الباحث القرآني
* [فَصْلٌ مَنزِلَةُ الإنابَةِ]
[مَعْنى الإنابَةِ والدَّلِيلُ عَلَيْها]
قَدْ عَلِمْتَ أنَّ مَن نَزَلَ مِن مَنزِلِ التَّوْبَةِ وقامَ في مَقامِها نَزَلَ في جَمِيعِ مَنازِلِ الإسْلامِ، فَإنَّ التَّوْبَةَ الكامِلَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لَها، وهي مُنْدَرِجَةٌ فِيها، ولَكِنْ لا بُدَّ مِن إفْرادِها بِالذِّكْرِ والتَّفْصِيلِ، تَبْيِينًا لِحَقائِقِها وخَواصِّها وشُرُوطِها.
فَإذا اسْتَقَرَّتْ قَدَمُهُ في مَنزِلِ التَّوْبَةِ نَزَلَ بَعْدَهُ مَنزِلَ الإنابَةِ، وقَدْ أمَرَ اللَّهُ تَعالى بِها في كِتابِهِ، وأثْنى عَلى خَلِيلِهِ بِها، فَقالَ ﴿وَأنِيبُوا إلى رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: ٥٤] وقالَ ﴿إنَّ إبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أوّاهٌ مُنِيبٌ﴾ [هود: ٧٥]
وَأخْبَرَ أنَّ آياتِهِ إنَّما يَتَبَصَّرُ بِها ويَتَذَكَّرُ أهْلُ الإنابَةِ، فَقالَ ﴿أفَلَمْ يَنْظُرُوا إلى السَّماءِ فَوْقَهم كَيْفَ بَنَيْناها وزَيَّنّاها﴾ [ق: ٦] إلى أنْ قالَ ﴿تَبْصِرَةً وذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ [ق: ٨] وقالَ تَعالى ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكم آياتِهِ ويُنَزِّلُ لَكم مِنَ السَّماءِ رِزْقًا وما يَتَذَكَّرُ إلّا مَن يُنِيبُ﴾ [غافر: ١٣] وقالَ تَعالى ﴿مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وأقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ الآيَةَ
فَـ " مُنِيبِينَ " مَنصُوبٌ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في قَوْلِهِ " ﴿فَأقِمْ وجْهَكَ﴾ "
لِأنَّ هَذا الخِطابَ لَهُ ولِأُمَّتِهِ، أيْ أقِمْ وجْهَكَ أنْتَ وأُمَّتُكَ مُنِيبِينَ إلَيْهِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ﴾ [الطلاق: ١] ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ المَفْعُولِ في قَوْلِهِ ﴿فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها﴾ أيْ فَطَرَهم مُنِيبِينَ إلَيْهِ، فَلَوْ خُلُّوا وفَطَرَهم لَما عَدَلَتْ عَنِ الإنابَةِ إلَيْهِ، ولَكِنَّها تَتَحَوَّلُ وتَتَغَيَّرُ عَمّا فُطِرَتْ عَلَيْهِ، كَما قالَ ﷺ «ما مِن مَوْلُودٍ إلّا يُولَدُ عَلى الفِطْرَةِ وفي رِوايَةٍ: عَلى المِلَّةِ حَتّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسانُهُ»
وَقالَ عَنْ نَبِيِّهِ داوُدَ ﴿فاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وخَرَّ راكِعًا وأنابَ﴾ [ص: ٢٤]
وَأخْبَرَ أنَّ ثَوابَهُ وجَنَّتَهُ لِأهْلِ الخَشْيَةِ والإنابَةِ، فَقالَ ﴿وَأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أوّابٍ حَفِيظٍ مَن خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ وجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ﴾ [ق: ٣١]
وَأخْبَرَ سُبْحانَهُ أنَّ البُشْرى مِنهُ إنَّما هي لِأهْلِ الإنابَةِ، فَقالَ ﴿والَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أنْ يَعْبُدُوها وأنابُوا إلى اللَّهِ لَهُمُ البُشْرى﴾ [الزمر: ١٧].
والإنابَةُ إنابَتانِ: إنابَةٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ، وهي إنابَةُ المَخْلُوقاتِ كُلِّها، يَشْتَرِكُ فِيها المُؤْمِنُ والكافِرُ، والبَرُّ والفاجِرُ، قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿وَإذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهم مُنِيبِينَ إلَيْهِ﴾ [الروم: ٣٣] فَهَذا عامٌّ في حَقِّ كُلِّ داعٍ أصابَهُ ضُرٌّ، كَما هو الواقِعُ، وهَذِهِ الإنابَةُ لا تَسْتَلْزِمُ الإسْلامَ، بَلْ تُجامِعُ الشِّرْكَ والكُفْرَ، كَما قالَ تَعالى في حَقِّ هَؤُلاءِ ﴿ثُمَّ إذا أذاقَهم مِنهُ رَحْمَةً إذا فَرِيقٌ مِنهم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ﴾ [الروم: ٣٣] فَهَذا حالُهم بَعْدَ إنابَتِهِمْ.
والإنابَةُ الثّانِيَةُ إنابَةُ أوْلِيائِهِ، وهي إنابَةٌ لِإلَهِيَّتِهِ، إنابَةَ عُبُودِيَّةٍ ومَحَبَّةٍ.
وَهِيَ تَتَضَمَّنُ أرْبَعَةَ أُمُورٍ: مَحَبَّتَهُ، والخُضُوعَ لَهُ، والإقْبالَ عَلَيْهِ، والإعْراضَ عَمّا سِواهُ، فَلا يَسْتَحِقُّ اسْمُ المُنِيبِ إلّا مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الأرْبَعُ، وتَفْسِيرُ السَّلَفِ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ يَدُورُ عَلى ذَلِكَ.
وَفِي اللَّفْظَةِ مَعْنى الإسْراعِ والرُّجُوعِ والتَّقَدُّمِ، والمُنِيبُ إلى اللَّهِ المُسْرِعُ إلى مَرْضاتِهِ، الرّاجِعُ إلَيْهِ كُلَّ وقْتٍ، المُتَقَدِّمُ إلى مُحابِّهِ.
قالَ صاحِبُ المَنازِلِ: الإنابَةُ في اللُّغَةِ الرُّجُوعُ، وهي هاهُنا الرُّجُوعُ إلى الحَقِّ.
وَهِيَ ثَلاثَةُ أشْياءَ: الرُّجُوعُ إلى الحَقِّ إصْلاحًا، كَما رَجَعَ إلَيْهِ اعْتِذارًا، والرُّجُوعُ إلَيْهِ وفاءً، كَما رَجَعَ إلَيْهِ عَهْدًا، والرُّجُوعُ إلَيْهِ حالًا، كَما رَجَعْتَ إلَيْهِ إجابَةً.
لَمّا كانَ التّائِبُ قَدْ رَجَعَ إلى اللَّهِ بِالِاعْتِذارِ والإقْلاعِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، كانَ مِن تَتِمَّةِ ذَلِكَ رُجُوعُهُ إلَيْهِ بِالِاجْتِهادِ، والنُّصْحِ في طاعَتِهِ، كَما قالَ ﴿إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا﴾ [الفرقان: ٧٠] وقالَ ﴿إلّا الَّذِينَ تابُوا وأصْلَحُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] فَلا تَنْفَعُ تَوْبَةٌ وبَطالَةٌ، فَلا بُدَّ مِن تَوْبَةٍ وعَمَلٍ صالِحٍ، تَرْكٍ لِما يَكْرَهُ، وفِعْلٍ لِما يُحِبُّ، تَخَلٍّ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وتَحَلٍّ بِطاعَتِهِ.
وَكَذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِالوَفاءِ بِعَهْدِهِ، كَما رَجَعْتَ إلَيْهِ عِنْدَ أخْذِ العَهْدِ عَلَيْكَ، فَرَجَعْتَ إلَيْهِ بِالدُّخُولِ تَحْتَ عَهْدِهِ أوَّلًا، فَعَلَيْكَ بِالرُّجُوعِ بِالوَفاءِ بِما عاهَدْتَهُ عَلَيْهِ ثانِيًا، والدِّينُ كُلُّهُ عَهْدٌ ووَفاءٌ، فَإنَّ اللَّهَ أخَذَ عَهْدَهُ عَلى جَمِيعِ المُكَلَّفِينَ بِطاعَتِهِ، فَأخَذَ عَهْدَهُ عَلى أنْبِيائِهِ ورُسُلِهِ عَلى لِسانِ مَلائِكَتِهِ، أوْ مِنهُ إلى الرَّسُولِ بِلا واسِطَةٍ كَما كَلَّمَ مُوسى، وأخَذَ عَهْدَهُ عَلى الأُمَمِ بِواسِطَةِ الرُّسُلِ، وأخَذَ عَهْدَهُ عَلى الجُهّالِ بِواسِطَةِ العُلَماءِ، فَأخَذَ عَهْدَهُ عَلى هَؤُلاءِ بِالتَّعْلِيمِ، وعَلى هَؤُلاءِ بِالتَّعَلُّمِ، ومَدَحَ المُوفِينَ بِعَهْدِهِ، وأخْبَرَ بِما لَهم عِنْدَهُ مِنَ الأجْرِ، فَقالَ ﴿وَمَن أوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ١٠]
وَقالَ ﴿وَأوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٤] وقالَ ﴿وَأوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذا عاهَدْتُمْ﴾ [النحل: ٩١]
وَقالَ ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾ [البقرة: ١٧٧].
وَهَذا يَتَناوَلُ عُهُودَهم مَعَ اللَّهِ بِالوَفاءِ لَهُ بِالإخْلاصِ والإيمانِ والطّاعَةِ، وعُهُودَهم مَعَ الخَلْقِ.
وَأخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ «أنَّ مِن عَلاماتِ النِّفاقِ الغَدْرَ بَعْدَ العَهْدِ».
فَما أنابَ إلى اللَّهِ مَن خانَ عَهْدَهُ وغَدَرَ بِهِ، كَما أنَّهُ لَمْ يُنِبْ إلَيْهِ مَن لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ عَهْدِهِ، فالإنابَةُ لا تَتَحَقَّقُ إلّا بِالتِزامِ العَهْدِ والوَفاءِ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: والرُّجُوعُ إلَيْهِ حالًا، كَما رَجَعْتَ إلَيْهِ إجابَةً.
أيْ هو سُبْحانَهُ قَدْ دَعاكَ فَأجَبْتَهُ بِلَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ قَوْلًا، فَلا بُدَّ مِنَ الإجابَةِ حالًا تُصَدِّقُ بِهِ المَقالَ، فَإنَّ الأحْوالَ تُصَدِّقُ الأقْوالَ أوْ تُكَذِّبُها، وكُلُّ قَوْلٍ فَلِصِدْقِهِ وكَذِبِهِ شاهِدٌ مِن حالِ قائِلِهِ، فَكَما رَجَعْتَ إلى اللَّهِ إجابَةً بِالمَقالِ، فارْجِعْ إلَيْهِ إجابَةً بِالحالِ.
قالَ الحَسَنُ: ابْنَ آدَمَ؟ لَكَ قَوْلٌ وعَمَلٌ، وعَمَلُكَ أوْلى بِكَ مِن قَوْلِكَ، ولَكَ سَرِيرَةٌ وعَلانِيَةٌ، وسَرِيرَتُكَ أمْلَكُ بِكَ مِن عَلانِيَتِكَ.
* [فَصْلٌ الرُّجُوعُ إلى اللَّهِ]
قالَ: وإنَّما يَسْتَقِيمُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ إصْلاحًا بِثَلاثَةِ أشْياءَ: بِالخُرُوجِ مِنَ التَّبِعاتِ، والتَّوَجُّعِ لِلْعَثَراتِ، واسْتِدْراكِ الفائِتاتِ.
والخُرُوجُ مِنَ التَّبِعاتِ هو بِالتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللَّهِ، وأداءِ الحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ لِلْخَلْقِ. والتَّوَجُّعُ لِلْعَثَراتِ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ:
أحَدَهُما: أنْ يَتَوَجَّعَ لِعَثْرَتِهِ إذا عَثَرَ، فَيَتَوَجَّعُ قَلْبُهُ ويَنْصَدِعُ، وهَذا دَلِيلٌ عَلى إنابَتِهِ إلى اللَّهِ، بِخِلافِ مَن لا يَتَألَّمُ قَلْبُهُ، ولا يَنْصَدِعُ مِن عَثْرَتِهِ، فَإنَّهُ دَلِيلٌ عَلى فَسادِ قَلْبِهِ ومَوْتِهِ.
الثّانِي: أنْ يَتَوَجَّعَ لِعَثْرَةِ أخِيهِ المُؤْمِنِ إذا عَثَرَ، حَتّى كَأنَّهُ هو الَّذِي عَثَرَ بِها ولا يَشْمَتُ بِهِ، فَهو دَلِيلٌ عَلى رِقَّةِ قَلْبِهِ وإنابَتِهِ.
واسْتِدْراكُ الفائِتاتِ هو اسْتِدْراكُ ما فاتَهُ مِن طاعَةٍ وقُرْبَةٍ بِأمْثالِها، أوْ خَيْرٍ مِنها ولاسِيَّما في بَقِيَّةِ عُمُرِهِ، عِنْدَ قُرْبِ رَحِيلِهِ إلى اللَّهِ، فَبَقِيَّةُ عُمُرِ المُؤْمِنِ لا قِيمَةَ لَها. يَسْتَدْرِكُ بِها ما فاتَ، ويُحْيِي بِها ما أماتَ.
* (فَصْلٌ)
قالَ: وإنَّما يَسْتَقِيمُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عَهْدًا بِثَلاثَةِ أشْياءَ: بِالخَلاصِ مِن لَذَّةِ الذَّنْبِ، وبِتَرْكِ الِاسْتِهانَةِ بِأهْلِ الغَفْلَةِ، تَخَوُّفًا عَلَيْهِمْ، مَعَ الرَّجاءِ لِنَفْسِكَ، بِالِاسْتِقْصاءِ في رُؤْيَةِ عِلَّةِ الخِدْمَةِ.
إذا صَفَتْ لَهُ الإنابَةُ إلى رَبِّهِ تَخَلَّصَ مِنَ الفِكْرَةِ في لَذَّةِ الذَّنْبِ، وعادَ مَكانَها ألَمًا وتَوَجُّعًا لِذَكَرِهِ، والفِكْرَةِ فِيهِ، فَما دامَتْ لَذَّةُ الفِكْرَةِ فِيهِ مَوْجُودَةً في قَلْبِهِ، فَإنابَتُهُ غَيْرُ صافِيَةٍ.
فَإنْ قِيلَ: أيُّ الحالَيْنِ أعْلى؟ حالُ مَن يَجِدُ لَذَّةَ الذَّنْبِ في قَلْبِهِ، فَهو يُجاهِدُها لِلَّهِ، ويَتْرُكُها مِن خَوْفِهِ ومَحَبَّتِهِ وإجْلالِهِ أوْ حالُ مَن ماتَتْ لَذَّةُ الذَّنْبِ في قَلْبِهِ وصارَ مَكانَها ألَمًا وتَوَجُّعًا وطُمَأْنِينَةً إلى رَبِّهِ، وسُكُونًا إلَيْهِ، والتِذاذًا بِحُبِّهِ، وتَنَعُّمًا بِذِكْرِهِ؟
قِيلَ: حالُ هَذا أكْمَلُ وأرْفَعُ، وغايَةُ صاحِبِ المُجاهَدَةِ أنْ يُجاهِدَ نَفْسَهُ حَتّى يَصِلَ إلى مَقامِ هَذا ومَنزِلَتِهِ، ولَكِنَّهُ يَتْلُوهُ في المَنزِلَةِ والقُرْبِ ومَنُوطٌ بِهِ.
فَإنْ قِيلَ: فَأيْنَ أجْرُ مُجاهِدَةِ صاحِبِ اللَّذَّةِ، وتَرْكِهِ مَحابَّهُ لِلَّهِ، وإيثارِهِ رِضى اللَّهِ عَلى هَواهُ؟ وبِهَذا كانَ النَّوْعُ الإنْسانِيُّ أفْضَلَ مِنَ النَّوْعِ المَلَكِيِّ عِنْدَ أهْلِ السُّنَّةِ وكانُوا خَيْرَ البَرِيَّةِ. والمُطْمَئِنُّ قَدِ اسْتَراحَ مِن ألَمِ هَذِهِ المُجاهَدَةِ وعُوفِيَ مِنها، فَبَيْنَهُما مِنَ التَّفاوُتِ ما بَيْنَ دَرَجَةِ المُعافى والمُبْتَلى.
قِيلَ: النَّفْسُ لَها ثَلاثَةُ أحْوالٍ: الأمْرُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ اللَّوْمُ عَلَيْهِ والنَّدَمُ مِنهُ، ثُمَّ الطُّمَأْنِينَةُ إلى رَبِّها والإقْبالُ بِكُلِّيَّتِها عَلَيْهِ، وهَذِهِ الحالُ أعْلى أحْوالِها، وأرْفَعُها وهي الَّتِي يُشَمِّرُ إلَيْها المُجاهِدُ، وما يَحْصُلُ لَهُ مِن ثَوابِ مُجاهَدَتِهِ وصَبْرِهِ فَهو لِتَشْمِيرِهِ إلى دَرَجَةِ الطُّمَأْنِينَةِ إلى اللَّهِ، فَهو بِمَنزِلَةِ راكِبِ القِفارِ، والمَهامِهِ والأهْوالِ لِيَصِلَ إلى البَيْتِ فَيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِرُؤْيَتِهِ والطَّوافِ بِهِ، والآخَرُ بِمَنزِلَةِ مَن هو مَشْغُولٌ بِهِ طائِفًا وقائِمًا، وراكِعًا وساجِدًا، لَيْسَ لَهُ التِفاتٌ إلى غَيْرِهِ، فَهَذا مَشْغُولٌ بِالغايَةِ، وذاكَ بِالوَسِيلَةِ، وكُلٌّ لَهُ أجْرٌ، ولَكِنْ بَيْنَ أجْرِ الغاياتِ وأجْرِ الوَسائِلِ بَوْنٌ.
وَما يَحْصُلُ لِلْمُطْمَئِنِّ مِنَ الأحْوالِ والعُبُودِيَّةِ والإيمانِ فَوْقَ ما يَحْصُلُ لِهَذا المُجاهِدِ نَفْسَهُ في ذاتِ اللَّهِ، وإنْ كانَ أكْثَرَ عَمَلًا، فَقَدْرُ عَمَلِ المُطْمَئِنِّ المُنِيبِ بِجُمْلَتِهِ وكَيْفِيَّتِهِ أعْظَمُ، وإنْ كانَ هَذا المُجاهِدُ أكْثَرَ عَمَلًا، وذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ، فَما سَبَقَ الصِّدِّيقُ الصَّحابَةَ بِكَثْرَةِ عَمَلٍ، وقَدْ كانَ فِيهِمْ مَن هو أكْثَرُ صِيامًا وحَجًّا وقِراءَةً وصَلاةً مِنهُ، ولَكِنْ بِأمْرٍ آخَرَ قامَ بِقَلْبِهِ، حَتّى إنَّ أفْضَلَ الصَّحابَةِ كانَ يُسابِقُهُ ولا يَراهُ إلّا أمامَهُ.
وَلَكِنَّ عُبُودِيَّةَ مُجاهِدِ نَفْسِهِ عَلى لَذَّةِ الذَّنْبِ والشَّهْوَةِ قَدْ تَكُونُ أشَقَّ، ولا يَلْزَمُ مِن مَشَقَّتِها تَفْضِيلُها في الدَّرَجَةِ، فَأفْضَلُ الأعْمالِ الإيمانُ بِاللَّهِ، والجِهادُ أشَقُّ مِنهُ وهو تالِيهِ في الدَّرَجَةِ، ودَرَجَةُ الصِّدِّيقِينَ أعْلى مِن دَرَجَةِ المُجاهِدِينَ والشُّهَداءِ، وفي مُسْنَدِ الإمامِ أحْمَدَ مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ ذَكَرَ الشُّهَداءَ فَقالَ «إنَّ أكْثَرَ شُهَداءِ أُمَّتِي لَأصْحابُ الفُرُشِ، ورُبَّ قَتِيلٍ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ اللَّهُ أعْلَمُ بِنِيَّتِهِ».
* [فَصْلٌ عَلاماتُ الإنابَةِ]
وَمِن عَلاماتِ الإنابَةِ تَرْكُ الِاسْتِهانَةِ بِأهْلِ الغَفْلَةِ والخَوْفُ عَلَيْهِمْ، مَعَ فَتْحِكَ بابَ الرَّجاءِ لِنَفْسِكَ، فَتَرْجُو لِنَفْسِكَ الرَّحْمَةَ، وتَخْشى عَلى أهْلِ الغَفْلَةِ النِّقْمَةَ، ولَكِنِ ارْجُ لَهُمُ الرَّحْمَةَ، واخْشَ عَلى نَفْسِكَ النِّقْمَةَ، فَإنْ كُنْتَ لا بُدَّ مُسْتَهِينًا بِهِمْ ماقِتًا لَهم لِانْكِشافِ أحْوالِهِمْ لَكَ، ورُؤْيَةِ ما هم عَلَيْهِ، فَكُنْ لِنَفْسِكَ أشَدَّ مَقْتًا مِنكَ لَهُمْ، وكُنْ أرْجى لَهم لِرَحْمَةِ اللَّهِ مِنكَ لِنَفْسِكَ.
قالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَنْ تَفْقَهَ كُلَّ الفِقْهِ حَتّى تَمْقُتَ النّاسَ في ذاتِ اللَّهِ، ثُمَّ تَرْجِعَ إلى نَفْسِكَ فَتَكُونَ لَها أشَدَّ مَقْتًا.
وَهَذا الكَلامُ لا يَفْقَهُ مَعْناهُ إلّا الفَقِيهُ في دِينِ اللَّهِ، فَإنَّ مَن شَهِدَ حَقِيقَةَ الخَلْقِ، وعَجْزَهم وضَعْفَهم وتَقْصِيرَهُمْ، بَلْ تَفْرِيطَهُمْ، وإضاعَتَهم لِحَقِّ اللَّهِ، وإقْبالَهم عَلى غَيْرِهِ، وبَيْعَهم حَظَّهم مِنَ اللَّهِ بِأبْخَسِ الثَّمَنِ مِن هَذا العاجِلِ الفانِي لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِن مَقْتِهِمْ، ولا يُمْكِنُهُ غَيْرُ ذَلِكَ ألْبَتَّةَ، ولَكِنْ إذا رَجَعَ إلى نَفْسِهِ وحالِهِ وتَقْصِيرِهِ، وكانَ عَلى بَصِيرَةٍ مِن ذَلِكَ كانَ لِنَفْسِهِ أشَدَّ مَقْتًا واسْتِهانَةً، فَهَذا هو الفَقِيهُ.
وَأمّا الِاسْتِقْصاءُ في رُؤْيَةِ عِلَلِ الخِدْمَةِ فَهو التَّفْتِيشُ عَمّا يَشُوبُها مِن حُظُوظِ النَّفْسِ، وتَمْيِيزُ حَقِّ الرَّبِّ مِنها مِن حَظِّ النَّفْسِ، ولَعَلَّ أكْثَرَها أوْ كُلَّها أنْ تَكُونَ حَظًّا لِنَفْسِكَ وأنْتَ لا تَشْعُرُ.
فَلا إلَهَ إلّا اللَّهُ، كَمْ في النُّفُوسِ مِن عِلَلٍ وأغْراضٍ وحُظُوظٍ تَمْنَعُ الأعْمالَ أنْ تَكُونَ لِلَّهِ خالِصَةً، وأنْ تَصِلَ إلَيْهِ؟ وإنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ العَمَلَ حَيْثُ لا يَراهُ بَشَرٌ ألْبَتَّةَ، وهو غَيْرُ خالِصٍ لِلَّهِ، ويَعْمَلُ العَمَلَ والعُيُونُ قَدِ اسْتَدارَتْ عَلَيْهِ نِطاقًا، وهو خالِصٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، ولا يُمَيِّزُ هَذا إلّا أهْلُ البَصائِرِ وأطِبّاءُ القُلُوبِ العالِمُونَ بِأدْوائِها وعِلَلِها.
فَبَيْنَ العَمَلِ وبَيْنَ القَلْبِ مَسافَةٌ، وفي تِلْكَ المَسافَةِ قُطّاعٌ تَمْنَعُ وصُولَ العَمَلِ إلى القَلْبِ، فَيَكُونُ الرَّجُلُ كَثِيرَ العَمَلِ، وما وصَلَ مِنهُ إلى قَلْبِهِ مَحَبَّةٌ ولا خَوْفٌ ولا رَجاءٌ، ولا زُهْدٌ في الدُّنْيا ولا رَغْبَةٌ في الآخِرَةِ، ولا نُورٌ يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ أوْلِياءِ اللَّهِ وأعْدائِهِ، وبَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، ولا قُوَّةٌ في أمْرِهِ، فَلَوْ وصَلَ أثَرُ الأعْمالِ إلى قَلْبِهِ لاسْتَنارَ وأشْرَقَ، ورَأى الحَقَّ والباطِلَ، ومَيَّزَ بَيْنَ أوْلِياءِ اللَّهِ وأعْدائِهِ، وأوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ المَزِيدَ مِنَ الأحْوالِ.
ثُمَّ بَيْنَ القَلْبِ وبَيْنَ الرَّبِّ مَسافَةٌ، وعَلَيْها قُطّاعٌ تَمْنَعُ وصُولَ العَمَلِ إلَيْهِ، مِن كِبْرٍ وإعْجابٍ وإدْلالٍ، ورُؤْيَةِ العَمَلِ، ونِسْيانِ المِنَّةِ، وعِلَلٍ خَفِيَّةٍ لَوِ اسْتَقْصى في طَلَبِها لَرَأى العَجَبَ، ومِن رَحْمَةِ اللَّهِ تَعالى سَتْرُها عَلى أكْثَرِ العُمّالِ، إذْ لَوْ رَأوْها وعايَنُوها لَوَقَعُوا فِيما هو أشَدُّ مِنها، مِنَ اليَأْسِ والقُنُوطِ والِاسْتِحْسارِ، وتَرْكِ العَمَلِ، وخُمُودِ العَزْمِ، وفُتُورِ الهِمَّةِ، ولِهَذا لَمّا ظَهَرَتْ " رِعايَةُ " أبِي عَبْدِ اللَّهِ الحارِثِ بْنِ أسَدٍ المُحاسِبِيِّ واشْتَغَلَ بِها العُبّادُ عُطِّلَتْ مِنهم مَساجِدُ كانُوا يَعْمُرُونَها بِالعِبادَةِ. والطَّبِيبُ الحاذِقُ يَعْلَمُ كَيْفَ يُطَبِّبُ النُّفُوسَ، فَلا يَعْمُرُ قَصْرًا ويَهْدِمُ مِصْرًا.
* (فَصْلٌ)
قالَ: وإنَّما يَسْتَقِيمُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ حالًا بِثَلاثَةِ أشْياءَ: بِالإياسِ مِن عَمَلِكَ، وبِمُعايَنَةِ اضْطِرارِكَ، وشَيْمِ بَرْقِ لُطْفِهِ بِكَ.
الإياسُ مِنَ العَمَلِ يُفَسَّرُ بِشَيْئَيْنِ:
أحَدِهِما: أنَّهُ إذا نَظَرَ بِعَيْنِ الحَقِيقَةِ إلى الفاعِلِ الحَقِّ، والمُحَرِّكِ الأوَّلِ، وأنَّهُ لَوْلا مَشِيئَتُهُ لَما كانَ مِنكَ فِعْلٌ، فَمَشِيئَتُهُ أوْجَبَتْ فِعْلَكَ لا مَشِيئَتَكَ بَقِيَ بِلا فِعْلٍ. فَهاهُنا تَنْفَعُ مُشاهَدَةُ القَدَرِ، والفَناءُ عَنْ رُؤْيَةِ الأعْمالِ.
والثّانِي: أنْ تَيْأسَ مِنَ النَّجاةِ بِعَمَلِكَ، وتَرى النَّجاةَ إنَّما هي بِرَحْمَتِهِ تَعالى وعَمَلِهِ وفَضْلِهِ، كَما في الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ «لَنْ يُنْجِيَ أحَدًا مِنكم عَمَلُهُ، قالُوا: ولا أنْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: ولا أنا، إلّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنهُ وفَضْلٍ» فالمَعْنى الأوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِبِدايَةِ الفِعْلِ، والثّانِي بِغايَتِهِ ومَآلِهِ.
وَأمّا مُعايَنَةُ الِاضْطِرارِ فَإنَّهُ إذا أيِسَ مِن عَمَلِهِ بِدايَةً، وأيِسَ مِنَ النَّجاةِ بِهِ نِهايَةً، شَهِدَ بِهِ في كُلِّ ذَرَّةٍ مِنهُ ضَرُورَةً تامَّةً إلَيْهِ، ولَيْسَتْ ضَرُورَتُهُ مِن هَذِهِ الجِهَةِ وحْدَها، بَلْ مِن جَمِيعِ الجِهاتِ، وجِهاتُ ضَرُورَتِهِ لا تَنْحَصِرُ بِعَدَدٍ، ولا لَها سَبَبٌ، بَلْ هو مُضْطَرٌّ إلَيْهِ بِالذّاتِ، كَما أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ غَنِيٌّ بِالذّاتِ، فَإنَّ الغِنى وصْفٌ ذاتِيٌّ لِلرَّبِّ، والفَقْرَ والحاجَةَ والضَّرُورَةَ وصْفٌ ذاتِيٌّ لِلْعَبْدِ.
قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ:
؎والفَقْرُ لِي وصْفُ ذاتٍ لازِمٌ أبَدًا ∗∗∗ كَما الغِنى أبَدًا وصْفٌ لَهُ ذاتِيٌّ
وَأمّا شَيْمُ بَرْقِ لُطْفِهِ بِكَ فَإنَّهُ إذا تَحَقَّقَ لَهُ قُوَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ، وأيِسَ مِن عَمَلِهِ والنَّجاةِ بِهِ، نَظَرَ إلى ألْطافِ اللَّهِ وشامَ بِرْقَها، وعَلِمَ أنَّ كُلَّ ما هو فِيهِ وما يَرْجُوهُ وما تَقَدَّمَ لَهُ لُطْفٌ مِنَ اللَّهِ بِهِ، ومِنَّةٌ مَنَّ بِها عَلَيْهِ، وصَدَقَةٌ تَصَدَّقَ بِها عَلَيْهِ بِلا سَبَبٍ مِنهُ، إذْ هو المُحْسِنُ بِالسَّبَبِ والمُسَبَّبِ، والأمْرُ لَهُ مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ، وهو الأوَّلُ والآخِرُ، لا إلَهَ غَيْرُهُ، ولا رَبَّ سِواهُ.
{"ayah":"۞ مُنِیبِینَ إِلَیۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُوا۟ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق