الباحث القرآني

* (فائدة) وَقالَ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ: ثنا سَحْنُونٌ والحارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ ابْنِ القاسِمِ عَنْ مالِكٍ أنَّهُ كانَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ: ﴿إنْ نَظُنُّ إلا ظَنًّا وما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: ٣٢]. وَقالَ القَعْنَبِيُّ: دَخَلْت عَلى مالِكِ بْنِ أنَسٍ في مَرَضِهِ الَّذِي ماتَ فِيهِ، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسْت، فَرَأيْتُهُ يَبْكِي، فَقُلْت لَهُ: يا أبا عَبْدِ اللَّهِ، ما الَّذِي يُبْكِيك؟ فَقالَ لِي: يا ابْنَ قَعْنَبٍ، ومالِي لا أبْكِي؟ ومَن أحَقُّ بِالبُكاءِ مِنِّي؟ واللَّهِ لَوَدِدْت أنِّي ضُرِبْت بِكُلِّ مَسْألَةٍ أفْتَيْت فِيها بِالرَّأْيِ سَوْطًا، وقَدْ كانَتْ لِي السَّعَةُ فِيما قَدْ سُبِقْت إلَيْهِ، ولَيْتَنِي لَمْ أُفْتِ بِالرَّأْيِ. وَقالَ ابْنُ أبِي داوُد: ثنا أحْمَدُ بْنُ سِنانٍ قالَ: سَمِعْت الشّافِعِيَّ يَقُولُ: مِثْلُ الَّذِي يَنْظُرُ في الرَّأْيِ ثُمَّ يَتُوبُ مِنهُ مِثْلُ المَجْنُونِ الَّذِي عُولِجَ حَتّى بَرِئَ فَأعْقَلَ ما يَكُونُ قَدْ هاجَ بِهِ. وَقالَ ابْنُ أبِي داوُد: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قالَ: سَمِعْت أبِي يَقُولُ: لا تَكادُ تَرى أحَدًا نَظَرَ في الرَّأْيِ إلّا وفي قَلْبِهِ دَغَلٌ. وَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ أيْضًا: سَمِعْت أبِي يَقُولُ: الحَدِيثُ الضَّعِيفُ أحَبُّ إلَيَّ مِن الرَّأْيِ، فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَألْت أبِي عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ بِبَلَدٍ لا يَجِدُ فِيهِ إلّا صاحِبَ حَدِيثٍ لا يَعْرِفُ صَحِيحَهُ مِن سَقِيمِهِ وأصْحابَ رَأْيٍ، فَتَنْزِلُ بِهِ النّازِلَةُ، فَقالَ أبِي: يَسْألُ أصْحابَ الحَدِيثِ، ولا يَسْألُ أصْحابَ الرَّأْيِ، ضَعِيفُ الحَدِيثِ أقْوى مِن الرَّأْيِ. والتَّعْرِيفُ في السّاعَةُ لِلْعَهْدِ وهي ساعَةُ البَعْثِ، أيْ زَمانُ البَعْثِ كَما عُبِّرَ عَنْهُ بِاليَوْمِ. وَقَرَأ الجُمْهُورُ والسّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها بِرَفْعِ السّاعَةُ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ. وَقَرَأهُ حَمْزَةُ وحْدَهُ بِنَصْبِ والسّاعَةُ عَطْفًا عَلى إنَّ وعْدَ اللَّهِ مِنَ العَطْفِ عَلى مَعْمُولَيْ عامِلٍ واحِدٍ. ومَعْنى ما نَدْرِي ما السّاعَةُ ما نَعْلَمُ حَقِيقَةَ السّاعَةِ ونَفْيُ العِلْمِ بِحَقِيقَتِها كِنايَةٌ عَنْ جَحْدِ وُقُوعِ السّاعَةِ، أيْ عَلِمْنا أنَّها لا وُقُوعَ لَها، اسْتِنادًا لِلتَّخَيُّلاتِ الَّتِي ظَنُّوها أدِلَّةً كَقَوْلِهِمْ: أإذا كُنّا عِظامًا ورُفاتًا أإنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا) [الإسراء: ٤٩]. وَقَوله: إنْ نَظُنُّ إلّا ظَنًّا ظاهِرٌ في أنَّهُ مُتَّصِلٌ بِما قَبْلَهُ مِن قَوْلِهِمْ: ما نَدْرِي ما السّاعَةُ، ومُبَيَّنٌ بِما بَعْدَهُ مِن قَوْلِهِ: (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ومَوْقِعُهُ ومَعْناهُ مُشْكِلٌ، وفي نَظْمِهِ إشْكالٌ أيْضًا. فَأمّا الإشْكالُ مِن جِهَةِ مَوْقِعِهِ ومَعْناهُ فَلِأنَّ القائِلِينَ مُوقِنُونَ بِانْتِفاءِ وُقُوعِ السّاعَةِ لِما حُكِيَ عَنْهم آنِفًا من قَوْلهم: ما هي إلّا حَياتُنا الدُّنْيا) [الجاثية: ٢٤] إلَخْ فَلا يَحِقُّ عَلَيْهِمْ أنَّهم يَظُنُّونَ وُقُوعَ السّاعَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ ولَوِ احْتِمالًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب