الباحث القرآني

وأما ذكره له [الصراط] بلفظ الطريق في سورة الأحقاف خاصة، فهذا حكاية الله تعالى لكلام مؤمني الجن أنهم قالوا لقومهم: ﴿إنّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلى الحَقِّ وإلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وتعبيرهم عنه هاهنا بالطريق فيه نكتة بديعة وهي أنهم قدموا قبله ذكر موسى وأن الكتاب الذي سمعوه مصدقا لما بين يديه من كتاب موسى وغيره فكان فيه كالنبأ عن رسول الله ﷺ في قوله لقومه: ﴿ما كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ أي لم أكن أول رسول بعث إلى أهل الأرض بل قد تقدمت رسل من الله إلى الأمم وإنما بعثت مصدقا لهم بمثل ما بعثوا به من التوحيد والإيمان فقال مؤمنوا الجن: ﴿إنّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلى الحَقِّ وإلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي إلى سبيل مطروق قد مرت عليه الرسل قبله، وإنه ليس بدع كما قال في أول السورة نفسها. فاقتضت البلاغة والإعجاز لفظ (الطريق) لأنه فعيل بمعنى مفعول. أي مطروق مشت عليه الرسل والأنبياء قبل. فحقيق على من صدق رسل الله وآمن بهم أن يؤمن به ويصدقه، فذكر (الطريق) هاهنا إذًا أولى، لأنه أدخل في باب الدعوة والتنبيه على تعين أتباعه. والله أعلم. ثم رأيت هذا المعنى بعينه قد ذكره السهيلي فوافق فيه الخاطر الخاطر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب