الباحث القرآني

* (فصل: في بيان تفاوت درجات الصبر) الصبر كما تقدم نوعان: اختياري واضطراري والاختياري أكمل من الاضطراري فإن الاضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن لا يتأتى منه الصبر الاختيارى ولذلك كان صبر يوسف الصديق عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز وصبره على ما ناله في ذلك من الحبس والمكروه أعظم من صبره على ما ناله من إخوته لما ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه وباعوه بيع العبد ومن الصبر الثاني إنشاء الله سبحانه له ما أنشأه من العز والرفعة والملك والتمكين في الأرض وكذلك صبر الخليل عليه السلام والكليم وصبر نوح وصبر المسيح وصبر خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم عليهم الصلاة والسلام كان صبرا على الدعوة إلى الله ومجاهدة أعداء الله ولهذا سماهم الله أولي العزم وأمر رسوله أن يصبر صبرهم فقال ﴿فاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ وأولو العزم هم المذكورون في قوله تعالى ﴿شَرَعَ لَكم مِنَ الدِّينِ ما وصّى بِهِ نُوحًا والَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ وما وصَّيْنا بِهِ إبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى﴾ وفي قوله ﴿وَإذْ أخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنكَ ومِن نُوحٍ وإبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى﴾ كذلك قال ابن عباس وغيره من السلف. [فائدة: كِتابٌ لِعُسْرِ الوِلادَةِ] قالَ الخلال: حَدَّثَنِي عبد الله بن أحمد: قالَ رَأيْتُ أبِي يَكْتُبُ لِلْمَرْأةِ إذا عَسُرَ عَلَيْها وِلادَتُها في جامٍ أبْيَضَ، أوْ شَيْءٍ نَظِيفٍ، يَكْتُبُ حَدِيثَ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ، الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ: ﴿كَأنَّهم يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِن نَهارٍ بَلاغٌ﴾ [الأحقاف: ٣٥]، ﴿كَأنَّهم يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إلّا عَشِيَّةً أوْ ضُحاها﴾ [النازعات: ٤٦]. قالَ الخلال: أنْبَأنا أبو بكر المروزي، أنَّ أبا عبد الله جاءَهُ رَجُلٌ فَقالَ: يا أبا عبد الله! تَكْتُبُ لِامْرَأةٍ قَدْ عَسُرَ عَلَيْها ولَدُها مُنْذُ يَوْمَيْنِ؟ فَقالَ: قُلْ لَهُ: يَجِيءُ بِجامٍ واسِعٍ، وزَعْفَرانٍ، ورَأيْتُهُ يَكْتُبُ لِغَيْرِ واحِدٍ، ويَذْكُرُ عَنْ عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «مَرَّ عِيسى صَلّى اللَّهُ عَلى نَبِيِّنا وعَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلى بَقَرَةٍ قَدِ اعْتَرَضَ ولَدُها في بَطْنِها، فَقالَتْ: يا كَلِمَةَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ لِي أنْ يُخَلِّصَنِي مِمّا أنا فِيهِ، فَقالَ: يا خالِقَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، ويا مُخَلِّصَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، ويا مُخْرِجَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، خَلِّصْها. قالَ: فَرَمَتْ بِوَلَدِها، فَإذا هي قائِمَةٌ تَشُمُّهُ». قالَ: فَإذا عَسُرَ عَلى المَرْأةِ ولَدُها، فاكْتُبْهُ لَها. وكُلُّ ما تَقَدَّمَ مِنَ الرُّقى، فَإنَّ كِتابَتَهُ نافِعَةٌ. وَرَخَّصَ جَماعَةٌ مِنَ السَّلَفِ في كِتابَةِ بَعْضِ القُرْآنِ وشُرْبِهِ، وجَعْلِ ذَلِكَ مِنَ الشِّفاءِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ. كِتابٌ آخَرُ لِذَلِكَ: يُكْتَبُ في إناءٍ نَظِيفٍ: ﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ - وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ - وإذا الأرْضُ مُدَّتْ - وألْقَتْ ما فِيها وتَخَلَّتْ﴾ [الانشقاق: ١-٤] وَتَشْرَبُ مِنهُ الحامِلُ، ويُرَشُّ عَلى بَطْنِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب