الباحث القرآني

ثم أقسم سبحانه ﴿والسَّماءِ ذاتِ الحُبُكِ﴾ أصل الحبك في اللغة إجادة النسج يقال حبك الثوب إذا أجاد نسجه وحبل محبوك إذا كان شديد الفتل وفرس محبوك الكفل أي مدمجه وقال شمر المحبوك في اللغة ما أجيد عمله ودابة محبوكة إذا كانت مدمجة الخلق وقال أبو عبيدة والمبرد الحبك الطريق واحدها حباك وحباك الحمام طرائق على جناحيه وحبك الماء طريقه وقال الفراء الحبك تكسير كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح والماء الدائم إذا مرت به الريح وتجعد الشعر حبك أيضًا واحدها حبيكة مثل طرق وطريقة وحباك مثل مثال ومثل والمقصود بهذا كله ما أفصح به ابن عباس فقال يريد الخلق الحسن. وروى سعيد بن جبير عنه قال: الحبك حسنها واستواؤها وقال قتادة ذات الخلق الشديد وقال مجاهد متقن البنيان وقال أيضًا ذات الطرائق ولكنها بعيدة من العباد فلا يرونها كحبك الماء إذا ضربته الريح، وكحبك الرمل، وكحبك الشعر وقال عكرمة بنيانها كالبرد المسلسل. قلت: وفي الحديث في صفة الدجال "ورأسه حبك" أي جعد الشعر. ومن أحسن ما قيل في تفسير (الحبك) ما ذكره الترمذي في (تفسير الجامع) من حديث الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال "هل تدرون ما فوقكم؟ " قالوا الله ورسوله أعلم. قال "فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف" وذكر الحديث. * (فصل) ثم ذكر المقسم عليه فقال ﴿إنَّكم لَفي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَن أُفِكَ (٩)﴾ فالقول المختلف أقوالهم في القرآن وفي النبي وهو خرص كله فإنهم لما كذبوا بالحق اختلفت مذاهبهم وآراؤهم وطرائقهم وأقوالهم فإن الحق شيء واحد وطريق مستقيم فمن خالفه اختلفت به الطرق والمذاهب كما قال تعالى ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمّا جاءَهم فَهم في أمْرٍ مَرِيجٍ﴾ أي مختلط ملتبس. وفي ضمن هذا الجواب أنكم في أقوال باطلة متناقضة يكذب بعضها بعضا. ثم أخبر سبحانه بسبب تكذيبهم بالحق أنه يصرف بسبب ذلك القول المختلف من صرف فـ (عن) هاهنا فيها طرف من معنى التسبيب كقوله ﴿وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ﴾ وقوله ﴿من أفك﴾ أي من سبق في علم الله أنه يضل ويؤفك كقوله ﴿فَإنَّكم وما تَعْبُدُونَ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إلا مَن هو صالِ الجَحِيمِ﴾ وقالت طائفة الضمير يرجع إلى القرآن وقيل إلى الإيمان وقيل إلى الرسول. والمعنى يصرف عنه من صرف حتى يكذب به.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب