواو يقتضي أن يكون المعطوف بها قيدًا وشرطًا في ثبوت الخبر، لا حصوله لكل أفراد المبتدأ.
وعلى هذا يخرج ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، قالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِصَبِيٍّ مِنَ الأنْصارِ يُصَلِّي عَلَيْهِ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ طُوبى لِهَذا، لَمْ يَعْمَلْ شَرًّا ولَمْ يَدْرِ بِهِ.
قالَ: " أوَ غَيْرُ ذَلِكَ يا عائِشَةَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الجَنَّةَ، وخَلَقَ لَها أهْلًا، وخَلَقَها لَهم وهم في أصْلابِ آبائِهِمْ، وخَلَقَ النّارَ وخَلَقَ لَها أهْلًا، وخَلَقَها لَهم وهم في أصْلابِ آبائِهِمْ" فهذا الحديث يدل على أنه لا يشهد لكل طفل من أطفال المؤمنين بالجنة، وإن أطلق على أطفال المؤمنين بالجنة، وإن أطلق على أطفال المؤمنين في الجملة أنهم في الجنة، لكن الشهادة للمعين ممتنعة، كما يشهد للمؤمنين مطلقًا أنهم في الجنة، ولا يشهد لمعين بذلك إلا من شهد له النبي ﷺ.
فهذا وجه الحديث الذي يشكل على كثير من الناس.
ورده الإمام أحمد وقال: لا يصح.
ومن يشك أن أولاد المسلمين في الجنة؟
وتأوله قوم تأويلات بعيدة.
* (فصل)
روي قيس عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته، وإن كانوا دونه في العمل لتقرّ بهم عينه، ثم قرأ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهم وما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾
قال: «ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين»
وذكر ابن مردويه في تفسيره من حديث شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - قال شريك: أظنه حكاه عن النبي ﷺ قال:
«إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده؟ فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك، أو عملك. فيقول.
يا رب قد عملت لي ولهم، فيؤمر بالإلحاق بهم، ثم تلا ابن عباس ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ﴾»
إلى آخر الآية.
وقد اختلف المفسرون في الذرية في هذه الآية، هل المراد بها الصغار أو الكبار أو النوعان؟
على ثلاثة أقوال. واختلافهم مبني على أن قوله:
«بإيمان» حال من الذرية التابعين أو المؤمنين المتبوعين.
فقالت طائفة: المعنى والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم في إيمانهم فأتوا من الإيمان بمثل ما أتوا به ألحقناهم بهم في الدرجات.
قالوا: ويدل على هذا قراءة من قرأ ﴿واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهُمْ﴾ فجعل الفعل في الاتباع لهم.
قالوا: وقد أطلق الله سبحانه الذرية على الكبار، كما قال: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وسُلَيْمانَ﴾
وقال: ﴿ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ﴾
وقال: ﴿وَكُنّا ذُرِّيَّةً مِن بَعْدِهِمْ أفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ المُبْطِلُونَ﴾
وهذا قول لكبار العقلاء.
قالوا: ويدل على ذلك ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه
«إن الله يرفع ذرية المؤمن إلى درجته وإن كانوا دونه في العمل، لتقرّ بهم عينه»
فهذا يدل على أنهم دخوا بأعمالهم، ولكن لم يكن لهم أعمال يبلغوا بها درجة آبائهم.
فبلّغهم إياها، وإن تقاصر عملهم عنها.
قالوا: وأيضا فالإيمان هو القول والعمل والنية.
وهذا إنما يمكن من الكبار، وعلى هذا فيكون المعنى: أن الله سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه، إذ هذا حقيقة التبعية، وإن كانوا دونه في الإيمان، رفعهم الله إلى درجته إقرارا لعينه، وتكميلا لنعيمه.
وهذا كما أن زوجات النبي ﷺ معه في الدرجة تبعا، وإن لم يبلغوا تلك الدرجة بأعمالهن.
وقالت طائفة أخرى: الذرية هاهنا الصغار. والمعنى: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء. والذرية تتبع الآباء. وإن كانوا صغارا في الإيمان وأحكامه من الميراث، والدية والصلاة عليهم، والدفن في قبور المسلمين، وغير ذلك، إلّا فيما كان من أحكام البالغين.
ويكون قوله: «بإيمان» على هذا في موضع نصب على الحال من المفعولين، أي وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء.
قالوا: يدل على صحة هذا القول: أن البالغين لهم حكم أنفسهم في الثواب والعقاب، فإنهم مستقلون بأنفسهم، ليسوا تابعين للآباء في شيء من أحكام الدنيا، ولا أحكام الثواب والعقاب، لاستقلالهم بأنفسهم.
ولو كان المراد بالذرية البالغين لكان أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم، ولكان أولاد التابعين البالغون كلهم في درجة آبائهم، وهلم جرا إلى يوم القيامة. فيكون الآخرون في درجة السابقين.
قالوا: ويدل عليه أيضا: أنه سبحانه جعلهم معهم تبعا في الدرجة.
كما جعلهم تبعا معهم في الإيمان.
ولو كانوا بالغين لم يكن إيمانهم تبعا، بل إيمان استقلال.
قالوا: ويدل عليه أن الله سبحانه جعل المنازل في الجنة بحسب الأعمال. في حق المستقلين.
وأما الأتباع فإن الله سبحانه يرفعهم إلى درجة أهليهم. وإن لم يكن لهم أعمال. كما تقدم.
وأيضا فالحور العين والخدم في درجة أهليهم، وإن لم يكن لهم عمل، بخلاف المكلفين البالغين. فإنهم يرفعون إلى حيث بلغت بهم أعمالهم.
وقالت فرقة، منهم الواحدي: الوجه أن تحمل الذرية على الصغار والكبار. لأن الكبير يتبع الأب بإيمان نفسه، والصغير يتبع الأب بإيمان الأب.
قالوا: والذرية تقع على الصغير والكبير، والواحد والكثير، والابن والأب، كما قال تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهم أنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهم في الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ أي آباءهم.
والإيمان يقع على الإيمان التبعي وعلى الاختياري الكسبي.
فمن وقوعه على التبعي قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ فلو أعتق صغيرا جاز.
قالوا: وأقوال السلف تدل على هذا.
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: إن الله يرفع ذرية المؤمنين في درجتهم. وإن كانوا دونهم في العمل، لتقرّ بهم عيونهم. ثم قرأ هذه الآية.
وقال ابن مسعود في هذه الآية: الرجل يكون له القدم، ويكون له الذرية، فيدخل الجنة، فيرفعون إليه، لتقرّ بهم عينه، وإن لم يبلغوا ذلك.
وقال أبو مجلز: يجمعهم الله له، كما كان يحب أن يجتمعوا في الدنيا. وقال الشعبي أدخل الله الذرية بعمل الآباء الجنة.
وقال الكلبي عن ابن عباس: إن كان الآباء أرفع درجة من الأبناء رفع الله الأبناء إلى الآباء. وإن كان الأبناء أرفع درجة من الآباء رفع الله الآباء إلى الأبناء. وقال إبراهيم: أعطوا مثل أجور آبائهم ولم ينقص الآباء من أجورهم شيئا.
قال: ويدل على صحة هذا القول: أن القراءتين كالآيتين، فمن قرأ ﴿واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهُمْ﴾ فهذا في حق البالغين الذين تصح نسبة الفعل إليهم، كما قال تعالى: ﴿والسّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهم بِإحْسانٍ﴾
ومن قرأ ﴿وأتبعناهم ذرياتِهم﴾ فهذا في حق الصغار الذين أتبعهم الله إياهم في الإيمان حكما.
فدلت القراءتان على النوعين.
قلت: واختصاص الذرية هاهنا بالصغار أظهر، لئلا يلزم استواء المتأخرين والسابقين في الدرجات.
ولا يلزم مثل هذا في الصغار، فإن أطفال كل رجل وذريته معه في درجته. والله أعلم.
* [فَصْلٌ يَتْبَعُ الوَلَدُ أبَوَيْهِ إذا أسْلَماَ]
الجِهَةُ الثّانِيَةُ: إسْلامُ الأبَوَيْنِ، أوْ أحَدُهُما، فَيَتْبَعُهُ الوَلَدُ قَبْلَ البُلُوغِ. والمَجْنُونُ لا يَتْبَعُ جَدَّهُ، ولا جَدَّتَهُ في الإسْلامِ، هَذا مَذْهَبُ أحْمَدَ، وأبِي حَنِيفَةَ.
وَقالَ مالِكٌ: لا يَتْبَعُ أُمَّهُ في الإسْلامِ، بَلْ تَخْتَصُّ التَّبَعِيَّةُ بِالأبِ؛ لِأنَّ النَّسَبَ لَهُ والوِلايَةَ عَلى الطِّفْلِ لَهُ، وهو عَصَبَةٌ، وقَدْ قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور: ٢١]
والذُّرِّيَّةُ إنَّما تُنْسَبُ إلى الأبِ، وخالَفَهُ ابْنُ وهْبٍ فَوافَقَ الجُمْهُورَ في تَبَعِيَّةِ الأبِ والأُمِّ.
وَقالَ الشّافِعِيُّ: يَتْبَعُ الأبَوَيْنِ، وإنْ عَلَوا سَواءٌ كانا وارِثَيْنِ، أوْ لَمْ يَكُونا وارِثَيْنِ.
قالَ أصْحابُهُ: فَإذا أسْلَمَ الجَدُّ، أوِ الأبُ، أوْ أبُو الأُمِّ تَبِعَهُ الصَّبِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ أبُو الصَّبِيِّ حَيًّا قَطْعًا، وإنْ كانَ حَيًّا فَعَلى وجْهَيْنِ:
الأصَحُّ أنَّهُ يَتْبَعُهُ.
قالُوا: فَإذا بَلَغَ الصَّبِيُّ، فَإنْ أفْصَحَ بِالإسْلامِ تَأكَّدَ ما حَكَمْنا بِهِ، وإنْ أفْصَحَ بِالكُفْرِ فَقَوْلانِ:
المَشْهُورُ أنَّهُ مُرْتَدٌّ؛ لِأنَّهُ سَبَقَ الحُكْمُ بِإسْلامِهِ، فَأشْبَهَ الإسْلامَ اخْتِيارًا، وكَما إذا حَصَلَ العُلُوقُ في حالِ الإسْلامِ.
والثّانِي: أنَّهُ كافِرٌ أصْلِيٌّ؛ لِأنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أوَّلًا، وأُزِيلَ تَبَعًا، فَإذا اسْتَقَلَّ زالَتِ التَّبَعِيَّةُ.
والدَّلِيلُ عَلى تَبَعِيَّتِهِ لِأُمِّهِ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: "
«فَأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، ويُنَصِّرانِهِ» "
وَإنَّما أرادَ مَن وُجِدَ مِن أبَوَيْهِ، فَإذا تَبِعَ أحَدَ الأبَوَيْنِ في كُفْرِهِ فَلَأنْ يَتْبَعَهُ في الإسْلامِ بِطَرِيقِ الأوْلى.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الوِلايَةَ، والتَّعْصِيبَ لِلْأبِ، فَتَكُونُ التَّبَعِيَّةُ لَهُ دُونَ الأُمِّ، فَيُقالُ: وِلايَةُ التَّرْبِيَةِ، والحَضانَةِ والكَفالَةِ لِلْأُمِّ دُونَ الأبِ، وإنَّما قُوَّةُ وِلايَةِ الأبِ عَلى الطِّفْلِ في حِفْظِ مالِهِ، ووِلايَةُ الأُمِّ في التَّرْبِيَةِ، والحَضانَةِ أقْوى: فَتَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ في الإسْلامِ إنْ لَمْ تَكُنْ أقْوى مِن تَبَعِيَّةِ الأبِ فَهي مُساوِيَةٌ لَهُ.
وَأيْضًا، فالوَلَدُ جُزْءٌ مِنها حَقِيقَةً، ولِهَذا تَبِعَها في الحُرِّيَّةِ، والرِّقِّ اتِّفاقًا دُونَ الأبِ، فَإذا أسْلَمَتْ تَبِعَها سائِرُ أجْزائِها، والوَلَدُ جُزْءٌ مِن أجْزائِها، يُوَضِّحُهُ أنَّها لَوْ أسْلَمَتْ وهي حامِلٌ بِهِ حُكِمَ بِإسْلامِ الطِّفْلِ تَبَعًا لِإسْلامِها؛ لِأنَّهُ جُزْءٌ مِن أجْزائِها، فَيَمْتَنِعُ بَقاؤُهُ عَلى كُفْرِهِ مَعَ الحُكْمِ بِإسْلامِ أُمِّهِ.
* [فصل]
* وقال في (زاد المهاجر)
وأما النوع الثاني من الإتباع: فهم أتباع المؤمنين من ذريتهم الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا، وإنما هم مع آبائهم تبع لهم، وقال الله تعالى فيهم: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهم وما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾
أخبر سبحانه انه الحق الذرية بآبائهم في الجنة كما اتبعهم إياهم في الإيمان، ولما كان الذرية لا عمل لهم يستحقون به تلك الدرجات قال تعالى: ﴿وَما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾
والضمير عائد إلى الذين آمنوا، أي وما نقصناهم من عملهم بل رفعنا ذريتهم إلى درجتهم مع توفيتهم أجور أعمالهم فليست منزلتهم منزلة من لم يكن له عمل بل وفيناهم أجورهم فألحقنا بهم ذريتهم فوق ما يستحقون من أعمالهم.
ثم لما كان هذا الإلحاق في الثواب والدرجات فضلًا من الله فربما وقع في الوهم أن إلحاق الذرية أيضًا حاصل لهم في حكم العدل، فلما اكتسبوا سيئات أوجبت عقوبة، كان كل عامل رهينًا بكسبه لا يتعلق بغيره شيء فالإلحاق المذكور إنما هو في الفضل والثواب لا في العدل والعقاب وهذا نوع من أسرار القرآن وكنوزه التي يختص الله بفهمها من شاء.
فقد تضمنت هذه الآية أقسام الخلائق كلهم: أشقيائهم وسعدائهم، السعداء المتبوعين والأتباع، والأشقياء المتبوعين والإتباع. فعلى العاقل الناصح لنفسه أن ينظر في أي الأقسام هو، ولا يغتر بالعادة ويخلد إلى البطالة فإن كان من قسم سعيد انتقل إلى ما هو فوقه وبذل جهده والله ولي التوفيق والنجاح. وإن كان من قسم شقي انتقل منه إلى القسم السعيد في زمن الإمكان قبل أن يقول يا ليتني اتخدت مع الرسول سبيلا.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّیَّتُهُم بِإِیمَـٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَمَاۤ أَلَتۡنَـٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَیۡءࣲۚ كُلُّ ٱمۡرِىِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











