الباحث القرآني
قالَ أبُو عُمَرَ: وفي سَماعِ أشْهَبَ: سُئِلَ مالِكٌ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «أنْهاكم عَنْ قِيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ» فَقالَ: أمّا كَثْرَةُ السُّؤالِ فَلا أدْرِي أهُوَ ما أنْتُمْ فِيهِ مِمّا أنْهاكم عَنْهُ مِن كَثْرَةِ المَسائِلِ؛ فَقَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسائِلَ وعابَها، وقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ فَلا أدْرِي أهُوَ هَذا أمْ السُّؤالُ في مَسْألَةِ النّاسِ في الِاسْتِعْطاءِ.
وَقالَ الأوْزاعِيُّ: عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أبِي لُبابَةَ: ودِدْت أنَّ حَظِيَ مِن أهْلِ هَذا الزَّمانِ أنْ لا أسْألَهم عَنْ شَيْءٍ ولا يَسْألُونِي، يَتَكاثَرُونَ بِالمَسائِلِ كَما يَتَكاثَرُ أهْلُ الدَّراهِمِ بِالدَّراهِمِ.
قالَ: واحْتَجُّوا أيْضًا بِما رَواهُ ابْنُ شِهابٍ عَنْ عامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ أنَّهُ سَمِعَ أباهُ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أعْظَمُ المُسْلِمِينَ في المُسْلِمِينَ جُرْمًا مَن سَألَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلى المُسْلِمِينَ فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِن أجْلِ مَسْألَتِهِ» ورَوى ابْنُ وهْبٍ أيْضًا قالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ الأعْرَجِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكم بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ، فَإذا نَهَيْتُكم عَنْ شَيْءٍ فاجْتَنِبُوهُ، وإذا أمَرْتُكم بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنهُ ما اسْتَطَعْتُمْ».
وَقالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طاوُسٍ قالَ: قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ وهو عَلى المِنبَرِ: أُحَرِّجُ بِاللَّهِ عَلى كُلِّ امْرِئٍ سَألَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ، فَإنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ ما هو كائِنٌ.
وَقالَ أبُو عُمَرَ: ورَوى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطاءِ بْنِ السّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما رَأيْت قَوْمًا خَيْرًا مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ما سَألُوهُ إلّا عَنْ ثَلاثَ عَشْرَةَ مَسْألَةً حَتّى قُبِضَ ﷺ كُلُّهُنَّ في القُرْآنِ: ﴿وَيَسْألُونَكَ عَنِ المَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ﴾ [البقرة: ٢١٧]، ﴿وَيَسْألُونَكَ عَنِ اليَتامى﴾ [البقرة: ٢٢٠]. ما كانُوا يَسْألُونَهُ إلّا عَمّا يَنْفَعُهم قالَ أبُو عُمَرَ: لَيْسَ الحَدِيثُ مِن الثَّلاثَ عَشْرَةَ مَسْألَةً إلّا ثَلاثً.
قُلْت: ومُرادُ ابْنِ عَبّاسٍ بِقَوْلِهِ: " ما سَألُوهُ إلّا عَنْ ثَلاثَ عَشَرَ مَسْألَةً " المَسائِلُ الَّتِي حَكاها اللَّهُ في القُرْآنِ عَنْهُمْ، وإلّا فالمَسائِلُ الَّتِي سَألُوهُ عَنْها وبَيَّنَ لَهم أحْكامَها بِالسُّنَّةِ لا تَكادُ تُحْصى ولَكِنْ إنّما كانُوا يَسْألُونَهُ عَمّا يَنْفَعُهم مِن الواقِعاتِ ولَمْ يَكُونُوا يَسْألُونَهُ عَنْ المُقَدَّراتِ والأُغْلُوطاتِ وعَضْلِ المَسائِلِ، ولَمْ يَكُونُوا يَشْتَغِلُونَ بِتَفْرِيعِ المَسائِلِ وتَوْلِيدِها، بَلْ كانَتْ هِمَمُهم مَقْصُورَةً عَلى تَنْفِيذِ ما أمَرَهم بِهِ، فَإذا وقَعَ بِهِمْ أمْرٌ سَألُوا عَنْهُ فَأجابَهُمْ، وقَدْ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكم وإنْ تَسْألُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكم عَفا اللَّهُ عَنْها واللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [المائدة: ١٠١] ﴿قَدْ سَألَها قَوْمٌ مِن قَبْلِكم ثُمَّ أصْبَحُوا بِها كافِرِينَ﴾ [المائدة: ١٠٢].
وَقَدْ اخْتُلِفَ في هَذِهِ الأشْياءِ المَسْئُولِ عَنْها: هَلْ هي أحْكامٌ قَدَرِيَّةٌ أوْ أحْكامٌ شَرْعِيَّةٌ؟ عَلى قَوْلَيْنِ، فَقِيلَ: إنّها أحْكامٌ شَرْعِيَّةٌ عَفا اللَّهُ عَنْها، أيْ سَكَتَ عَنْ تَحْرِيمِها فَيَكُونُ سُؤالُهم عَنْها سَبَبُ تَحْرِيمِها، ولَوْ لَمْ يَسْألُوا لَكانَتْ عَفْوًا، ومِنهُ قَوْلُهُ ﷺ «وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الحَجِّ أفِي كُلِّ عامٍ؟ فَقالَ: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ، ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فَإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكم بِكَثْرَةِ مَسائِلِهِمْ واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ»؛ ويَدُلُّ عَلى هَذا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ أبِي ثَعْلَبَةَ المَذْكُورُ «إنّ أعْظَمَ المُسْلِمِينَ في المُسْلِمِينَ جُرْمًا» الحَدِيثَ ومِنهُ الحَدِيثُ الآخَرُ: «إنّ اللَّهَ فَرَضَ فَرائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها، وحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُّوها، وحَرَّمَ أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وسَكَتَ عَنْ أشْياءَ رَحْمَةً مِن غَيْرِ نِسْيانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْها» وفُسِّرَتْ بِسُؤالِهِمْ عَنْ أشْياءَ مِن الأحْكامِ القَدَرِيَّةِ؛ «كَقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذافَةَ مَن أبِي يا رَسُولَ اللَّهِ»؟ وقَوْلِ آخَرَ: «أيْنَ أبِي يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: في النّارِ».
والتَّحْقِيقُ أنَّ الآيَةَ تَعُمُّ النَّهْيَ عَنْ النَّوْعَيْنِ، وعَلى هَذا فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١] أمّا في أحْكامِ الخَلْقِ والقَدَرِ فَإنَّهُ يَسُوءُهم أنْ يَبْدُوَ لَهم ما يَكْرَهُونَهُ مِمّا سَألُوا عَنْهُ، وأمّا في أحْكامِ التَّكْلِيفِ فَإنَّهُ يَسُوءُهم أنْ يَبْدُوَ لَهم ما يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَكْلِيفُهُ مِمّا سَألُوا عَنْهُ، وقَوْله تَعالى: ﴿وَإنْ تَسْألُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١] فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ القُرْآنَ إذا نَزَلَ بِها ابْتِداءً بِغَيْرِ سُؤالٍ فَسَألْتُمْ عَنْ تَفْصِيلِها وعِلْمِها أبْدى لَكم وبَيَّنَ لَكُمْ، والمُرادُ بِحِينِ النُّزُولِ زَمَنُهُ المُتَّصِلُ بِهِ، لا الوَقْتُ المُقارِنُ لِلنُّزُولِ، وكَأنَّ في هَذا إذْنًا لَهم في السُّؤالِ عَنْ تَفْصِيلٍ المُنَزَّلِ ومَعْرِفَتِهِ بَعْدَ إنْزالِهِ؛ فَفِيهِ رَفْعٌ لِتَوَهُّمِ المَنعِ مِن السُّؤالِ عَنْ الأشْياءِ مُطْلَقًا، والقَوْلُ الثّانِي أنَّهُ مِن بابِ التَّهْدِيدِ والتَّحْذِيرِ، أيْ ما سَألْتُمْ عَنْها في وقْتِ نُزُولِ الوَحْيِ جاءَكم بَيانُ ما سَألْتُمْ عَنْهُ بِما يَسُوءُكُمْ، والمَعْنى لا تَتَعَرَّضُوا لِلسُّؤالِ عَمّا يَسُوءُكم بَيانُهُ، وإنْ تَعَرَّضْتُمْ لَهُ في زَمَنِ الوَحْيِ أبْدى لَكم.
وَقَوْلُهُ: ﴿عَفا اللَّهُ عَنْها﴾ [المائدة: ١٠١] أيْ عَنْ بَيانِها خَبَرًا وأمْرًا، بَلْ طُوِيَ بَيانُها عَنْكم رَحْمَةً ومَغْفِرَةً وحِلْمًا واللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ؛ فَعَلى القَوْلِ الأوَّلِ عَفا اللَّهُ عَنْ التَّكْلِيفِ بِها تَوْسِعَةً عَلَيْكُمْ، وعَلى القَوْلِ الثّانِي عَفا اللَّهُ عَنْ بَيانِها لِئَلّا يَسُوءَكم بَيانُها.
وَقَوْلُهُ: ﴿قَدْ سَألَها قَوْمٌ مِن قَبْلِكم ثُمَّ أصْبَحُوا بِها كافِرِينَ﴾ [المائدة: ١٠٢] أرادَ نَوْعَ تِلْكَ المَسائِلِ، لا أعْيانَها، أيْ قَدْ تَعَرَّضَ قَوْمٌ مِن قَبْلِكم لِأمْثالِ هَذِهِ المَسائِلِ، فَلَمّا بُيِّنَتْ لَهم كَفَرُوا بِها، فاحْذَرُوا مُشابَهَتَهم والتَّعَرُّضَ لِما تَعْرِضُوا لَهُ.
وَلَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُ هَذِهِ الآيَةِ، بَلْ لا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أنْ يَتَعَرَّضَ لِلسُّؤالِ عَمّا إنْ بَدا لَهُ ساءَهُ، بَلْ يَسْتَعْفِي ما أمْكَنَهُ، ويَأْخُذُ بِعَفْوِ اللَّهِ. ومِن هاهُنا قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يا صاحِبَ المِيزابِ، لا تُخْبِرْنا، لَمّا سَألَهُ رَفِيقُهُ عَنْ مائِهِ أطاهِرٌ أمْ لا، وكَذَلِكَ لا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أنْ يَسْألَ رَبَّهُ أنْ يُبْدِيَ لَهُ مِن أحْوالِهِ وعاقِبَتِهِ ما طَواهُ عَنْهُ وسَتَرَهُ، فَلَعَلَّهُ يَسُوءُهُ إنْ أُبْدِيَ لَهُ، فالسُّؤالُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ تَعَرُّضٌ لِما يَكْرَهُهُ اللَّهُ؛ فَإنَّهُ سُبْحانَهُ يَكْرَهَ إبْداءَها، ولِذَلِكَ سَكَتَ عَنْها، واللَّهُ أعْلَمُ.
* (فَصْلٌ)
قالُوا: ومَن تَدَبَّرَ الآثارَ المَرْوِيَّةَ في ذَمِّ الرَّأْيِ وجَدَها لا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الأنْواعِ المَذْمُومَةِ، ونَحْنُ نَذْكُرُ آثارَ التّابِعِينَ ومَن بَعْدَهم بِذَلِكَ؛ لِيَتَبَيَّنَ مُرادُهُمْ: قالَ الخُشَنِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ ثنا يَحْيى بْنُ سَعِيدٍ القَطّانُ عَنْ مُجالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قالَ: لَعَنَ اللَّهُ أرَأيْت
قالَ يَحْيى بْنُ سَعِيدٍ: وثَنًا صالِحُ بْنُ مُسْلِمٍ قالَ: سَألْت الشَّعْبِيَّ عَنْ مَسْألَةٍ مِن النِّكاحِ فَقالَ: إنْ أخْبَرْتُك بِرَأْيِي فَبُلْ عَلَيْهِ.
قالُوا: فَهَذا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ في رَأْيِهِ، وهو مِن كِبارِ التّابِعِينَ، وقَدْ لَقِيَ مِائَةً وعِشْرِينَ مِن الصَّحابَةِ، وأخَذَ عَنْ جُمْهُورِهِمْ.
وَقالَ الطَّحاوِيُّ: ثنا سُلَيْمانُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خالِدٍ ثنا مالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قالَ: ما جاءَكم بِهِ هَؤُلاءِ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَخُذُوهُ وما كانَ مِن رَأْيِهِمْ فاطْرَحُوهُ في الحُشِّ.
وَقالَ البُخارِيُّ: حَدَّثَنا سُنَيْدُ بْنُ داوُد ثنا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ قالَ: قِيلَ لِجابِرِ بْنِ زَيْدٍ: إنّهم يَكْتُبُونَ ما يَسْمَعُونَ مِنك، قالَ: إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ، يَكْتُبُونَهُ وأنا أرْجِعُ عَنْهُ غَدًا.
قالَ إسْحاقُ بْنُ راهْوَيْهِ: قالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: اجْتِهادُ الرَّأْيِ هو مُشاوَرَةُ أهْلِ العِلْمِ، لا أنْ يَقُولَ هو بِرَأْيِهِ.
وَقالَ ابْنُ أبِي خَيْثَمَةَ: ثنا الحَوْطِيُّ ثنا إسْماعِيلُ بْنُ عَيّاشٍ عَنْ سَوادَةَ بْنِ زِيادٍ وعَمْرِو بْنِ المُهاجِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ أنَّهُ كَتَبَ إلى النّاسِ: أنَّهُ لا رَأْيَ لِأحَدٍ مَعَ سُنَّةٍ سِنَّها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ .
قالَ أبُو بَصِيرَةَ: سَمِعْت أبا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ لِلْحَسَنِ البَصْرِيِّ: بَلَغَنِي أنَّك تُفْتِي بِرَأْيِك، فَلا تُفْتِ بِرَأْيِك إلّا أنْ يَكُونَ سُنَّةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .
وَقالَ البُخارِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ ثنا عَبْدُ الواحِدِ ثنا ابْنُ الزِّبْرِقانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُسَيْدِيُّ أنَّ أبا وائِلٍ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قالَ: إيّاكَ ومُجالَسَةَ مَن يَقُولُ: أرَأيْت أرَأيْت.
وَقالَ أبانُ بْنُ عِيسى بْنِ دِينارٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ ابْنِ القاسِمِ عَنْ مالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهابٍ قالَ: دَعُوا السُّنَّةَ تَمْضِي، لا تَعْرِضُوا لَها بِالرَّأْيِ.
وَقالَ يُونُسُ عَنْ أبِي الأسْوَدِ وهو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ - سَمِعْت عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: ما زالَ أمْرُ بَنْيِ إسْرائِيلَ مُعْتَدِلًا حَتّى نَشَأ فِيهِمْ المُوَلَّدُونَ أبْناءُ سَبايا الأُمَمِ، فَأخَذُوا فِيهِمْ بِالرَّأْيِ، فَأضَلُّوهم.
وَذَكَرَ ابْنُ وهْبٍ عَنْ ابْنِ شِهابٍ أنَّهُ قالَ، وهو يَذْكُرُ ما وقَعَ فِيهِ النّاسُ مِن هَذا الرَّأْيِ وتَرْكِهِمْ السُّنَنَ، فَقالَ: إنّ اليَهُودَ والنَّصارى إنّما انْسَلَخُوا مِن العِلْمِ الَّذِي بِأيْدِيهِمْ حِينَ اتَّبَعُوا الرَّأْيَ وأخَذُوا فِيهِ.
وَقالَ ابْنُ وهْبٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ أنَّ رَجُلًا سَألَ سالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ، فَقالَ: لَمْ أسْمَعْ في هَذا شَيْئًا، فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ: فَأخْبِرْنِي أصْلَحَك اللَّهُ بِرَأْيِك، فَقالَ: لا، ثُمَّ أعادَ عَلَيْهِ، فَقالَ: إنِّي أرْضى بِرَأْيِك، فَقالَ سالِمٌ: إنِّي لَعَلِيُّ إنْ أخْبَرْتُك بِرَأْيِي ثُمَّ تَذْهَبُ فَأرى بَعْدَ ذَلِكَ رَأْيًا غَيْرَهُ فَلا أجِدُك.
وَقالَ البُخارِيُّ: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ ثنا مالِكُ بْنُ أنَسٍ قالَ: كانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ لِابْنِ شِهابٍ: إنّ حالِي لَيْسَ بِشَبَهِ حالِك، أنا أقُولُ بِرَأْيِي مَن شاءَ أخَذَهُ وعَمِلَ بِهِ ومَن شاءَ تَرَكَهُ.
وَقالَ الفِرْيابِيُّ: ثنا أحْمَدُ بْنُ إبْراهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قالَ: سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْت حَمّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: قِيلَ لِأيُّوبَ السِّخْتِيانِيُّ: ما لَك لا تَنْظُرُ في الرَّأْيِ؟ فَقالَ أيُّوبُ: قِيلَ لِلْحِمارِ ما لَك لا تَجْتَرُّ؟ قالَ: أكْرَهُ مَضْغَ الباطِلِ.
وَقالَ الفِرْيابِيُّ: ثنا العَبّاسُ بْنُ الوَلِيدِ بْنُ مَزِيدٍ أخْبَرَنِي أبِي قالَ: سَمِعْت الأوْزاعِيَّ يَقُولُ: عَلَيْك بِآثارِ مَن سَلَفَ وإنْ رَفَضَك النّاسُ، وإيّاكَ وآراءَ الرِّجالِ وإنْ زَخْرَفُوا لَك القَوْلَ وقالَ أبُو زُرْعَةَ: ثنا أبُو مُسْهِرٍ قالَ: كانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إذا سُئِلَ لا يُجِيبُ حَتّى يَقُولَ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ، هَذا الرَّأْيُ، والرَّأْيُ يُخْطِئُ ويُصِيبُ.
وَقَدْ رَوى أبُو يُوسُفَ والحَسَنُ بْنُ زِيادٍ كِلاهُما عَنْ أبِي حَنِيفَةَ أنَّهُ قالَ: عِلْمُنا هَذا رَأْيٌ، وهو أحْسَنُ ما قَدَرْنا عَلَيْهِ، ومَن جاءَنا بِأحْسَنَ مِنهُ قَبِلْناهُ مِنهُ.
وَقالَ الطَّحاوِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحَكَمِ ثنا أشْهَبُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ قالَ: كُنْت عِنْدَ مالِكٍ فَسُئِلَ عَنْ البَتَّةِ، فَأخَذْت ألْواحِي لِأكْتُبَ ما قالَ، فَقالَ لِي مالِكٌ: لا تَفْعَلْ، فَعَسى في العَشِيِّ أقُولُ إنّها واحِدَةٌ.
وَقالَ مَعْنُ بْنُ عِيسى القَزّازَ: سَمِعْت مالِكًا يَقُولُ: إنّما أنا بَشَرٌ أُخْطِئُ وأُصِيبُ، فانْظُرُوا في قَوْلِي، فَكُلُّ ما وافَقَ الكِتابَ والسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ، وما لَمْ يُوافِقْ الكِتابَ والسُّنَّةَ فاتْرُكُوهُ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أئِمَّةِ الإسْلامِ، وجَزاهم عَنْ نَصِيحَتِهِمْ خَيْرًا، ولَقَدْ امْتَثَلَ وصِيَّتَهم وسَلَكَ سَبِيلَهم أهْلُ العِلْمِ والدِّينِ مِن أتْباعِهِمْ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَسۡـَٔلُوا۟ عَنۡ أَشۡیَاۤءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُوا۟ عَنۡهَا حِینَ یُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق