الباحث القرآني

* [فَصْلٌ: الحِكْمَةُ في الفَرْقِ بَيْنَ بِنْتِ الأخِ وبِنْتِ العَمِّ ونَحْوِها في النِّكاح] وَأمّا قَوْلُهُ: " وحَرَّمَ عَلَيْهِ نِكاحَ بِنْتِ أخِيهِ وأُخْتِهِ، وأباحَ لَهُ نِكاحَ بِنْتِ أخِي أبِيهِ وبِنْتِ أُخْتِ أُمِّهِ، وهُما سَواءٌ " فالمُقَدِّمَةُ الأُولى صادِقَةٌ، والثّانِيَةُ كاذِبَةٌ؛ فَلَيْسَتا سَواءٌ في نَفْسِ الأمْرِ، ولا في العُرْفِ، ولا في العُقُولِ، ولا في الشَّرِيعَةِ، وقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ سُبْحانَهُ بَيْنَ القَرِيبِ والبَعِيدِ شَرْعًا وقَدْرًا وعَقْلًا وفِطْرَةً، ولَوْ تَساوَتْ القَرابَةُ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ البِنْتِ وبِنْتِ الخالَةِ وبِنْتِ العَمَّةِ، وهَذا مِن أفْسَدِ الأُمُورِ، والقَرابَةُ البَعِيدَةُ بِمَنزِلَةِ الأجانِبِ؛ فَلَيْسَ مِن الحِكْمَةِ والمَصْلَحَةِ أنْ تُعْطى حُكْمَ القَرابَةِ القَرِيبَةِ، وهَذا مِمّا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ العُقَلاءَ، وما خالَفَ شَرْعَهُ في ذَلِكَ فَهو إمّا مَجُوسِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ البِنْتِ والأُمِّ وبَناتِ الأعْمامِ والخالاتِ في نِكاحِ الجَمِيعِ، وإمّا حَرَجٌ عَظِيمٌ عَلى العِبادِ في تَحْرِيمِ نِكاحِ بَناتِ أعْمامِهِمْ وعَمّاتِهِمْ وأخْوالِهِمْ وخالاتِهِمْ؛ فَإنَّ النّاسَ - ولا سِيَّما العَرَبُ - أكْثَرُ بَنُو عَمٍّ بَعْضُهم لِبَعْضٍ أمّا بُنُوَّةِ عَمٍّ دانِيَةٍ أوْ قاصِيَةٍ، فَلَوْ مُنِعُوا مِن ذَلِكَ لَكانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ وضِيقٌ؛ فَكانَ ما جاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ أحْسَنَ الأُمُورِ وألْصَقَها بِالعُقُولِ السَّلِيمَةِ والفِطَرِ المُسْتَقِيمَةِ، والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب