الباحث القرآني

* (فصل: في ذكر تلاعب الشيطان بالدهرية) وهؤلاء قوم عطلوا المصنوعات عن صانعها، وقالوا ما حكاه الله عنهم. ﴿وَقالُوا ما هي إلّا حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوتُ ونَحْيا وما يُهْلِكُنا إلّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية: ٢٤]. وهؤلاء فرقتان. فرقة قالت: إن الخالق سبحانه لما خلق الأفلاك متحركة أعظم حركة دارت عليه فأحرقته، ولم يقدر على ضبطها وإمساك حركاتها. وفرقة قالت: إن الأشياء ليس لها أول ألبتة، وإنما تخرج من القوة إلى الفعل. فإذا خرج ما كان بالقوة إلى الفعل، تكونت الأشياء: مركباتها، وبسائطها، من ذاتها لا من شيء آخر. وقالوا: إن العالم دائم لم يزل ولا يزال، لا يتغير، ولا يضمحل، ولا يجوز أن يكون المبدع يفعل فعلا يبطل ويضمحل إلا وهو يبطل ويضمحل مع فعله، وهذا العالم هو الممسك لهذه الأجزاء التي فيه. وهؤلاء هم المعطلة حقا، وهم فحول المعطلة، وقد سَرى هذا التعطيل إلى سائر فرق المعطلة، على اختلاف آرائهم وتباينهم في التعطيل، كما سرى داء الشرك تأصيلا وتفصيلا في سائر فرق المشركين على اختلاف مذاهبهم فيه، وكما سرى جحد النبوات تأصيلا وتفصيلا في سائر من جحد النبوة أو صفة من صفاتها، أو أقر بها جملة وجحد مقصودها وزبدتها أو بعضه. فهذه الفرق الثلاثة سرى داؤها وبلاؤها في الناس، ولم ينج منه إلا أتباع الرسول، العارفون بحقيقة ما جاء به، المتمسكون به دون ما سواه، ظاهرا وباطنا. فداء التعطيل، وداء الإشراك، وداء مخالفة الرسول وجحد ما جاء به، أو شيء منه: هو أصل بلاء العالم، ومنبع كل شر، وأساس كل باطل. فليست فرقة من فرق أهل الإلحاد والباطل والبدع إلا وقولها مشتق من هذه الأصول الثلاثة، أو من بعضها. ؎فإنْ تَنْجُ مَنها تَنْجُ مِن ذِي عَظِيَمَةٍ ∗∗∗ وإلاّ فَإنِّي لاَ أظُنُّكَ ناجِيًا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب