الباحث القرآني

اعلم أن الإنسان بعد الأرْبَعين يَأْخُذ في النُّقْصان وضعف القوى على التدريج كَما أخذ في زيادتها على التدريج قالَ الله تَعالى ﴿الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف ثمَّ جعل من بعد ضعف قُوَّة ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا وشَيْبَة﴾ فقوته بَين ضعفين وحياته بَين موتين فَهو أولا نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ جَنِينا ما دامَ في البَطن فَإذا خرج فَهو وليد فَما لم يستتم سَبْعَة أيّام فَهو صديغ بالغين المُعْجَمَة لِأنَّهُ لم يشْتَد صُدْغه ثمَّ ما دامَ يرضع فَهو رَضِيع فَإذا قطع عَنهُ اللَّبن فَهو فطيم فَإذا دب ودرج فَهو دارج قالَ الراجز ؎(يا لَيْتَني قد زرت غير خارج ∗∗∗ أم صبي قد حبا ودارج) فَإذا بلغ طوله خَمْسَة أشبار فَهو خماسي فَإذا سَقَطت أسْنانه فَهو مثغور وقد ثفر فَإذا نَبتَت بعد سُقُوطها فَهو مثغر بِوَزْن مدكر بِالتّاءِ والثاء مَعًا فَإذا بلغ السَّبع وما قاربها فَهو مُمَيّز فَإذا بلغ العشْر فَهو مترعرع وناشئ فَإذا قارب الحلم فَهو يافع ومراهق ومناهز للحلم فَإذا بلغ فَهو بالغ فَإذا اجْتمعت قوته فَهو حزور واسْمه في جَمِيع ذَلِك غُلام ما لم يخضر شاربه فَإذا اخضر شاربه وأخذ عذاره في الطُّلُوع فَهو باقِل وقد بقل وجهه بِالتَّخْفِيفِ ثمَّ هو ما بَين ذَلِك وبَين تَكامل لحيته فَتى وشارخ بِحُصُول شرخ الشَّباب لَهُ. قالَ الجَوْهَرِي الفَتى الشّاب والفتاة الشّابَّة ويُطلق الفَتى على المَمْلُوك وإن كانَ شَيخا كَبِيرا ومِنه الحَدِيث لا يقل أحدكُم عَبدِي وأمتِي وليقل فَتاي وفَتاتِي ويُقال الفَتى على السخي الكَرِيم فَإذا اجْتمعت لحيته فَهو شاب إلى الأرْبَعين ثمَّ يَأْخُذ في الكهولة إلى السِّتين ثمَّ يَأْخُذ في الشيخوخة فَإذا أخذ شعره في البياض قيل شاب فَإذا ازْدادَ قيل وخطه الشيب فَإذا زاد قيل شمط فَإذا غلب شَيْبه فَهو أغثم فَإذا اشتعل رَأسه ولحيته شيبا فَهو متقعوس فَإذا انحط قواه فَهو هرم فَإذا تَغَيَّرت أحْواله وظهر نَقصه فقد رد إلى أرذل العُمر فالموت أقرب إلَيْهِ من اليَد إلى الفَم. * (لطيفة) وَتَأمَّلْ أسْماءَ السِّتَّةِ المُتَبارِزِينَ يَوْمَ بَدْرٍ كَيْفَ اقْتَضى القَدَرُ مُطابَقَةَ أسْمائِهِمْ لِأحْوالِهِمْ يَوْمَئِذٍ، فَكانَ الكُفّارُ شيبة وعتبة والوليد، ثَلاثَةُ أسْماءٍ مِنَ الضَّعْفِ، فالوليد لَهُ بِدايَةُ الضَّعْفِ، وشيبة لَهُ نِهايَةُ الضَّعْفِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكم مِن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وشَيْبَةً﴾ وعتبة مِنَ العَتَبِ، فَدَلَّتْ أسَماؤُهم عَلى عَتَبٍ يَحِلُّ بِهِمْ، وضَعْفٍ يَنالُهُمْ، وكانَ أقْرانُهم مِنَ المُسْلِمِينَ علي، وعبيدة، والحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثَلاثَةُ أسْماءٍ تُناسِبُ أوْصافَهم وهي العُلُوُّ، والعُبُودِيَّةُ، والسَّعْيُ الَّذِي هو الحَرْثُ، فَعَلَوْا عَلَيْهِمْ بِعُبُودِيَّتِهِمْ وسَعْيِهِمْ في حَرْثِ الآخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب