الباحث القرآني
يَعْنِي بَينا لَهُم وعرفناهم فعرفوا الحق وتيقنوه وآثروا العَمى عَلَيْهِ فَكانَ كفر هَؤُلاءِ عَن جهل.
* (فائدة)
قوله تعالى: ﴿وَأمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهم فاسْتَحَبُّوا العَمى عَلى الهُدى﴾
فَهَذا هُدًى بَعْدَ البَيانِ والدِّلالَةِ، وهو شَرْطٌ لا مُوجِبٌ، فَإنَّهُ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ هُدًى آخَرُ بَعْدَهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ كَمالُ الِاهْتِداءِ، وهو هُدى التَّوْفِيقِ والإلْهامِ.
وَهَذا البَيانُ نَوْعانِ: بَيانٌ بِالآياتِ المَسْمُوعَةِ المَتْلُوَّةِ، وبَيانٌ بِالآياتِ المَشْهُودَةِ المَرْئِيَّةِ، وكِلاهُما أدِلَّةٌ وآياتٌ عَلى تَوْحِيدِ اللَّهِ وأسْمائِهِ وصِفاتِهِ وكَمالِهِ، وصِدْقِ ما أخْبَرَتْ بِهِ رُسُلُهُ عَنْهُ، ولِهَذا يَدْعُو عِبادَهُ بِآياتِهِ المَتْلُوَّةِ إلى التَّفَكُّرِ في آياتِهِ المَشْهُودَةِ ويَحُضُّهم عَلى التَّفْكِيرِ في هَذِهِ وهَذِهِ، وهَذا البَيانُ هو الَّذِي بُعِثَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وجُعِلَ إلَيْهِمْ وإلى العُلَماءِ بَعْدَهُمْ، وبَعْدَ ذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ، قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿وَما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهم فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [إبراهيم: ٤] فالرُّسُلُ تُبَيِّنُ، واللَّهُ هو الَّذِي يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ بِعِزَّتِهِ وحِكْمَتِهِ.
* (فَصْلٌ)
قال ابن القيم - بعد كلام -:
قَوْلُهُ: " ويُوجَدُ بِتَبْصِيرِ الحَقِّ، وُجُوبُ الشَّيْءِ شَرْعًا لا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ حِسًّا، فَلِذَلِكَ ذَكَرَ ما يُوجَدُ بِهِ بَعْدَ ذِكْرِ ما يَجِبُ بِهِ، وهو تَبْصِيرُ الحَقِّ تَعالى، ومُرادُهُ: التَّبْصِيرُ التّامُّ الَّذِي لا تَخْتَلِفُ عَنْهُ الهِدايَةُ، وإلّا فَقَدْ يُبْصِرُ العَبْدُ الحَقَّ ولا تُوجَدُ مِنهُ الهِدايَةُ، كَما قالَ تَعالى ﴿وَأمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهم فاسْتَحَبُّوا العَمى عَلى الهُدى﴾ [فصلت: ١٧]
فَهُوَ - سُبْحانَهُ - بَصَّرَهُمْ، فَآثَرُوا الضَّلالَ عَلى الهُدى، وقالَ تَعالى ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم فَصَدَّهم عَنِ السَّبِيلِ وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٨] وقالَ تَعالى ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إذْ هَداهم حَتّى يُبَيِّنَ لَهم ما يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥]
وَقالَ تَعالى عَنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ﴿وَجَحَدُوا بِها واسْتَيْقَنَتْها أنْفُسُهم ظُلْمًا وعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤]
فَهَذا التَّبْصِيرُ لَمْ يُوجِبْ وُجُودَ الهِدايَةِ؛ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ لَمْ يُرِدْ وُجُودَها، وإنَّما أرادَ وُجُودَ مُجَرَّدِ البَصِيرَةِ، فَما شاءَ كانَ وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وَأمّا التَّبْصِيرُ التّامُّ: فَإنَّهُ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الهِدايَةِ، وهو الَّذِي أمَرَنا أنْ نَسْألَهُ إيّاهُ في كُلِّ صَلاةٍ، وقالَ فِيهِ أهْلُ الجَنَّةِ ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدانا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣]
وَقالَ تَعالى ﴿واللَّهُ يَدْعُو إلى دارِ السَّلامِ ويَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: ٢٥]
فَعَمَّ بِدَعْوَتِهِ البَيانَ والدَّلالَةَ، وخَصَّ بِهِدايَتِهِ التَّوْفِيقَ والإلْهامَ، فَلَوْ قالَ الشَّيْخُ: ويُوجَدُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ بَعْدَ تَبْصِيرِهِ، لَكانَ أحْسَنَ، ولَعَلَّهُ هو مُرادُهُ، واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیۡنَـٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّوا۟ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَـٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق