الباحث القرآني

وقد ذم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم المتنطعين في الدين، وأخبر بمهلكهم حيث يقول: "ألا هَلَكَ المُتَنَطعُونَ، ألا هَلَكَ المُتَنَطعُونَ، ألا هَلَكَ المُتَنَطعُونَ". وقال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة عن مسعر قال: "أخرج إلى معن بن عبد الرحمن كتابًا، وحلف بالله أنه خط أبيه، فإذا فيه: قال عبد الله: والله الذي لا إله غيره ما رأيت أحدًا كان أشد على المتنطعين من رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ولا رأيت بعده أحدًا أشد خوفًا عليهم من أبي بكر، وإني لأظن عمر رضي الله عنه كان أشد أهل الأرض خوفًا عليهم". وكان عليه الصلاة والسلام يبغض المتعمقين، حتى إنه لما واصل بهم ورأى الهلال. قال: "لَوْ تَأخّرَ الهِلالُ لَواصَلتُ وِصالا يَدَعُ المُتَعَمقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، كالمَنكلِ بهِمْ". وكان الصحابة أقل الأمة تكلفا، اقتداء بنبيهم صلى الله تعالى وسلم. قال الله تعالى: ﴿قُلْ ما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ وما أنا مِنَ المُتَكَلفِينَ﴾ [ص: ٨٦]. وَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "مَن كانَ مِنكم مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَن قَدْ ماتَ، فَإنَّ الحَيَّ لا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الفِتْنَةُ، أُولَئِكَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ: أبَرُّ هَذِهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا، وأعْمَقُها عِلْمًا، وأقَلُّها تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ، فاعْرِفُوا لَهم حَقَّهُمْ، وتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهِمْ، فَإنَّهم كانُوا عَلى الهَدْيِ المُسْتَقِيمِ". وقال أنس رضي الله عنه: "كنا عند عمر رضي الله عنه، فسمعته يقول: نهينا عن التكلف". وقال مالك: قال عمر بن عبد العزيز: "سن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وولاة الأمور بعده سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستعمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النظر فيما خالفها. من اقتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا". وقال مالك: بلغني أن عمر بن الخطاب كان يقول: "سُنَّت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتُركتم على الواضحة، إلا أن تميلوا بالناس يمينا وشمالًا". وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: " يَحْمِلُ هذا العِلُمَ مِن كُل خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الغالِينَ، وانْتِحالِ المُبْطِلِينَ، وتَأْوِيلَ الجاهِلِينَ". فأخبر أن الغالبين يحرفون ما جاء به. والمبطلون ينتحلون بباطلهم غير ما كان عليه. والجاهلون يتأولونه على غير تأويله. وفساد الإسلام من هؤلاء الطوائف الثلاثة. فلولا أن الله تعالى يقيم لدينه من ينفي عنه ذلك لجرى عليه ما جرى على أديان الأنبياء قبله من هؤلاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب