الباحث القرآني

* (فصل: في اقتضاء المحبة إفراد الحبيب بالحب وعدم التشريك بينه وبين غيره فيه) هذا من موجبات المحبة الصادقة وأحكامها فإن قوى الحب متى انصرفت إلى جهة لم يبق فيها متسع لغيرها ومن أمثال الناس ليس في القلب حبان ولا في السماء ربان ومتى تقسمت قوى الحب بين عدة محال ضعفت لا محالة وتأمل قوله سبحانه وتعالى ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ولا تُطِعِ الكافِرِينَ والمُنافِقِينَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١) واتَّبِعْ ما يُوحى إلَيْكَ مِن رَبِّكَ إنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢) وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ وكَفى بِاللَّهِ وكِيلًا (٣)﴾ كيف أمره بتقواه المتضمنة لإفراده بامتثال أمره ونهيه محبة له وخشية ورجاء فإن التقوى لا تتم إلا بذلك واتباع ما أوحي إليه المتضمن لتركه ما سوى ذلك واتباع المنزل خاصة وبالتوكل عليه وهو يتضمن اعتماد القلب عليه وحده وثقته به وسكونه إليه دون غيره ثم أتبع ذلك بقوله ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ﴾ فأنت تجد تحت هذا اللفظ أن القلب ليس له إلا وجهة واحدة إذا مال بها إلى جهة لم يمل إلى غيرها وليس للعبد قلبان يطيع الله ويتبع أمره ويتوكل عليه بأحدهما والآخر لغيره بل ليس إلا قلب واحد فإن لم يفرد بالتوكل والمحبة والتقوى ربه وإلا انصرف ذلك إلى غيره ثم استطرد من ذلك إلى أنه سبحانه لم يجعل زوجة الرجل أمه واستطرد منه إلى أنه لم يجعل دعيه ابنه فانظر ما أحسن هذا التأصيل وهذا الاستطراد الذي تسجد له العقول والألباب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب