الباحث القرآني

أقسم سبحانه بملائكته الصافات للعبودية بين يديه كما قال النبي ﷺ لأصحابه "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها" تتمون الصفوف الأول وتراصون في الصف وكما قالوا عن أنفسهم ﴿وَإنّا لَنَحْنُ الصّافُّونَ﴾ والملائكة الصافات أجنحتها في الهواء و ﴿الزجرات﴾ الملائكة التي تزجر السحاب وغيره بأمر الله ﴿فالتّالِياتِ﴾ التي تتلو لكلام الله. وقيل الصافات الطير كما قال تعالى ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى الطَّيْرِ فَوْقَهم صافّاتٍ ويَقْبِضْن﴾ وقال تعالى ﴿والطَّيْرُ صافّاتٍ﴾ والزاجرات الآيات والكلمات الزاجرات عن معاصي الله، والتاليات: الجامعات لكتاب الله تعالى. وقيل الصافات: القتال في سبيله، فالزاجرات: الخيل للحمل على أعدائه فالتاليات: الذاكرين له عند ملاقاة عدوهم. وقيل الجامعات الصافات أبدانها في الصلاة، الزاجرات: أنفسها عن معاصي الله فالتاليات: آياته. واللفظ يحتمل ذلك كله، وإن كان أحق من دخل فيه وأولى الملائكة، فإن الإقسام كالدليل، والآية على صحة ما أقسم عليه من التوحيد، وما ذكر من غير الملائكة فهو من آثار الملائكة وبواسطتها كان. وأقسم سبحانه بذلك على توحيد ربوبيته وإلهيته وقرر توحيد ربوبيته فقال ﴿إنَّ إلَهَكم لَواحِدٌ رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما ورَبُّ المَشارِقِ﴾ من أعظم الأدلة على أنه إله واحد ولو كان معه إله آخر لكان الإله مشاركًا له في ربوبيته كما شاركه في إلهيته تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا وهذه قاعدة القرآن يقرر توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية فيقرر كونه معبودًا وحده بكونه خالقًا رازقًا وحده وخص المشارق هاهنا بالذكر إما لدلالتها على المغارب إذ الأمر أن المتضايفان كل منهما يستلزم الآخر وإما لكون المشارق مطلع الكواكب ومظاهر الأنوار وإما توطئة لما ذكر بعدها من تزيين السماء بزينة الكواكب وجعلها حفظًا من كل شيطان فذكر المشارق أنسب بهذا المعنى وأليق. والله تعالى أعلم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب