الباحث القرآني

نبه على موجب الاتباع وهو كون المتبوع رسولا لمن لا ينبغي أن يخالف ولا يعصى وأنه على هداية ونبه على انتفاء المانع وهو عدم سؤال الأجر فلا يريد منكم دنيا ولا رياسة فموجب الاتباع كونه مهتديا والمانع منه منتف وهو طلب العلو في الأرض والفساد وطلب الأجر. ثم قال: ﴿وَما لِيَ لا أعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [يس: ٢٢] أخرج الحجة عليهم في معرض المخاطبة لنفسه تأليفا لهم ونبه على أن عبادة العبد لمن فطره أمر واجب في العقول مستهجن تركها قبيح الإخلال بها فإن خلقه لعبده أصل إنعامه عليه ونعمة كلها بعد تابعة لإيجاده وخلقه وقد جبل الله العقول والفطر على شكر المنعم ومحبة المحسن ولا يلتفت إلى ما يقوله نفاة التحسين والتقبيح في ذلك فإنه من أفسد الأقوال وأبطلها في العقول والفطر والشرائع ثم أقبل عليهم مخوفا لهم تخويف الناصح فقال: ﴿وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ثم أخبر عن الآلهة التي تعبد من دونه أنها باطلة وأن عبادتها باطلة فقال: ﴿أأتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهم شَيْئًا ولا يُنْقِذُونِ﴾ [يس: ٢٣]. فإن العابد يريد من معبوده أن ينفعه وقت حاجته إليه وإنما إذا أرادني الرحمن الذي فطرني بضر لم يكن لهذه الآلهة من القدرة ما ينقذوني بها من ذلك الضر ولا من الجاه والمكانة عنده ما يشفع لي إليه لأتخلص من ذلك الضر فبأي وجه يستحق العبادة؟ و ﴿إنِّي إذًا لَفي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ إن عبدت من دون الله مما هذا شأنه. * (فائدة) هَذا قَصَّهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ صاحِبِ ياسِينَ، عَلى سَبِيلِ الرِّضاءِ بِهَذِهِ المَقالَةِ، والثَّناءِ عَلى قائِلِها، والإقْرارِ لَهُ عَلَيْها، وكُلُّ واحِدٍ مِن الصَّحابَةِ لَمْ يَسْألْنا أجْرًا، وهم مُهْتَدُونَ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعالى خِطابًا لَهُمْ: ﴿وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأنْقَذَكم مِنها كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم آياتِهِ لَعَلَّكم تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٣] و" لَعَلَّ " مِن اللَّهِ واجِبٌ وقَوْله تَعالى: ﴿وَمِنهم مَن يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتّى إذا خَرَجُوا مِن عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ماذا قالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ واتَّبَعُوا أهْواءَهُمْ﴾ [محمد: ١٦] ﴿والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهم هُدًى وآتاهم تَقْواهُمْ﴾ [محمد: ١٧] وقَوْله تَعالى: ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهم - سَيَهْدِيهِمْ﴾ [محمد: ٤-٥] وقَوْله تَعالى: ﴿والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهم سُبُلَنا﴾ [العنكبوت: ٦٩] وَكُلٌّ مِنهم قاتَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ وجاهَدَ إمّا بِيَدِهِ أوْ بِلِسانِهِ، فَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ هَداهُمْ، وكُلُّ مَن هَداهُ فَهو مُهْتَدٍ فَيَجِبُ اتِّباعُهُ بِالآيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب