الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيها المَوْتَ إلاّ المَوْتَةَ الأُولى﴾ هذا من الاستثناء السابق زمانه زمان المستثنى منه، ولما كانت الموتة الأولى من جنس الموت المنفي زعم بعضهم أنه متصل. وقال بعضهم: (إلا) بمعنى (بعد) والمعنى لا يذوقون بعد الموتة الأولى موتا في الجنة. وهذا معنى حسن جدا يفتقر إلى مساعدة اللفظ عليه، ويوضحه أنه ليس المراد إخراج الموتة الأولى من الموت المنفي، ولا ثم شيء متوهم يحتاج لأجله إلى الاستثناء، وإنما المراد الإخبار بأنهم بعد موتتهم الأولى التي كتبها الله عليهم لا يذوقون غيرها. وعلى هذا فيقال لما كان ما بعد إلا حكمه مخالف لحكم ما قبلها، والحياة الدائمة في الجنة إنما تكون بعد الموتة الأولى كانت أداة (إلا) مفهمة هذه البعدية، وقد أمن اللبس لعدم دخولها في الموت المنفي في الجنة، فتجردت لهذا المعنى. فهذا من أحسن ما يقال في الآية فتأمله. * وقال في (المدارج) وَأمّا قَوْلُهُ: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيها المَوْتَ إلّا المَوْتَةَ الأُولى﴾ فَهَذا الِاسْتِثْناءُ هو لِتَحْقِيقِ دَوامِ الحَياةِ وعَدَمِ ذَوْقِ المَوْتِ، وهو يَجْعَلُ النَّفْيَ الأوَّلَ العامَّ بِمَنزِلَةِ النَّصِّ الَّذِي لا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ اسْتِثْناءٌ ألْبَتَّةَ، إذْ لَوْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ اسْتِثْناءُ فَرْدٍ مِن أفْرادِهِ لَكانَ أوْلى بِذِكْرِهِ مِنَ العُدُولِ عَنْهُ إلى الِاسْتِثْناءِ المُنْقَطِعِ، فَجَرى هَذا الِاسْتِثْناءُ مَجْرى التَّأْكِيدِ، والتَّنْصِيصِ عَلى حِفْظِ العُمُومِ، وهَذا جارٍ في كُلِّ مُنْقَطِعٍ، فَتَأمَّلْهُ فَإنَّهُ مِن أسْرارِ العَرَبِيَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب