الباحث القرآني

ثم ذكر مجالسهم وهيئاتهم فيها فقال ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ﴾ وفي ذكر اصطفافها تنبيه على كمال النعمة عليهم بقرب بعضهم من بعض ومقابلة بعضهم بعضا كما قال تعالى ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ﴾ فإن من تمام اللذة والنعيم أن يكون مع الإنسان في بستانه ومنزله من يحب معاشرته ويؤثر قربه ولا يكون بعيدًا منه قد حيل بينه وبينه بل سريره إلى جانب سرير من يحبه. * (فصل) وقوله تعالى: ﴿وَزَوَّجْناهم بِحُورٍ عِينٍ﴾ قال أبو عبيدة: جعلناهم أزواجا كما يزوج النعل بالنعل جعلناهم اثنين اثنين وقال يونس قرناهم بهن وليس من عقد التزويج قال والعرب لا تقول تزوجت بها وإنما تقول تزوجتها قال ابن نصر هذا والتنزيل يدل على ما قاله يونس، وذلك قوله تعالى: ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها﴾ ولو كان على تزوجت بها لقال: زوجناك بها وقال ابن سلام: تميم تقول: تزوجت امرأة وتزوجت بها وحكاها الكسائي أيضا. وقال الأزهري تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة، وليس من كلامهم تزوجت بامرأة وقوله تعالى: ﴿وَزَوَّجْناهم بِحُورٍ عِينٍ﴾ أي قرناهم وقال الفراء هي لغة في أزد شنوءة قال الواحدي: وقال أبي عبيدة في هذا أحسن لأنه جعله من التزويج الذي هو بمعنى جعل الشيء زوجا لا بمعنى عقد النكاح ومن هذا يجوز أن يقال كان فردا فزوجته بآخر، كما يقال شفعته بآخر. وإنما تمتنع الباء عند من يمنعها إذا كان بمعنى عقد التزويج. قلت: ولا يمتنع أن يراد الأمران معا فلفظ التزويج يدل على النكاح كما قال مجاهد: أنكحناهم الحور. ولفظ الباء تدل على الاقتران والضم، وهذا أبلغ من حذفها والله أعلم. * (فصل) * وقال في (التبيان في أقسام القرآن) وأما (الحور العين) فقال مجاهد التي يحار فيها الطرف باديًا مخ سوقهن من وراء ثيابهن، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون. وقال قتادة بحور أي بيض وكذا قال ابن عباس. وقال مقاتل الحور البيض الوجوه العين الحسان الأعين، وعين حوراء شديدة السواد نقية البياض طويلة الأهداب مع سوادها كاملة الحسن، ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون مع حور عينها بياض لون الجسد فوصفهن بالبياض والحسن والملاحة كما قال ﴿فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ فالبياض في ألوانهن والحسن في وجوههن والملاحة في عيونهن وقد وصف الله سبحانه نساء أهل الجنة بأحسن الصفات ودل بما وصف بما سكت عنه فإن شئت التفصيل فالذي يحمد ويستحب من وجه المرأة وبدنها وأخلاقها البياض في أربعة أشياء اللون وبياض العين والفرق والثغر والسواد في أربعة سواد العين وسواد شعر الرأس والجفن وسواد الحاجبين والحمرة في أربعة اللسان والشفتين والوجنتين وحمرة تشوب البياض فتحسنه وتزينه ومن التدوير أربعة أشياء الوجه والرأس والكعب والمقعد ومن الطول أربعة القامة والعنق والشعر والحاجب والسعة في أربعة الجبهة والعين والوجه والصدر ومن الصغر في أربعة الثدي والفم والكف والقدم ومن الطيب في أربعة الفم والأنف والفرق والفرج ومن الضيق في موضع واحد ومن الأخلاق كما قال تعالى ﴿عُرُبًا أتْرابًا﴾ إذ العرب جمع عروب وهي المرأة المتحببة إلى زوجها بأخلاقها ولطافتها وشمائلها قال ابن الأعرابي العروب من النساء المطيعة لزوجها المتحببة إليه. وقال أبو عبيدة هي الحسنة التبعل قال المبرد هي العاشقة لزوجها وقال البخاري في صحيحه هي الغنجة ويقال الشكلة فهذا وصف أخلاقهن وذلك وصف خلقهن وأنت إذا تأملت الصفات التي وصفهن الله بها رأيتها مستلزمة لهذه الصفات ولما وراءها والله المستعان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب