الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَذْرَؤُكم فِيهِ﴾
معناها: أن الله سبحانه يعيشكم فيما خلق لكم من الأنعام المذكورة.
قالَ الكَلْبِيُّ: يُكَثِّرُكم في هَذا التَّزْوِيجِ، ولَوْلا هَذا التَّزْوِيجُ لَمْ يَكْثُرِ النَّسْلُ، والمَعْنى: يَخْلُقُكم في هَذا الوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ مِن جَعْلِهِ لَكم أزْواجًا، فَإنَّ سَبَبَ خَلْقِنا وخَلْقِ الحَيَوانِ: بِالأزْواجِ.
والضَّمِيرِ في قَوْلِهِ: " فِيهِ " يَرْجِعُ إلى الجَعْلِ، ومَعْنى الذَّرْءِ: الخَلْقُ، وهو هُنا الخَلْقُ الكَثِيرُ، فَهو خَلْقٌ وتَكْثِيرٌ، فَقِيلَ " في " بِمَعْنى الباءِ؛ أيْ: يُكَثِّرُكم بِذَلِكَ، وهَذا قَوْلُ الكُوفِيِّينَ.
والصَّحِيحُ: أنَّها عَلى بابِها، والفِعْلُ تَضَمَّنَ مَعْنى يُنْشِئُكم وهو يَتَعَدّى بِفِي، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَنُنْشِئَكم في ما لا تَعْلَمُونَ﴾ [الواقعة: ٦١].
* (فائدة)
قالَ الإمامِ حُجَّةِ الإسْلامِ أبِي أحْمَدَ بْنِ الحُسَيْنِ الشّافِعِيِّ المَعْرُوفِ بِابْنِ الحَدّادِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى:
والعِبارَةُ الجامِعَةُ في بابِ التَّوْحِيدِ أنْ يُقالَ: إثْباتٌ مِن غَيْرِ تَشْبِيهٍ ونَفْيٌ مِن غَيْرِ تَعْطِيلٍ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
والعِبارَةُ الجامِعَةُ في المُتَشابِهِ مِن آياتِ الصِّفاتِ أنْ يُقالَ: آمَنتُ بِما قالَ اللَّهُ تَعالى عَلى ما أرادَهُ وآمَنتُ بِما قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَلى ما أرادَهُ، فَهَذا اعْتِقادُنا الَّذِي نَتَمَسَّكُ بِهِ ونَنْتَهِي إلَيْهِ ونَسْألُ اللَّهَ تَعالى أنْ يُحْيِيَنا عَلَيْهِ ويُمِيتَنا عَلَيْهِ، ويَجْعَلَهُ وسِيلَتَنا يَوْمَ الوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ إنَّهُ جَوادٌ كَرِيمٌ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
* (فصل)
(قالَ الخَلّالُ): وأخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسى أنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهم قالَ: سَألْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الأحادِيثِ الَّتِي تُرْوى أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ يَنْزِلُ إلى سَماءِ الدُّنْيا، وأنَّ اللَّهَ يُرى، وأنَّ اللَّهَ يَضَعُ قَدَمَهُ وما أشْبَهَ هَذِهِ الأحادِيثَ، فَقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: نُؤْمِنُ بِها، ونُصَدِّقُ بِها. . .، ولا نَرُدُّ مِنها شَيْئًا، ونَعْلَمُ أنَّ ما جاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ حَقٌّ إذا كانَتْ بِأسانِيدَ صِحاحٍ ولا نَرُدُّ عَلى اللَّهِ قَوْلَهُ ولا يُوصَفُ بِأكْثَرَ مِمّا وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِلا حَدٍّ ولا غايَةٍ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
(وَقالَ حَنْبَلٌ) في مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ أحْمَدَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ في ذاتِهِ كَما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، قَدْ أجْمَلَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى الصِّفَةَ لِنَفْسِهِ فَحَدَّ لِنَفْسِهِ صِفَةً لَيْسَ يُشَبِهُهُ شَيْءٌ، وصِفاتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ ولا مَعْلُومَةٍ إلّا بِما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ. قالَ تَعالى: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
فَهُوَ سُمَيْعٌ بَصِيرٌ بِلا حَدٍّ ولا تَقْدِيرٍ، ولا يَبْلُغُ الواصِفُونَ صِفَتَهُ، ولا نَتَعَدّى القُرْآنَ والحَدِيثَ فَنَقُولُ كَما قالَ، ونَصِفُهُ بِما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ولا نَتَعَدّى ذَلِكَ ولا يَبْلُغُ صِفَتَهُ الواصِفُونَ. نُؤْمِنُ بِالقُرْآنِ كُلِّهِ مُحْكَمِهِ ومُتَشابِهِهِ ولا نُزِيلُ عَنْهُ صِفَةً مِن صِفاتِهِ لِشَناعَةٍ شُنِّعَتْ، وما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِن كَلامٍ ونُزُولٍ وخَلْوَةٍ بِعَبْدِهِ يَوْمَ القِيامَةِ ووَضْعِهِ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَهَذا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى يُرى في الآخِرَةِ، والتَّحْدِيدُ في هَذا كُلِّهِ بِدَعَةٌ والتَّسْلِيمُ فِيهِ لِلَّهِ بِغَيْرِ صِفَةٍ ولا حَدٍّ إلّا ما وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا عالِمًا غَفُورًا عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادَةِ عَلّامَ الغُيُوبِ فَهَذِهِ صِفاتٌ وصَفَ بِها نَفْسَهُ لا تُدْفَعُ ولا تُرَدُّ وهو عَلى العَرْشِ بِلا حَدٍّ كَما قالَ تَعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤]
كَيْفَ شاءَ، المَشِيئَةُ إلَيْهِ والِاسْتِطاعَةُ إلَيْهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وهو كَما وصَفَ نَفْسَهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ بِلا حَدٍّ ولا تَقْدِيرٍ لا نَتَعَدّى القُرْآنَ والحَدِيثَ. . .
تَعالى عَمّا يَقُولُ الجَهْمِيَّةُ، والمُشَبِّهَةُ، قُلْتُ لَهُ: والمُشَبِّهُ ما تَقُولُ؟ قالَ: مَن قالَ: بَصَرٌ كَبَصَرِي ويَدٌ كَيَدِي وقَدَمٌ كَقَدَمِي فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ سُبْحانَهُ بِخَلْقِهِ.
* (فصل)
قوله سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِير﴾
إنما قصد به نفي أن يكون معه شريك، أو معبود يستحق العبادة والتعظيم، كما يفعله المشبهون والمشركون.
ولم يقصد به نفي صفات كماله، وعلوه على خلقه، وتكلمه بكتبه، وتكليمه لرسله، ورؤية المؤمنين له جهرة بأبصارهم، كما ترى الشمس والقمر في الصحو.
فإنه سبحانه إنما ذكر هذا في سياق رده على المشركين، الذين اتخذوا من دونه أولياء. يوالونهم من دونه فقال تعالى:
﴿والّذِينَ اتّخَذُوا مِن دونه أوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ وكَذلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيا لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرى ومَن حَوْلَها وتُنْذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ في الجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِيرِ ولَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهم أُمَّة واحِدَة ولكِنْ يُدْخِلُ مَن يَشاءُ في رَحْمِتهِ والظّالُمِونَ مالَهم مِن ولِى ولا نَصِيرٍ أم اتّخَذُوا مِن دُونِهِ أوْلِياءَ فاللهُ هو الوَلِى وهو يُحْيِى الَمْوْتى وهو عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِير وما اخْتَلْفْتُمْ فِيهِ مِن شَيءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإلَيْهِ أُنيبُ فاطِرُ السَّمواتِ والأرْضِ جَعَلَ لَكم مِن أنْفُسِكم أزْواجًا ومِنَ الأنْعامِ أزْواجًا يَذْرَؤكم فِيهِ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ٦-١١].
فتأمل كيف ذكر هذا النفي تقريرا للتوحيد، وإبطالا لما عليه أهل الشرك: من تشبيه آلهتهم، وأوليائهم به، حتى عبدوهم معه. فحرفها المحرفون وجعلوها تُرْسا لهم في نفى صفات كماله، وحقائق أسمائه وأفعاله.
وهذا التشبيه الذي أبطله الله سبحانه نفيا ونهيا: هو أصل شرك العالم، وعبادة الأصنام: ولهذا نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يسجد أحد لمخلوق مثله أو يحلف بمخلوق مثله، أو يصلى إلى قبر، أو يتخذ عليه مسجدا، أو يعلق عليه قنديلا أو يقول القائل: ما شاء الله وشاء فلان. ونحو ذلك، حذرا من هذا التشبيه الذي هو أصل الشرك.
وأما إثبات صفات الكمال فهو أصل التوحيد.
فتبين أن المشبهة هم الذين يشبهون المخلوق بالخالق في العبادة والتعظيم والخضوع، والحلف به، والنذر له، والسجود له، والعكوف عند بيته، وحلق الرأس له، والاستغاثة به، والتشريك بينه وبين الله، في قولهم: ليس لي إلا الله وأنت، وأنا متكل على الله وعليك. وهذا من الله ومنك. وأنا في حسب الله وحسبك، وما شاء الله وشئت. وهذا لله ولك.
وأمثال ذلك.
فهؤلاء هم المشبهة حقا، لا أهل التوحيد، المثبتون لله ما أثبته لنفسه، والنافون عنه ما نفاه عن نفسه، الذين لا يجعلون له ندا من خلقه، ولا عدلا، ولا كفؤا، ولا سميا، وليس لهم من دونه ولي ولا شفيع.
فمن تدبر هذا الفصل حق التدبر تبين له كيف وقعت الفتنة في الأرض بعبادة الأصنام، وتبين له سر القرآن في الإنكار على هؤلاء المشبهة الممثلة، ولا سيما إذا جمعوا إلى هذا التشبيه تعطيل الصفات والأفعال. كما هو الغالب عليهم.
فيجمعون بين تعطيل الرب سبحانه عن صفات كماله، وبين تشبيه خلقه به.
* (فصل)
قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
فإنه سبحانه ذكر ذلك بعد ذكر نعوت كماله وأوصافه فقال ﴿حم (١) عسق (٢) كَذَلِكَ يُوحِي إلَيْكَ وإلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ (٣) لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وهو العَلِيُّ العَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ والمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ويَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرْضِ ألا إنَّ اللَّهَ هو الغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦)﴾
إلى قوله ﴿فاطِرُ السَّماواتِ والأرْضِ جَعَلَ لَكم مِن أنْفُسِكم أزْواجًا ومِنَ الأنْعامِ أزْواجًا يَذْرَؤُكم فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].
فهذا الموصوف بهذه الصفات والنعوت والأفعال والعلو والعظمة والحفظ والعزة والحكمة والملك والحمد والمغفرة والرحمة والكلام والمشيئة والولاية وإحياء الموتى والقدرة التامة الشاملة والحكم بين عباده وكونه فاطر السماوات والأرض وهو السميع البصير فهذا هو الذي ليس كمثله شيء لكثرة نعوته وأوصافه وأسمائه وأفعاله وثبوتها له على وجه الكمال الذي لا يماثله فيه شيء فالمثبت للصفات والعلو والكلام والأفعال وحقائق الأسماء هو الذي يصفه سبحانه بأنه ليس كمثله شيء.
وأما المعطل النافي لصفاته وحقائق أسمائه فإن وصفه له بأنه ليس كمثله شيء مجاز لا حقيقة كما يقول في سائر أوصافه وأسمائه.
ولهذا قال من قال من السلف إن النفاة جمعوا بين التشبيه والتعطيل فسموا تعطيلهم تنزيها وسموا ما وصف به نفسه تشبيها وجعلوا ما يدل على ثبوت صفات الكمال وكثرتها دليلا على نفيها وتعطيلها وراج ذلك على من لم يجعل الله له نورا واغتر به من شاء الله وهدى الله من اعتصم بالوحي والعقل والفطرة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
* (فصل)
وَمن أعز أنْواع المعرفَة معرفَة الرب سُبْحانَهُ بالجمال وهِي معرفَة خَواص
الخلق وكلهمْ عرفه بِصفة من صِفاته وأتمهم معرفَة من عرفه بِكَمالِهِ وجلاله وجماله سُبْحانَهُ ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء﴾
فِي سائِر صِفاته ولَو فرضت الخلق كلهم على أجملهم صُورَة وكلهمْ على تِلْكَ الصُّورَة ونسبت جمالهمْ الظّاهِر والباطِن إلى جمال الرب سُبْحانَهُ لَكانَ أقل من نِسْبَة سراج ضَعِيف إلى قرص الشَّمْس ويَكْفِي في جماله أنه لَو كشف الحجاب عَن وجهه لأحرقت سبحاتهُ ما انْتهى إلَيْهِ بَصَره من خلقه ويَكْفِي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدُّنْيا والآخِرَة فَمن آثار صَنعته فَما الظَّن بِمن صدر عَنهُ هَذا الجمال ويَكْفِي في جماله أنه لَهُ العِزَّة جَمِيعًا والقُوَّة جَمِيعًا والجود كُله والإحْسان كُله والعلم كُله والفضل كُله ولنور وجهه أشرقت الظُّلُمات كَما قالَ النَّبِي في دُعاء الطّائِف:
"أعوذ بِنور وجهك الَّذِي أشرقت لَهُ الظُّلُمات، وصلح عَلَيْهِ أمر الدُّنْيا والآخِرَة"
وَقالَ عبد الله بن مَسْعُود
"لَيْسَ عند ربكُم ليل ولا نَهار نور السَّماوات والأرْض من نور وجهه فَهو سُبْحانَهُ نور السَّماوات والأرْض ويَوْم القِيامَة إذا جاءَ لفصل القَضاء وتشرق الأرْض بنوره ومن أسْمائِهِ الحسنى الجَمِيل وفي الصَّحِيح عَنهُ
"إن الله جميل يحب الجمال" وجماله سُبْحانَهُ على أربع مَراتِب جمال الذّات وجمال الصِّفات وجمال الأفْعال وجمال الأسْماء فأسماؤه كلها حسنى وصِفاته كلها صِفات كَمال وأفعاله كلها حِكْمَة ومصلحة وعدل ورَحْمَة وأما جمال الذّات وما هو عَلَيْهِ فَأمر لا يُدْرِكهُ سواهُ ولا يُعلمهُ غَيره ولَيْسَ عند المخلوقين مِنهُ إلّا تعريفات تعرّف بها إلى من أكْرمه من عباده فَإن ذَلِك الجمال مصون عَن الأغيار مَحْجُوب بستر الرِّداء والإزار كَما قالَ رَسُوله فِيما يحْكى عَنهُ الكِبْرِياء رِدائي والعَظَمَة إزارِي ولما كانَت الكِبْرِياء أعظم وأوسع كانَت أحَق باسم الرِّداء فَإنَّهُ سُبْحانَهُ الكَبِير المتعال فَهو سُبْحانَهُ العلي العَظِيم قالَ ابْن عَبّاس حجب الذّات بِالصِّفاتِ وحجب الصِّفات بالأفعال فَما ظَنك بِجَمال حجب بأوصاف الكَمال وستر بنعوت العظمة والجلال.
وَمن هَذا المَعْنى يفهم بعض مَعاني جمال ذاته فَإن العَبْد يترقّى من معرفَة الأفْعال إلى معرفَة الصِّفات ومن معرفَة الصِّفات إلى معرفَة الذّات فَإذا شاهد شَيْئا من جمال الأفْعال اسْتدلَّ بِهِ على جمال الصِّفات ثمَّ استبدل بِجَمال الصِّفات على جمال الذّات ومن هاهُنا يتَبَيَّن أنه سُبْحانَهُ لَهُ الحَمد كُله وأن أحدا من خلقه لا يحصي ثَناء عَلَيْهِ بل هو كَما أثنى على نَفسه وأنه يسْتَحق أن يعبد لذاته ويُحب لذاته ويشكر لذاته وأنه سُبْحانَهُ يحب نَفسه ويثني على نَفسه ويحمد نَفسه وأن محبته لنَفسِهِ وحمده لنَفسِهِ وثناءه وعَلى نَفسه وتوحيده لنَفسِهِ هو في الحَقِيقَة الحَمد والثناء والحب والتوحيد فَهو سُبْحانَهُ كَما أثنى على نَفسه وفَوق ما يثني بِهِ عَلَيْهِ خلقه وهو سُبْحانَهُ كَما يحب كَما يحب ذاته يحب صِفاته وأفعاله فَكل أفعاله حسن مَحْبُوب وإن كانَ في مفعولاته ما يبغضه ويكرهه فَلَيْسَ في أفعاله ما هو مَكْرُوه مسخوط.
وَلَيْسَ في الوُجُود ما يحب لذاته ويحمد لذاته إلّا هو سُبْحانَهُ وكل ما يحب سواهُ فَإن كانَت محبته نابعة لمحبته سُبْحانَهُ بِحَيْثُ يحب لأجله فمحبته صَحِيحَة وإلّا فَهي محبَّة باطِلَة وهَذا هو حَقِيقَة الإلهية فَإن الإلَه الحق هو الَّذِي يحب لذاته ويحمد لذاته فَكيف إذا انضاف إلى ذَلِك إحسانه وإنعامه وحلمه وتجاوزه وعفوه وبرّه ورَحمته فعلى العَبْد أن يعلم أنه لا إلَه إلّا الله فَيُحِبهُ ويَحْمَدهُ لذاته وكماله وأن يعلم أنه لا محسن على الحَقِيقَة بأصناف النعم الظّاهِرَة والباطنة إلّا هو فَيُحِبهُ لإحسانه وإنعامه ويَحْمَدهُ على ذَلِك فَيُحِبهُ من الوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وكما أنه لَيْسَ كمثله شَيْء فَلَيْسَ كمحبته محبَّة والمحبة مَعَ الخضوع هي العُبُودِيَّة الَّتِي خلق الخلق لأجلها فَإنَّها غايَة الحبّ بغاية الذل ولا يصلح ذَلِك إلّا لَهُ سُبْحانَهُ والإشراك بِهِ في هَذا هو الشّرك الَّذِي لا يغفره الله ولا يقبل لصاحبه عملا.
وحمده يتَضَمَّن أصلين الإخْبار بمحامده وصفات كَماله والمحبة لَهُ عَلَيْها فَمن أخبر بمحاسن غَيره من غير محبَّة لَهُ لم يكن حامدا ومن أحبّه من غير إخْبار بمحاسنه لم يكن حامدا حَتّى يجمع الأمريْنِ وهو سُبْحانَهُ يحمد نَفسه بِنَفسِهِ ويحمد نَفسه بِما يجريه على ألْسِنَة الحامدين لَهُ من مَلائكَته وأنبيائه ورُسُله وعباده المُؤمنِينَ فَهو الحامد لنَفسِهِ بِهَذا وهَذا فَإن حمدهم لَهُ بمشيئته وإذنه وتكوينه فَإنَّهُ هو الَّذِي جعل الحامد حامدا والمُسلم مُسلما والمُصَلي مُصَليا والتائب تائِبًا فَمِنهُ ابتدأت النعم واليه انْتَهَت فابتدأت بِحَمْدِهِ وانتهت إلى حَمده وهو الَّذِي ألهم عَبده التَّوْبَة وفَرح بها أعظم فَرح وهِي من فَضله وجوده وألهم عَبده الطّاعَة وأعانه عَلَيْها ثمَّ أثابه عَلَيْها وهِي من فَضله وجوده وهو سُبْحانَهُ غَنِي عَن كل ما سواهُ بِكُل وجه وما سواهُ فَقير إلَيْهِ بِكُل وجه والعَبْد مفتقر إلَيْهِ لذاته في الأسْباب والغايات فَإن ما لا يكون بِهِ لا يكون وما لا يكون لَهُ لا ينفع.
* [فَصْلُ البَسْطِ]
قالَ صاحِبُ المَنازِلِ:
(بابُ البَسْطِ) قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يَذْرَؤُكم فِيهِ﴾ [الشورى: ١١].
قُلْتُ: وجْهُ تَعَلُّقِهِ بِإشارَةِ الآيَةِ: هو أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ يُعَيِّشُكم فِيما خَلَقَ لَكم مِنَ الأنْعامِ المَذْكُورَةِ.
قالَ الكَلْبِيُّ: يُكَثِّرُكم في هَذا التَّزْوِيجِ، ولَوْلا هَذا التَّزْوِيجُ لَمْ يَكْثُرِ النَّسْلُ، والمَعْنى: يَخْلُقُكم في هَذا الوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ مِن جَعْلِهِ لَكم أزْواجًا، فَإنَّ سَبَبَ خَلْقِنا وخَلْقِ الحَيَوانِ: بِالأزْواجِ، والضَّمِيرِ في قَوْلِهِ: " فِيهِ " يَرْجِعُ إلى الجَعْلِ، ومَعْنى الذَّرْءِ: الخَلْقُ، وهو هُنا الخَلْقُ الكَثِيرُ، فَهو خَلْقٌ وتَكْثِيرٌ، فَقِيلَ " في " بِمَعْنى الباءِ؛ أيْ: يُكَثِّرُكم بِذَلِكَ، وهَذا قَوْلُ الكُوفِيِّينَ.
والصَّحِيحُ: أنَّها عَلى بابِها، والفِعْلُ تَضَمَّنَ مَعْنى يُنْشِئُكم وهو يَتَعَدّى بِفِي، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَنُنْشِئَكم في ما لا تَعْلَمُونَ﴾ [الواقعة: ٦١] فَهَذا تَفْسِيرُ الآيَةِ.
وَلَمّا كانَتِ الحَياةُ حَياتَيْنِ: حَياةَ الأبْدانِ، وحَياةَ الأرْواحِ، وهو سُبْحانَهُ الَّذِي يُحْيِي قُلُوبَ أوْلِيائِهِ وأرْواحِهِمْ بِإكْرامِهِ ولُطْفِهِ وبَسْطِهِ كانَ ذَلِكَ تَنْمِيَةً لَها وتَكْثِيرًا وذَرْءًا، واللَّهُ أعْلَمُ.
قالَ صاحِبُ المَنازِلِ: البَسْطُ: أنْ يُرْسِلَ شَواهِدَ العَبْدِ في مَدارِجِ العِلْمِ، ويُسْبِلَ عَلى باطِنِهِ رِداءَ الِاخْتِصاصِ، وهم أهْلُ التَّلْبِيسِ، وإنَّما بُسِطُوا في مَيْدانِ البَسْطِ، بَعْدَ ثَلاثِ مَعانٍ، لِكُلِّ مَعْنًى طائِفَةٌ.
يُرِيدُ: أنَّ البَسْطَ إرْسالُ ظَواهِرِ العَبْدِ وأعْمالِهِ عَلى مُقْتَضى العِلْمِ، ويَكُونُ باطِنُهُ مَغْمُورًا بِالمُراقَبَةِ والمَحَبَّةِ والأُنْسِ بِاللَّهِ، فَيَكُونُ جَمالُهُ في ظاهِرِهِ وباطِنِهِ، فَظاهِرُهُ قَدِ اكْتَسى الجَمالَ بِمُوجِبِ العِلْمِ، وباطِنُهُ قَدِ اكْتَسى الجَمالَ بِالمَحَبَّةِ والرَّجاءِ والخَوْفِ والمُراقَبَةِ والأُنْسِ، فالأعْمالُ الظّاهِرَةُ لَهُ دِثارٌ، والأحْوالُ الباطِنَةُ لَهُ شِعارٌ، فَلا حالُهُ يُنْقِصُ عَلَيْهِ ظاهِرَ حُكْمِهِ، ولا عِلْمُهُ يَقْطَعُ وارِدَ حالِهِ، وقَدْ جَمَعَ سُبْحانَهُ بَيْنَ الجَمالَيْنِ
أعْنِي جَمالَ الظّاهِرِ وجَمالَ الباطِنِ في غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن كِتابِهِ.
مِنها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يابَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنا عَلَيْكم لِباسًا يُوارِي سَوْآتِكم ورِيشًا ولِباسُ التَّقْوى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦].
وَمِنها: قَوْلُهُ تَعالى في نِساءِ الجَنَّةِ: ﴿فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ [الرحمن: ٧٠]
فَهُنَّ حِسانُ الوُجُوهِ، خَيِّراتُ الأخْلاقِ.
وَمِنها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقّاهم نَضْرَةً وسُرُورًا﴾ [الإنسان: ١١]
فالنَّضْرَةُ جَمالُ الوُجُوهِ، والسُّرُورُ جَمالُ القُلُوبِ.
وَمِنها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢]
فالنَّضْرَةُ تُزَيِّنُ ظَواهِرَهُمْ، والنَّظَرُ يُجَمِّلُ بَواطِنَهم.
وَمِنها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَحُلُّوا أساوِرَ مِن فِضَّةٍ وسَقاهم رَبُّهم شَرابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١]
فالأساوِرُ جَمَّلَتْ ظَواهِرَهُمْ، والشَّرابُ الطَّهُورُ طَهَّرَ بَواطِنَهم.
وَمِنها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا زَيَّنّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الكَواكِبِ وحِفْظًا مِن كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ﴾ [الصافات: ٦]
فَجَمَّلَ ظاهِرَها بِالكَواكِبِ، وباطِنَها بِالحِراسَةِ مِنَ الشَّياطِينِ.
رَجَعْنا إلى شَرْحِ كَلامِهِ.
قَوْلُهُ: " وهم أهْلُ التَّلْبِيسِ " يَعْنِي: أنَّهُمُ المَذْكُورُونَ في بابِ القَبْضِ وهُمُ الفِرْقَةُ الثّانِيَةُ الَّذِينَ سُتِرُوا بِلِباسِ التَّلْبِيسِ عَنْ أعْيُنِ النّاسِ. فَلا تَرى حَقائِقَهم.
قَوْلُهُ: " وإنَّما بُسِطُوا في مَيْدانِ البَسْطِ " أيْ: بَسَطَهُمُ الحَقُّ سُبْحانَهُ عَلى لِسانِ رَسُولِهِ، لا ما يَظُنُّهُ المُلْحِدُ أنَّهُ السَّماعُ الشَّهِيُّ، ومُلاحَظَةُ المَنظَرِ البَهِيِّ، ورُؤْيَةُ الصُّوَرِ المُسْتَحْسَناتِ، وسَماعُ الآلاتِ المُطْرِباتِ.
نَعَمْ هَذا مَيْدانٌ بَسَطَهُ الشَّيْطانُ يَقْتَطِعُ بِهِ النُّفُوسَ عَنِ المَيْدانِ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّحْمَنُ، فَمَيْدانُ الرَّحْمَنِ الَّذِي بَسَطَهُ هو الَّذِي نَصَبَهُ لِأنْبِيائِهِ وأوْلِيائِهِ، وهو ما كانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ أصْحابِهِ وأهْلِهِ، ومَعَ الغَرِيبِ والقَرِيبِ، وهي سِعَةُ الصَّدْرِ، ودَوامُ البِشْرِ، وحُسْنُ الخُلُقِ، والسَّلامُ عَلى مَن لَقِيَهُ، والوُقُوفُ مَعَ مَنِ اسْتَوْقَفَهُ، والمِزاحُ بِالحَقِّ مَعَ الصَّغِيرِ والكَبِيرِ أحْيانًا، وإجابَةُ الدَّعْوَةِ، ولِينُ الجانِبِ حَتّى يَظُنَّ كُلُّ واحِدٍ مِن أصْحابِهِ أنَّهُ أحَبُّهم إلَيْهِ، وهَذا المَيْدانُ لا تَجِدُ فِيهِ إلّا واجِبًا، أوْ مُسْتَحَبًّا، أوْ مُباحًا يُعِينُ عَلَيْهِما.
قَوْلُهُ: فَطائِفَةٌ بُسِطَتْ رَحْمَةً لِلْخَلْقِ، يُباسِطُونَهم ويُلابِسُونَهُمْ، فَيَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهِمْ، والحَقائِقُ مَجْمُوعَةٌ، والسَّرائِرُ مَصُونَةٌ.
جَعَلَ اللَّهُ انْبِساطَهم مَعَ الخَلْقِ رَحْمَةً لَهُمْ، كَما قالَ تَعالى: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهم ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩]
فالرَّبُّ سُبْحانَهُ بَسَطَ هَؤُلاءِ مَعَ خَلْقِهِ؛ لِيَقْتَدِيَ بِهِمُ السّالِكُ، ويَهْتَدِيَ بِهِمُ الحَيْرانُ، ويُشْفى بِهِمُ العَلِيلُ، ويُسْتَضاءَ بِنُورِ هِدايَتِهِمْ ونُصْحِهِمْ ومَعْرِفَتِهِمْ في ظُلُماتِ دَياجِي الطَّبْعِ والهَوى، فالسّالِكُونَ يَقْتَدُونَ بِهِمْ إذا سَكَتُوا، ويَنْتَفِعُونَ بِكَلِماتِهِمْ إذا نَطَقُوا، فَإنَّ حَرَكاتِهم وسُكُونَهم لَمّا كانَتْ بِاللَّهِ ولِلَّهِ وعَلى أمْرِ اللَّهِ جَذَبَتْ قُلُوبَ الصّادِقِينَ إلَيْهِمْ، وهَذا النُّورُ الَّذِي أضاءَ عَلى النّاسِ مِنهم هو نُورُ العِلْمِ والمَعْرِفَةِ.
والعُلَماءُ ثَلاثَةٌ: عالِمٌ اسْتَنارَ بِنُورِهِ واسْتَنارَ بِهِ النّاسُ، فَهَذا مِن خُلَفاءِ الرُّسُلِ ووَرَثَةِ الأنْبِياءِ، وعالِمٌ اسْتَنارَ بِنُورِهِ، ولَمْ يَسْتَنِرْ بِهِ غَيْرُهُ، فَهَذا إنْ لَمْ يُفَرِّطْ كانَ نَفْعُهُ قاصِرًا عَلى نَفْسِهِ، فَبَيْنَهُ وبَيْنَ الأوَّلِ ما بَيْنَهُما، وعالِمٌ لَمْ يَسْتَنِرْ بِنُورِهِ ولا اسْتَنارَ بِهِ غَيْرُهُ، فَهَذا عِلْمُهُ وبالٌ عَلَيْهِ، وبَسْطَتُهُ لِلنّاسِ فِتْنَةٌ لَهُمْ، وبَسْطَةُ الأوَّلِ رَحْمَةٌ لَهم.
قَوْلُهُ: " والحَقائِقُ مَجْمُوعَةٌ، والسَّرائِرُ مَصُونَةٌ " أيِ: انْبَسَطُوا والحَقائِقُ الَّتِي في سَرائِرِهِمْ مَجْمُوعَةٌ في بَواطِنِهِمْ، فالِانْبِساطُ لَمْ يُشَتِّتْ قُلُوبَهُمْ، ولَمْ يُفَرِّقْ هِمَمَهُمْ، ولَمْ يُحِلَّ عَقْدَ عَزائِمِهِمْ.
قَوْلُهُ: " وسَرائِرُهم مَصُونَةٌ " مَسْتُورَةٌ لَمْ يَكْشِفُوها لِمَنِ انْبَسَطُوا إلَيْهِ، وإنْ كانَ البَسْطُ يَقْتَضِي الإلْفَ، واطِّلاعَ كُلٍّ مِنَ المُتَباسِطَيْنِ عَلى سِرِّ صاحِبِهِ، فَإيّاكَ ثُمَّ إيّاكَ أنْ تُطْلِعَ مَن باسَطْتَهُ عَلى سِرِّكَ مَعَ اللَّهِ، ولَكِنِ اجْذِبْهُ وشَوِّقْهُ، واحْفَظْ ودِيعَةَ اللَّهِ عِنْدَكَ، لا تُعَرِّضْها لِلِاسْتِرْجاعِ.
{"ayah":"فَاطِرُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَ ٰجࣰا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ أَزۡوَ ٰجࣰا یَذۡرَؤُكُمۡ فِیهِۚ لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَیۡءࣱۖ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق